للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على الْمَقْتُول من ذَنْب؟ قلت: هَذَا الحَدِيث لَا أصل لَهُ. قَالَه الْخطابِيّ من الْمُحدثين. فَإِن قلت: روى الْبَزَّار بِإِسْنَادِهِ من حَدِيث عُرْوَة ابْن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا. قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل الصَّبْر لَا يمر بذنب إلَاّ محاه. قلت: هَذَا لَا يَصح، وَلَئِن صَحَّ فَمَعْنَاه أَن الله يكفر عَن الْمَقْتُول بإثم الْقَتْل ذنُوبه فإمَّا أَنه يحمل على الْقَاتِل فَلَا.

دَائِرَةٌ دَوْلَةٌ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يَقُولُونَ نخشى أَن تصيبنا دَائِرَة} (الْمَائِدَة: ٥٢) ثمَّ فَسرهَا بقوله: دولة، وَهَكَذَا فسره السّديّ: رَوَاهُ ابْن أبي حَاتِم عَن أَحْمد بن عُثْمَان بن حَكِيم عَن أَحْمد بن مفضل حَدثنَا أَسْبَاط عَن السّديّ بِهِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ الإغْرَاءُ التَّسْلِيطُ

أَشَارَ بِلَفْظ الإغراء إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فاغرينا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة} (الْمَائِدَة: ١٤) وَفسّر الإغراء بالتسليط، وَفِي التَّفْسِير قَوْله: فأغرينا. أَي: القينا وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: فاغرينا. الصقنا وألزمنا، من غرى بالشَّيْء إِذا لزمَه فلصق بِهِ، وأغراه بِهِ غَيره وَمِنْه الغرى الَّذِي يلصق بِهِ. فَإِن قلت: مَا أَرَادَ بقوله. وَقَالَ غَيره؟ وَمن هُوَ هَذَا الْغَيْر؟ وَإِلَى أَي شَيْء يرجع الضَّمِير؟ قلت: قَالَ صَاحب (التَّوْضِيح) لَعَلَّه يَعْنِي: لَعَلَّ البُخَارِيّ يَعْنِي بِالْغَيْر من فسر مَا قبله، وَقد نَقَلْنَاهُ عَن قَتَادَة. انْتهى قلت: قَتَادَة لم يذكر صَرِيحًا فِيمَا قبله حَتَّى يرجع الضَّمِير إِلَيْهِ. وَلَا ذكر فِيمَا قبله مَا يصلح أَن يرجع إِلَيْهِ الضَّمِير، وَالظَّاهِر أَن هُنَا شَيْئا سقط من النساخ، وَالصَّوَاب: أَن هَذَا لَيْسَ من البُخَارِيّ، وَلِهَذَا لم يذكر فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ وَلَا فِي بعض النّسخ، وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله عقيب هَذَا، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَخْمَصَة مجاعَة، مَذْكُورا قبل قَوْله، وَقَالَ غَيره: أَي: قَالَ غير ابْن عَبَّاس: الإغراء التسليط، وَوَقع من النَّاسِخ أَنه أخر هَذَا وَقدم ذَاك، وَيُقَوِّي هَذَا الِاحْتِمَال مَا وَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْفربرِي بِالْإِجَازَةِ. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَخْمَصَة مجاعَة. وَقَالَ غَيره الإغراء التسليط، وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب لَا مرية فِيهِ.

أُجُورَهُنَّ مُهُورَهُنَّ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ محصنين غير مسافحين} (الْمَائِدَة: ٥) وَفسّر الأجور بالمهور، وَهَكَذَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، رَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن غيلَان: حَدثنَا أَبُو صَالح حَدثنِي مُعَاوِيَة عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

المُهَيْمِنُ الأمِينُ القُرْآنُ أمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتابٍ قَبْلَهُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {ومهيمنا عَلَيْهِ} (الْمَائِدَة: ٤٨٤) وَفَسرهُ بقوله الْأمين. وَقَالَ فِي (فَضَائِل الْقُرْآن) قَالَ قَالَ ابْن عَبَّاس الْمُهَيْمِن الْأمين. وَقَالَ عبد بن حميد حَدثنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق سَمِعت التَّيْمِيّ سَمِعت ابْن عَبَّاس، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: حَدثنَا أَبُو صَالح حَدثنَا مُعَاوِيَة عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس قَوْله عز وَجل: {ومهيمنا عَلَيْهِ} قَالَ الْمُهَيْمِن الْأمين، الْقُرْآن أَمِين على كل كتاب قبله، وَقَالَ الْخطابِيّ: أَصله مؤيمن، فقلبت الْهمزَة هَاء لِأَن الْهَاء أخف من الْهمزَة وَهُوَ على وزن مسيطر ومبيطر، قَالَ ابْن قُتَيْبَة وَآخَرُونَ، مهيمن مفيعل يَعْنِي بِالتَّصْغِيرِ من أَمِين، قلبت همزته هَاء وَقد أنكر ذَلِك ثَعْلَب فَبَالغ حَتَّى نسب قَائِله إِلَى الْكفْر لِأَن الْمُهَيْمِن من الْأَسْمَاء الْحسنى وَأَسْمَاء الله تَعَالَى لَا تصغر، وَالْحق أَنه أصل بِنَفسِهِ لَيْسَ مبدلاً من شَيْء وأصل الهيمنة الْحِفْظ والارتقاب، يُقَال: هيمن فلَان على فلَان إِذا صَار رقيبا عَلَيْهِ فَهُوَ مهيمن، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة لم يَجِيء فِي كَلَام الْعَرَب على هَذَا الْبناء إلَاّ أَرْبَعَة أَلْفَاظ: مبيطر ومسيطر ومهيمن ومبيقر، وَقَالَ الْأَزْهَرِي: الْمُهَيْمِن من صِفَات الله تَعَالَى، وَقَالَ بعض الْمُفَسّرين: الْمُهَيْمِن الشَّهِيد وَالشَّاهِد، وَقيل: الرَّقِيب، وَقيل: الحفيظ.

قَالَ سُفْيَانُ مَا فِي الْقُرْآنِ آيَّةٌ أشَدُّ عَلَيَّ مِنْ {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} (الْمَائِدَة: ٦٨) [/ ح.

إِنَّمَا كَانَ أَشد عَلَيْهِ لما فِيهِ من تكلّف الْعلم بِأَحْكَام التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَالْعَمَل بهَا، وَأول الْآيَة: {قل يَا أهل الْكتاب لَسْتُم

<<  <  ج: ص:  >  >>