للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِذا ألْقى على ظهر الْمُصَلِّي قذراً أَو جيفة، بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ. قَوْله: (بسلى) ، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَفتح اللَّام مَقْصُورا: الْجلْدَة الرقيقة يكون فِيهَا الْوَلَد من الْمَوَاشِي. قَوْله: (عَلَيْك الْمَلأ) أَي: إلزم جَمَاعَتهمْ وأشرافهم أَي: أهلكهم.

٥٨٨٣ - حدَّثنا عُثْمانُ بنُ أبِي شَيْبَةَ حدَّثنا جَرِيرٌ عنْ مَنْصُورٍ حدَّثني سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ أوْ قَالَ حدَّثني الحَكَمُ عنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ قَالَ أمرَنِي عَبْدُ الرَّحْمانِ بنُ أبْزَى قَالَ سَلِ ابنَ عَبَّاسٍ عنِ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مَا أمْرُهُمَا: {ولَا تَقْتُلُوا النَّفُسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إلَاّ بالحَقِّ} (الْفرْقَان: ٨٦) . وَ {مَنْ يَقْتُلُ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً} (النِّسَاء: ٣٩) . فسَألْتُ ابنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَمَّا أُنْزِلَتِ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ قَالَ مُشْرِكُو أهْلِ مَكَّةَ فَقَدْ قَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله ودَعَوْنَا مَعَ الله إلاهَاً آخرَ وقَدْ أتَيْنَا الفَوَاحِشَ فأنْزَلَ الله إلَاّ مَنْ تابَ وآمَنَ الآيَةَ فَهَذِهِ لأِولَئِكَ وأمَّا الَّتِي فِي النِّساءِ الرَّجُلُ إذَا عَرَفَ الإسْلَامَ وشَرَائِعَهُ ثُمَّ قَتَلَ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمَ خالِدَاً فِيهَا فذَكَرْتُهُ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ إلَاّ مَنْ نَدِمَ. .

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (مشركو أهل مَكَّة: فقد قتلنَا النَّفس الَّتِي حرم الله) لِأَنَّهُ لم يَك فِي إيصالهم الْأَذَى للْمُسلمين أَشد من قَتلهمْ وتعذيبهم إيَّاهُم. وَقَالَ بَعضهم: وَالْغَرَض مِنْهُ أَي من هَذَا الحَدِيث الْإِشَارَة إِلَى أَن صَنِيع الْمُشْركين بِالْمُسْلِمين من الْقَتْل والتعذيب وَغير ذَلِك يسْقط عَنْهُم بِالْإِسْلَامِ. انْتهى. قلت: أَرَادَ بذلك بَيَان وَجه الْمُطَابقَة للتَّرْجَمَة، فَلَا مُطَابقَة بَينهمَا بِالْوَجْهِ الَّذِي ذكره أصلا، لِأَن التَّرْجَمَة لَيست بمعقودة لما ذكره.

وَعُثْمَان بن أبي شيبَة هُوَ أَخُو أبي بكر بن أبي شيبَة وَأَبُو شيبَة اسْمه إِبْرَاهِيم وَهُوَ جدهما لِأَنَّهُمَا ابْنا مُحَمَّد بن أبي شيبَة، وَكِلَاهُمَا من شُيُوخ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَالْحكم، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالْكَاف: هُوَ ابْن عتيبة الْكُوفِي وَعبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الزَّاي مَقْصُورا: مولى خُزَاعَة كُوفِي أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَصلى خَلفه، مر فِي التَّيَمُّم.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن آدم وَعَن عَبْدَانِ وَعَن سعد بن حَفْص، وَحَدِيثه أتم. وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَمُحَمّد بن بشار كِلَاهُمَا عَن غنْدر وَعَن هَارُون بن عبد الله. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْفِتَن عَن يُوسُف بن مُوسَى. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْمُحَاربَة وَفِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن الْمثنى بِهِ.

قَوْله: (أَو قَالَ: حَدثنِي الحكم) أَي: أَو قَالَ مَنْصُور: حَدثنِي الحكم بن عتيبة عَن سعيد بن جُبَير، الْحَاصِل أَن منصوراً شكّ فِي رِوَايَته بَين سعيد وَبَين الحكم حَيْثُ قَالَ: حَدثنِي سعيد بن جُبَير، أَو قَالَ: حَدثنِي الحكم عَن سعيد بن جُبَير. قَوْله: (مَا أَمرهمَا) أَي: مَا التَّوْفِيق بَينهمَا حَيْثُ دلّت الأولى على الْعَفو عِنْد التَّوْبَة، وَالثَّانيَِة على وجوب الْجَزَاء مُطلقًا. قَوْله: (وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِى حرم الله إلَاّ بِالْحَقِّ) ، كَذَا وَقع فِي الرِّوَايَة، وَالَّذِي وَقع فِي التِّلَاوَة وَهُوَ: {وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إلَاّ بِالْحَقِّ} (الْفرْقَان: ٨٦) . كَذَا فِي سُورَة الْفرْقَان. قَوْله: (قَالَ: لما أنزلت) جَوَاب ابْن عَبَّاس، وَهُوَ أَن الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان وَهِي الأولى فِي حق الْكفَّار، وَالَّتِي فِي سُورَة النِّسَاء وَهِي الثَّانِيَة فِي حق الْمُسلمين، وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن سعيد بن جُبَير، قَالَ: أَمرنِي عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى أَن أسأَل ابْن عَبَّاس عَن هَاتين الْآيَتَيْنِ: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} (النِّسَاء: ٣٩) . فَسَأَلته فَقَالَ: لم ينسخها شَيْء، وَعَن هَذِه الْآيَة: {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إل هَا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إلَاّ بِالْحَقِّ} (الْفرْقَان: ٨٦) . نزلت فِي أهل الشّرك، وَفِي رِوَايَة لَهُ: عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ نزلت هَذِه الْآيَة بِمَكَّة: {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إل هَا آخر} إِلَى قَوْله: {فِيهِ مهانا} (الْفرْقَان: ٨٦) . فَقَالَ الْمُشْركُونَ: وَمَا يُغني عَنَّا الْإِسْلَام وَقد عدلنا بِاللَّه وَقد قتلنَا النَّفس الَّتِي حرم الله، وآتينا الْفَوَاحِش. فَأنْزل الله تَعَالَى: {إلَاّ من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا ... } (الْفرْقَان: ٠٧) . إِلَى آخر الْآيَة، قَالَ: فَأَما من دخل فِي الْإِسْلَام وعقل ثمَّ قتل فَلَا تَوْبَة لَهُ، وَفِي رِوَايَة لَهُ عَن سعيد بن جُبَير، قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَلِمَنْ قتل مُؤمنا مُتَعَمدا من تَوْبَة؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فتلوت هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان: {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إل هَا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إلَاّ بِالْحَقِّ} (الْفرْقَان: ٨٦) . إِلَى آخر الْآيَة. قَالَ: هَذِه آيَة مَكِّيَّة نسختها آيَة مَدَنِيَّة: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} (النِّسَاء: ٣٩) . وَحَاصِل الْكَلَام أَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>