للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطّيب من الْمُؤمنِينَ فَيجْعَل الْفَرِيق الْخَبيث بعضه على بعض فيركمه جَمِيعًا حَتَّى يتراكبوا فَيَجْعَلهُ فِي جَهَنَّم، وَالضَّمِير الْمَنْصُوب فِي: فيركمه، يرجع إِلَى الْفَرِيق الْخَبيث.

شَرِّدْ فَرِّقْ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فإمَّا تثقفنهم فِي الْحَرْب فشرد بهم من خَلفهم لَعَلَّهُم يذكرُونَ} (الْأَنْفَال: ٥٧) وَفسّر لفظ: شرد بقوله: فرق، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وَقَالَ الزّجاج: تفعل بهم فعلا من الْقَتْل والتفريق، قَالَ: وَهُوَ بذال مُعْجمَة ومهملة لُغَتَانِ، وَفِي التَّفْسِير: أَي نكل بهم، كَذَا فسره ابْن عُيَيْنَة، وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَالضَّحَّاك وَالسُّديّ وَعَطَاء الْخُرَاسَانِي: مَعْنَاهُ غلظ عقوبتهم وأثخنهم قتلا ليخاف من سواهُم من الْأَعْدَاء من الْعَرَب وَغَيرهم.

وإِنْ جَنَحُوا طَلَبُوا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لهاوتوكل على الله} (الْأَنْفَال: ٦١) وَفسّر: جنحوا، بقوله: طلبُوا، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَي إِن رجعُوا إِلَى المسالمة وطلبوا الصُّلْح، وَفِي التَّفْسِير: أَي وَإِن مالوا إِلَى المسالمة والمهادنة فاجنح لَهَا أَي، مل إِلَيْهَا وَاقْبَلْ مِنْهُم ذَلِك.

يُثْخِنَ يَغْلِبَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى حَتَّى يثخن فِي الأَرْض} (الْأَنْفَال: ٦٧) وَفسّر قَوْله: يثخن، بقوله: يغلب، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وروى ابْن أبي حَاتِم عَن منْجَاب بن الْحَارِث عَن بشر بن عمَارَة عَن أبي روق عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس بِلَفْظ: يظْهر على الأَرْض.

وَقَالَ مجاهِدٌ مُكاءً إدْخالُ أصابِعِهِمْ فِي أفْوَاهِهِمْ: وتَصْدِيَةَ الصَّفِيرُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت إلَاّ مكاء وتصدية فَذُوقُوا الْعَذَاب بِمَا كُنْتُم تكفرون} (الْأَنْفَال: ٣٥) وَفسّر: المكاء، بقوله: إِدْخَال أَصَابَهُم فِي أَفْوَاههم، قَالَه عبد الله بن عَمْرو ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بن جُبَير وَأَبُو رَجَاء العطاردي وَمُحَمّد بن كَعْب الْقرظِيّ وَحجر بن عَنْبَس ونبيط بن شريط وَقَتَادَة بن زيد بن أسلم: المكاء، الصفير وَزَاد مُجَاهِد: وَكَانُوا يدْخلُونَ أَصَابِعهم فِي أَفْوَاههم، والتصدية فَسرهَا البُخَارِيّ بقوله: الصفير، وَكَذَا فَسرهَا مُجَاهِد رَوَاهُ عبد بن حميد من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَنهُ، وَفَسرهُ أَبُو عُبَيْدَة بالتصفيق حَيْثُ قَالَ: التصدية صفق الأكف، وَقَالَ ابْن جرير بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عمر: المكاء الصفير والتصدية التصفيق، وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْن عَبَّاس فِي هَذِه الْآيَة: كَانَت قُرَيْش تَطوف بِالْبَيْتِ عُرَاة تصفر وتصفق.

لِيُثْبِتُوكَ ليَحْبِسوكَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: {وَإِذا يمكر بك الَّذين كفرُوا ليثبتوك أَو يَقْتُلُوك أَو يخرجوك} (الْأَنْفَال: ٣٠) الْآيَة وَفسّر قَوْله: (ليثبتوك) بقوله: ليحبسوك، وَبِه فسر عَطاء وَابْن زيد، وَقَالَ السّديّ: الْإِثْبَات هُوَ الْحَبْس والوثاق، وَقَالَ ابْن عَبَّاس وَمُجاهد وَقَتَادَة: ليثبتوك ليقيدوك، وَقَالَهُ سنيد عَن حجاج عَن ابْن جريج، قَالَ عَطاء: سَمِعت عبيد بن عُمَيْر يَقُول: لما ائْتَمرُوا بِالنَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ليثبتوه أَو يقتلوه أَو يخرجوه قَالَ لَهُ عَمه أَبُو طَالب: هَل تَدْرِي مَا ائتمر بك؟ قَالَ: يُرِيدُونَ أَن يسجروني أَو يقتلوني أَو يُخْرِجُونِي، قَالَ: من خبرك بِهَذَا؟ قَالَ: رَبِّي، قَالَ: نعم الرب رَبك اسْتَوْصِ بِهِ خيرا، قَالَ: أَنا أستوصي بِهِ؟ بل هُوَ يستوصي بِي. وَرَوَاهُ ابْن جرير أَيْضا بِإِسْنَادِهِ إِلَى عبيد بن عُمَيْر عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة نَحوه، وَقَالَ ابْن كثير: ذكر أبي طَالب هُنَا غَرِيب جدا بل مُنكر لِأَن هَذِه الْآيَة مَدَنِيَّة ثمَّ إِن هَذِه الْقِصَّة واجتماع قُرَيْش على هَذَا الائتمار والمشاورة على الْإِثْبَات أَو النَّفْي أَو الْقَتْل إِنَّمَا كَانَ لَيْلَة الْهِجْرَة سَوَاء، وَكَانَ ذَلِك بعد موت أبي طَالب بِنَحْوِ من ثَلَاث سِنِين لما تمكنوا مِنْهُ واجترؤوا عَلَيْهِ بِسَبَب موت عَمه أبي طَالب الَّذِي كَانَ يحوطه وينصره وَيقوم بأعبائه، وَاعْلَم أَن هَذِه الْأَلْفَاظ وَقعت فِي كثير من النّسخ مُخْتَلفَة بِحَسب تَقْدِيم بَعْضهَا على بعض وَتَأْخِير بَعْضهَا عَن بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>