للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِدِعَايَةِ الإسْلامِ أسْلِمْ تَسْلَمْ وَأسْلِمْ يُؤْتِكَ الله أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإنْ تَوَلَيْتَ فَإنَّ عَلَيْكَ إثْمَ الأرِيسيِّينَ وَيَا أهْلَ الكِتَابِ تَعَالوا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءِ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أنْ لَا نَعْبُدَ إلَاّ الله إلَى قَوْلِهِ اشْهَدُوا بأنَّا مُسْلِمُونَ فَلَمَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ ارْتَفَعَتِ الأصْوَاتُ عِنْدَهُ وَكَثُرَ اللَّفْظُ وَأُمِرَ بِنا فَأُخْرِجْنَا قَال فَقُلْتُ لأصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا لَقَدْ أُمِرَ أمْرُ ابنُ أبِي كَبْشَةَ أنَّهُ لَيخافُهُ مَلِكُ بَنِي الأصْفَرِ فَمَا زِلْتُ مُوقِنا بأمْرِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَيَظْهَرُ حَتَّى أدْخَلَ الله عَلَيَّ الإسْلامَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ فَدَعَا هرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لهُ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الرُّومِ هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاحِ وَالرُّشْدِ آخِرَ الأبَدِ وأنْ يَثبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ قَالَ فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إلَى الأبوَابِ فَوَجَدُوها قَدْ غُلِقَتْ فَقَال عَلَيَّ بِهِمْ فَدَعَا بِهِمْ فَقال إنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ فَقَدْ رَأيْتُ مِنْكُمْ الَّذِي أحْبَبْتُ فَسَجَدُوا لهُ وَرَضُوا عَنْهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَأخرجه من طَرِيقين. (الأول) : عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى أَبُو إِسْحَاق الْفراء عَن هِشَام بن يُوسُف عَن معمر بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ. الخ (وَالْآخر) : عَن عبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره، وَقد مر الحَدِيث فِي أول الْكتاب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ بأتم مِنْهُ عَن أبي الْيَمَان الحكم بن نَافِع عَن شُعَيْب بن أبي حَمْزَة عَن الزُّهْرِيّ إِلَى آخِره، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مطولا ولنذكر بعض شَيْء لطول الْمسَافَة.

قَوْله: (من فِيهِ إِلَى فِي) أَي: حَدثنِي حَال كَونه من فَمه إِلَى فمي وَأَرَادَ بِهِ شدَّة تمكنه من الإصغاء إِلَيْهِ. وَغَايَة قربه من تحديثه، وإلاّ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَة أَن يُقَال إِلَى أُذُنِي. قَوْله: (فِي الْمدَّة) أَي: فِي مُدَّة الْمُصَالحَة. قَوْله: (فَدُعِيت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (فِي نفر) كلمة فِي بِمَعْنى: مَعَ نَحْو ادخُلُوا فِي أُمَم أَي: مَعَهم، وَيجوز أَن يكون التَّقْدِير: فَدُعِيت فِي جملَة نفر، والنفر اسْم جمع يَقع على جمَاعَة من الرِّجَال خَاصَّة مَا بَين الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه. قَوْله: (فَدَخَلْنَا) الْفَاء فِيهِ تسمى فَاء الفصيحة لِأَنَّهَا تفصح عَن مَحْذُوف قبلهَا لِأَن التَّقْدِير: فجاءنا رَسُول هِرقل فطلبنا فتوجهنا مَعَه حَتَّى وصلنا إِلَيْهِ فَاسْتَأْذن لنا فَأذن فَدَخَلْنَا. قَوْله: (فأجلسنا) بِفَتْح اللَّام جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَالْمَفْعُول. قَوْله: (إِنِّي سَائل هَذَا) أَي: أَبَا سُفْيَان. قَوْله: (بترجمانه) هُوَ الَّذِي يترجم لُغَة بلغَة ويفسرها. قيل إِنَّه عَرَبِيّ. وَقيل: مُعرب وَهُوَ الْأَشْهر فعلى الأول النُّون زَائِدَة. قَوْله: (فَإِن كَذبَنِي) بتَخْفِيف الذَّال (فَكَذبُوهُ) بِالتَّشْدِيدِ. وَيُقَال: كذب. بِالتَّخْفِيفِ يتَعَدَّى إِلَى مفعولين مثل: صدق تَقول كَذبَنِي الحَدِيث وصدقني الحَدِيث. قَالَ الله: {لقد صدق الله رَسُوله الرُّؤْيَا} (الْفَتْح: ٢٧) وَكذب بِالتَّشْدِيدِ يتَعَدَّى إِلَى مفعول وَاحِد، وَهَذَا من الغرائب قَوْله: (لَوْلَا أَن يؤثروا عَليّ) ، بِصِيغَة الْجمع وَصِيغَة الْمَعْلُوم، ويروي: ويؤثر، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة بِصِيغَة الْإِفْرَاد على بِنَاء الْمَجْهُول. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: لَوْلَا أَن يؤثروا عني. أَي: لَوْلَا أَن يؤثروا عني ويحكوا قَوْله: (كَيفَ حَسبه) ؟ والحسب مَا يعده الْمَرْء من مفاخر آبَائِهِ. فَإِن قلت: ذكر فِي كتاب الْوَحْي، كَيفَ نسبه؟ قلت: الْحسب مُسْتَلْزم للنسب الَّذِي يحصل بِهِ الإدلاء إِلَى جِهَة الْآبَاء قَوْله: (فَهَل كَانَ من آبَائِهِ ملك) وَفِي رِوَايَة غير الْكشميهني (فِي آبَائِهِ ملك) ؟ . قَوْله: (يزِيدُونَ أَو ينقصُونَ) ؟ كَذَا فِيهِ بِإِسْقَاط همزَة الِاسْتِفْهَام. وَأَصله أيزيدون أَو ينقصُونَ، ويروى: (أم ينقصُونَ) . وَقَالَ ابْن مَالك: يجوز حذف همزَة الِاسْتِفْهَام مُطلقًا. وَقَالَ بَعضهم: لَا يجوز إِلَّا فِي الشّعْر. قَوْله: (هَل يرْتَد) ؟ إِلَى آخِره. فَإِن قلت:؟ لَم لمْ يسْتَغْن هِرقل عَن هَذَا السُّؤَال بقول أبي سُفْيَان: بل يزِيدُونَ؟ قلت: لَا مُلَازمَة بَين الارتداد وَالنَّقْص. فقد يرْتَد بَعضهم وَلَا يظْهر فيهم النَّقْص بِاعْتِبَار كَثْرَة من يدْخل وَقلة من يرْتَد، مثلا. قَوْله: (سخطَة لَهُ) ، يُرِيد أَن من دخل فِي الشَّيْء على بَصِيرَة يبعد رُجُوعه عَنهُ بِخِلَاف من لم يكن ذَلِك من صميم قلبه فَإِنَّهُ يتزلزل سرعَة، وعَلى هَذَا يحمل حَال من ارْتَدَّ من قُرَيْش، وَلِهَذَا لم يعرج أَبُو سُفْيَان على ذكرهم وَفِيهِمْ صهره زوج ابْنَته أم حَبِيبَة وَهُوَ عبد الله بن جحش فَإِنَّهُ كَانَ أسلم وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة وَمَات على

<<  <  ج: ص:  >  >>