للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَعائِرُ عَلَاماتٌ واحِدَتُها شَعِيرَةٌ

فسر شَعَائِر، الْمَذْكُورَة بقوله: ثمَّ أَشَارَ بِأَنَّهَا جمع وواحدتها: شعيرَة، بِفَتْح الشين وَكسر الْعين، هَكَذَا فَسرهَا أَبُو عُبَيْدَة، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: شَعَائِر الْحَج آثاره، وَقيل: هُوَ كل مَا كَانَ من أَعماله: كالوقوف وَالطّواف وَالسَّعْي وَالرَّمْي وَالذّبْح وَغير ذَلِك.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: الصفْوَانُ، الحَجَرُ ويُقالُ الحِجارَةُ المُلْسُ الَّتي لَا تُنْبِتُ شَيْئاً والوَاحِدَةُ صَفْوَانَةٌ بمَعْنَى الصَّفَا والصَّفا لِلْجَمِيعِ.

قَول ابْن عَبَّاس وَصله الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة. قَوْله: (الصفوان) ، بِفَتْح الصَّاد وَسُكُون الْفَاء، وَهُوَ جمع وواحده: صفوانه. وَقَالَ الطَّبَرِيّ: الصَّفَا وَاحِد، والمثنى صَفْوَان وَالْجمع أصفار وصفيا وصفيا، وَقيل: صفيا وصفيا من الْغَلَط الْقَبِيح وَالصَّوَاب صفي وصفي قلت: هَكَذَا الصَّوَاب، وَقَالَ ابْن الْأَثِير: الصفوان الْحجر الأملس، وَالْجمع صفي، وَقيل: هُوَ جمع واحده صفوانه قلت: هَذَا بِعَيْنِه قَول ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور. قَوْله: (الملس) ، بِضَم الْمِيم وَسُكُون اللَّام: جمع أملس. قَوْله: (والصفا للْجَمِيع) ، يَعْنِي: أَنه مَقْصُور جمع الصفاة: وَهِي الصَّخْرَة والصماء.

٤٤٩٥ - ح دَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عنْ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ أنَّهُ قَالَ قُلْتُ لِعائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَنا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ أرَأيْتِ قَوْلَ الله تَبارَكَ وَتَعَالَى إنَّ الصَّفا والمُرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ البَيْت أوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما فَما أُرَي عَلَي أحَدٍ شَيْئاً أنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِما فقالَتْ عائِشَةُ كَلا لوْ كانَتْ كَما تَقُولُ كانَتْ فَلَا جُناحَ عَلَيْهِ أنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِما إنَّما أنُزِلَتْ هاذِهِ الآيَةُ فِي الْأَنْصَار كانُوا يُهِلُّونَ لِمَناةَ وكانَتْ مَناةُ حَذْوَ قُدَيُدٍ وكانُوا يَتَحَرَّجُونَ أنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفا والمَرْوَةِ فَلَمَّا جاءَ الإسْلَامُ سألُوا رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عنْ ذالِكَ فأنْزَلَ الله {إنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَو اعْتَمَرَ فَلَا جُناح عَلَيْهِ أنْ يَطَّوَّفَ بِهِما} (الْبَقَرَة: ١٥٨) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث قد مضى فِي الْحَج مطولا فِي: بَاب وجود الصَّفَا والمروة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (إِن الصَّفَا) ، مَقْصُورا، مَكَان مُرْتَفع عِنْد بَاب الْمَسْجِد الْحَرَام وَهُوَ أنف من جبل أبي قبيس وَهُوَ الْآن إِحْدَى عشر دَرَجَة فَوْقهَا أَزجّ كإيوان، فَتْحة هَذَا الأزج نَحْو خمسين قدماً كَانَ عَلَيْهِ صنم على صُورَة رجل يُقَال لَهُ: أساف بن عَمْرو، وعَلى الْمَرْوَة صنم على صُورَة امْرَأَة تدعى: نائلة بنت ذِئْب، وَيُقَال: بنت سُهَيْل، زَعَمُوا أَنَّهُمَا زَنَيَا فِي الْكَعْبَة فمسخهما الله عز وَجل فوضعا على الصَّفَا والمروة ليعتبر بهما، فَلَمَّا طَالَتْ الْمدَّة عبدا. وَزعم عِيَاض: أَن قصيًّا حولهما فَجعل أَحدهمَا ملاصق الْكَعْبَة وَالْآخر بزمزم، وَقيل: جَعلهمَا بزمزم وَنحر عِنْدهمَا، فَلَمَّا فتح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مَكَّة كسرهما. وَفِي (تَفْسِير مقَاتل) : كَانَ على الصَّفَا صنم يُقَال لَهُ أساف، وعَلى الْمَرْوَة صنم يُقَال لَهُ نائلة، فَقَالَ الْكفَّار: إِنَّه حرج علينا أَن نطوف بهما، فَأنْزل الله تَعَالَى: {إِن الصَّفَا والمروة} الْآيَة، وَفِي: (فَضَائِل مَكَّة) : لرزين: لما زَنَيَا لم يُمْهل الله تَعَالَى أَن يفجرا فِيهَا فمسخهما، فأخرجا إِلَى الصَّفَا والمروة، فَلَمَّا كَانَ عَمْرو بن لحي نقلهما إِلَى الْكَعْبَة ونصبهما على زَمْزَم فَطَافَ النَّاس. قَوْله: (الْمَرْوَة) ، الْمَرْوَة الْحَصَاة الصَّغِيرَة يجمع قليلها على مروات وكثيرها مرو مثل: تَمْرَة وتمرات وتمر، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: الصَّفَا والمروة علمَان للجبلين كالصمان والمقطم، وَقيل: سمي الصَّفَا بِهِ لِأَنَّهُ جلس عَلَيْهِ آدم صفي الله عَلَيْهِ السَّلَام، والمروة سميت بهَا لِأَن حَوَّاء عَلَيْهَا السَّلَام، جَلَست عَلَيْهَا. وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) ، رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ فِي الْمَسْعَى سَبْعُونَ وثنا، فَقَالَ السملمون: يَا رَسُول الله! هَذِه الأرجاس الأنجاس فِي مسعانا وَنحن نتأثم مِنْهَا؟ فَأنْزل الله تَعَالَى: {فَلَا جنَاح عَلَيْهِ أَن يطوف بهما} أَي: فَلَا إِثْم عَلَيْهِ أَن يسع بَيْنَمَا وَيَطوف، فَأمر بهَا فنحيت عَن الْمَسْعَى، وَكَذَلِكَ فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>