للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَيَال، وَقيل: ثَلَاث سَاعَات، وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: اجْعَلُوهَا بَين آيَة الرِّبَا وَآيَة الدّين، وَقيل: أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَاشَ بعْدهَا أحد وَعشْرين يَوْمًا. فَإِن قلت: مَا التَّوْفِيق بَين قولي ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، الْمَذْكُورين؟ قلت: طَرِيق الْجمع بَينهمَا أَن هَذِه الْآيَة هِيَ ختام الْآيَات الْمنزلَة فِي الرِّبَا لِأَنَّهَا معطوفة عَلَيْهَا فَتدخل فِي حكمهَا. فَإِن قلت: روى عَن البراءان آخر آيَة نزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} (النِّسَاء: ١٧٦) على مَا سَيَأْتِي فِي آخر سُورَة النِّسَاء، فَمَا الْجمع بَينهمَا؟ قلت: قيل بِأَن الْآيَتَيْنِ نزلتا جَمِيعًا فَيصدق أَن كلاًّ مِنْهُمَا آخر بِالنِّسْبَةِ لما عداهما. وَفِيه تَأمل. قلت: إِن الآخرية أَمر نسبي كالأولية فَلَا يخفى صدق الآخرية على شَيْء بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا قبله. وَكَذَا يُجَاب عَمَّا قَالَ أبي بن كَعْب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، آخر آيَة نزلت {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} (التَّوْبَة: ١٢٨) .

٥٤

- (بابٌ: {وَإنْ تُبْدُوا مَا فِي أنْفُسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله فَيغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَالله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (الْبَقَرَة: ٢٨٤) ٢.

أَي: هَذَا بَاب فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِن تبدوا مَا فِي إنفسكم} إِلَى آخِره هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين أَن الْآيَة الْمَذْكُورَة سبقت إِلَى آخرهَا وَفِي رِوَايَة أبي ذَر إِلَى قَوْله: (أَو تُخْفُوهُ) فِي (تَفْسِير ابْن الْمُنْذر) عَن ابْن عَبَّاس ومولاه نزلت هَذِه الْآيَة فِي كتمان الشَّهَادَة. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم وروى عَن الشّعبِيّ ومقسم مثله وَفِي (صَحِيح مُسلم) عَن أبي هُرَيْرَة: لما نزلت هَذِه الْآيَة الْكَرِيمَة قَالَت الصحابية يَا رَسُول الله، كافنا من الْأَعْمَال مَا نطيق الصَّلَاة وَالصِّيَام وَالْجهَاد وَالصَّدَََقَة. وَقد أنزلت هَذِه الْآيَة لانطيقها. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَا أتريدون أَن تَقولُوا كَمَا قَالَ أهل الْكتاب من قبلكُمْ سمعنَا وعصينا؟ بل قُولُوا: {سمعنَا وأطعنا غفرانك رَبنَا وَإِلَيْك الْمصير} (الْبَقَرَة: ٢٨٥) فَلَمَّا أقرأها الْقَوْم زلت ألسنتهم فَأنْزل الله عز وَجل: {آمن الرَّسُول} إِلَى {وَإِلَيْك الْمصير} فَلَمَّا فعلوا ذَلِك نسخهَا الله تَعَالَى فَأنْزل {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} (الْبَقَرَة: ٢٨٦) إِلَى قَوْله: {أَخْطَأنَا} وَعند الواحدي الصَّحَابَة الَّذين قَالُوا ذَلِك أَبُو بكر وَعمر وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف ومعاذ بن جبل وناس من الْأَنْصَار، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَقَالُوا: مَا نزلت آيَة أَشد علينا من هَذِه الْآيَة، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَكَذَا أنزلت. فَقولُوا: سمعنَا وأطعنا. فَمَكَثُوا بذلك حولا فَأنْزل الله عزل وَجل الْفرج والراحة بقوله: {لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا} فنسخت هَذِه الْآيَة مَا قبلهَا. وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الله تجَاوز لأمتي مَا حدثت بِهِ أَنْفسهَا مَا لم يعملوا أَو يتكلموا بِهِ، وَعند النّحاس، قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا: هَذِه الْآيَة لم تنسخ، وَوجه مَا قَالَه بِأَن هَذِه الْآيَة خبر، وَالْأَخْبَار لَا يلْحقهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ. قيل: وَمن زعم أَن من الْأَخْبَار نَاسِخا هَذِه الْآيَة لم تنسخ، وَوجه مَا قَالَه بِأَن هَذِه الْآيَة خبر، وَالْأَخْبَار لَا يلْحقهَا نَاسخ وَلَا مَنْسُوخ قيل: وَمن زعم أَن من الأبخار نَاسِخا ومنسوخا فقد ألحد وأجهل. وَأجِيب بِأَنَّهُ وَإِن كَانَ خَبرا لكنه يتَضَمَّن حكما وَمهما كَانَ من الْأَخْبَار مَا يتَضَمَّن حكما أمكن دُخُول النّسخ فِيهِ كَسَائِر الْأَحْكَام وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يدْخلهُ النّسخ من الْأَخْبَار وَمَا كَانَ خَبرا مَحْضا لَا يتَضَمَّن حكما كالأخبار عَمَّا مضى من أَحَادِيث الْأُمَم وَنَحْو ذَلِك: وَقيل: يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بالنسخ فِي الحَدِيث التَّخْصِيص، فَإِن الْمُتَقَدِّمين يطلقون لفظ النّسخ عَلَيْهِ كثيرا وَفِي (تَفْسِير ابْن أبي حَاتِم) من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس: هَذِه الْآيَة لم تنسخ، وَلَكِن إِذا جمع الله الْخَلَائق يَقُول إِنِّي أخْبركُم مَا أخفيتم فِي أَنفسكُم مِمَّا لم يطلع عَلَيْهِ ملائكتي، فَأَما الْمُؤْمِنُونَ فيخبرهم ثمَّ يغْفر لَهُم، وَأما أهل الريب فيخبرهم بِمَا أخفوا من التَّكْذِيب فَذَلِك قَوْله: {يغْفر لمن يَشَاء ويعذب من يَشَاء} .

٤٥٤٥ - ح دَّثنا مُحَمَّدٌ حدَّثنا النُّفَيْلِيُّ حدَّثنا مِسْكِينٌ عنْ شُعْبَةَ عنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ عنْ رَجُلٍ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ ابنُ عُمَرَ أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ {وإنْ تُبْدُوا مَا فِي أنْفُسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ} الآيَةَ مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَمُحَمّد شيخ البُخَارِيّ الَّذِي ذكره مُجَردا هُوَ ابْن يحيى الذهلي قَالَ الكلاباذي وَقَالَ الْحَاكِم هُوَ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم البوشنجي وَقيل كَلَام أبي نعيم يقتضى أَنه مُحَمَّد بن إِدْرِيس أبي حَاتِم الرَّازِيّ فَإِنَّهُ أخرجه من طَرِيقه ثمَّ قَالَ أخرجه البُخَارِيّ عَن مُحَمَّد عَن النُّفَيْلِي وَقَالَهُ الجياني كَذَا هُوَ فِي أَكثر النّسخ يَعْنِي حَدثنَا مُحَمَّد حَدثنَا النُّفَيْلِي وَسقط من كتاب ابْن السكن -.

<<  <  ج: ص:  >  >>