للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعد المبعث بِسنتَيْنِ قَوْله فَوق ظهر بَيْتِي قَالَ الدَّاودِيّ هُوَ غلط وَالْمَحْفُوظ على ظهر بيتنا ورد عَلَيْهِ ابْن التِّين بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنه الْآن بَيته وَكَانَ قبل ذَلِك لِأَبِيهِ وَقَالَ بَعضهم وَلَا يخفى عدم الِاحْتِيَاج إِلَى هَذَا التَّأْوِيل وَإِنَّمَا نسب ابْن عمر الْبَيْت إِلَى نَفسه مجَازًا أَو مُرَاده الْمَكَان الَّذِي كَانَ يأوي فِيهِ سَوَاء كَانَ ملكه أم لَا قلت الصَّوَاب مَعَ الدَّاودِيّ وَلَا وَجه للرَّدّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يخفى أَن ابْن عمر كَانَ عمره إِذْ ذَاك خمس سِنِين وَهُوَ لَا يُفَارق بَيت أَبِيه وَلَا وَجه لقَوْله بَيْتِي بإضافته إِلَى نَفسه وَلَا يحْتَاج إِلَى دَعْوَى الْمجَاز هُنَا من غير ضَرُورَة وَلَا نُكْتَة دَاعِيَة إِلَيْهِ وَلَا وَجه أَيْضا أَن يُقَال مُرَاد ابْن عمر الْمَكَان الَّذِي يأوي فِيهِ لِأَنَّهُ لم يكن يأوي إِلَّا فِي بَيت أَبِيه عَادَة خُصُوصا وَهُوَ ابْن خمس سِنِين قَوْله فجَاء رجل وَهُوَ الْعَاصِ بن وَائِل على مَا يُوضحهُ فِي آخر الحَدِيث قَوْله فَمَا ذَاك أَي فَلَا بَأْس عَلَيْهِ وَلَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ وَالْحَال أَنا لَهُ جَار بِالْجِيم وَتَخْفِيف الرَّاء وَالْجَار هُوَ الَّذِي أجرته من أَن يَظْلمه ظَالِم قَوْله تصدعوا عَنهُ أَي تفَرقُوا فَقلت من هَذَا الْقَائِل هُوَ عبد الله يسْأَل النَّاس عَن هَذَا الرجل الَّذِي عَلَيْهِ قبَاء من ديباج وتفرق النَّاس بِسَبَبِهِ قَوْله قَالُوا الْعَاصِ بن وَائِل أَي قَالُوا هُوَ الْعَاصِ بن وَائِل ويروى قلت يَا أَبَت من هَذَا جزاه الله خيرا قَالَ الْعَاصِ بن وَائِل لَا جزاه الله خيرا -

٣٨٦٦ - حدَّثنا يَحْيَى بنُ سُلَيْمانَ قَالَ حدَّثني ابنُ وَهْبٍ قَالَ حدَّثني عُمَرُ أنَّ سالِمَاً حدَّثَهُ عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ قَال مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَيءٍ قَطُّ يَقُولُ إنِّي لأَظُنُّهُ كذَا إلَاّ كانَ كَما يَظُنُّ بَيْنَمَا عُمَرُ جالِسٌ إذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ عُمَرُ لَقدْ أخْطأ ظَنِّي أوْ إنَّ هذَا علَى دِينِهِ فِي الجاهِلِيَّةِ أوْ لَقَدْ كانَ كاهِنَهُمْ علَيَّ الرَّجُلَ فدُعِيَ لَهُ فَقَالَ لهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ مَا رأيْتُ كالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ قَالَ فإنِّي أعْزِمُ علَيْكَ إلَاّ مَا أخْبَرْتَنِي قَالَ كُنْتُ كاهِنَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ قَالَ فَمَا أعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ قَالَ بَيْنَمَا أنَا يَوْمَاً فِي السُّوقُ جاءَتْنِي أعْرِفُ فِيهَا الفَزَعَ فقَالَتْ ألَمْ تَرَ الجِنَّ وإبْلَاسَهَا ويأسَهَا مِنْ بَعْدِ إنْكَاسِهَا ولُحوقَها بالْقِلاصِ وأحْلَاسَهَا قَالَ عُمَرُ صَدَقَ بَيْنَمَا أنَا عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إذْ جاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فذَبَحَهُ فصرَخَ بِهِ صارِخٌ لَمْ أسْمَعْ صارِخَاً قَطُّ أشَدَّ صَوْتَاً مِنْهُ يَقُولُ يَا جَلِيحْ أمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ فَصِيحْ يَقُولُ لَا إلاه إلَاّ الله فوَثَبَ القَوْمُ قُلْتُ لَا أبْرَحُ حَتَّى أعْلَمَ مَا ورَاءَ هذَا ثُمَّ نَادَى يَا جَليحْ أمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ فَصِيحْ يَقُولُ لَا إلاه إلَاّ الله فَقُمْتُ فَما نَشِبْنَا أنْ قِيلَ هاذَا نَبِيٌّ.

وَجه ذكر هَذَا الحَدِيث فِي الْبَاب مَا قبل أَن الْقِصَّة الَّتِي فِي هَذَا الحَدِيث هِيَ الَّتِي كَانَت سَببا لإسلام عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَيحيى شيخ البُخَارِيّ، وَابْن وهب قد مر ذكرهمَا عَن قريب، وَعمر هُوَ مُحَمَّد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَقَالَ الكلاباذي، أَي هُوَ عَمْرو بِالْوَاو ابْن الْحَارِث. قيل: هُوَ وهم. وَهُوَ من أَفْرَاده.

قَوْله: (لشَيْء) ، قَالَ بَعضهم: أَي: عَن شَيْء وَاللَّام قد تَأتي بِمَعْنى: عَن، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذين كفرُوا للَّذين آمنُوا} (العنكبوت: ١٢، الْأَحْقَاف: ١١) . قلت: لَا حَاجَة إِلَى الْعُدُول عَن مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ للتَّعْلِيل، أَي: لأجل شَيْء. قَوْله: (إلَاّ كَانَ كَمَا يظنّ) لِأَنَّهُ كَانَ من الْمُحدثين، وَقد تقدم فِي مناقبه أَنه كَانَ مُحدثا بِفَتْح الدَّال وَقد ذكرنَا أَن معنى الْمُحدثين الملهمون، والملهم هُوَ الَّذِي يلقِي فِي نَفسه الشي فيخبر بِهِ حدساً وفراسة. قَوْله: (بَيْنَمَا عمر) قد ذكرنَا غير مرّة أَن أَصله: بَين، فزيدت فِيهِ: مَا، ويضاف إِلَى جملَة إسمية وَهِي قَوْله: (عمر جَالس) وَقَوله: (إِذْ مر بِهِ) جَوَاب: بَيْنَمَا. وَهُوَ سَواد، بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو: ابْن قَارب، بِالْقَافِ وَالرَّاء الْمَكْسُورَة وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة: الدوسي، كَذَا قَالَ الْكَلْبِيّ، وَقَالَ ابْن أبي خَيْثَم: سَواد بن قَارب الدورسي من بني دوس، قَالَ أَبُو حَاتِم: لَهُ صُحْبَة، وَقَالَ عمر: كَانَ يتكهن فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ شَاعِرًا ثمَّ أسلم، وداعبه عمر بن الْخطاب يَوْمًا، وَقَالَ: مَا فعلت كهانتك يَا سَواد؟ فَغَضب وَقَالَ: مَا كُنَّا عَلَيْهِ نَحن وَأَنت يَا عمر من جاهليتنا وكفرنا شَرّ من الكهانة، فَمَا لَك تعيرني بِشَيْء تبت مِنْهُ وَأَرْجُو من الله الْعَفو عَنهُ؟ قَوْله: (لقد أَخطَأ ظَنِّي) أَي: فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>