للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَلَيْهِ من وَكَانَ يَقُول حِجَارَة سجيلا لِأَنَّهُ لَا يُقَال حِجَارَة من شَدِيد (قلت) يُمكن أَن يكون فِيهِ حذف تَقْدِيره وَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِم حِجَارَة كائنة من شَدِيد كَبِير يَعْنِي من حجر قوي شَدِيد صلب قَوْله " سجيل وسجين " أَرَادَ بِهِ أَنَّهُمَا لُغَتَانِ بِاللَّامِ وَالنُّون بِمَعْنى وَاحِد قَوْله " وَاللَّام وَالنُّون أختَان " إِشَارَة إِلَى أَنَّهُمَا من حُرُوف الزَّوَائِد وَأَن كلا مِنْهُمَا يقلب عَن الآخر وَاسْتشْهدَ على ذَلِك بقول تَمِيم بن مقبل بن حبيب بن عَوْف بن قُتَيْبَة بن العجلان بن كَعْب بن عَامر بن صعصعة العامري الْعجْلَاني شَاعِر مخضرم أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام وَكَانَ أَعْرَابِيًا جَافيا أحد الْغَوْر من الشُّعَرَاء المجيدين وَالْبَيْت الْمَذْكُور من جملَة قصيدته الَّتِي ذكر فِيهَا ليلى زوج أَبِيه وَكَانَ خلف عَلَيْهَا فَلَا فرق الْإِسْلَام بَينهمَا قَالَ

(طَاف الخيال بِنَا ركبا يَمَانِيا ... وَدون ليلى عواد لَو تعدينا)

(مِنْهُنَّ مَعْرُوف آيَات الْكتاب وَإِن ... نعتل تكذب ليلى بِمَا تمنينا)

إِلَى أَن قَالَ

(وعاقد التَّاج أوسام لَهُ شرف ... من سوقة النَّاس عَادَته عوادينا)

(فَإِن فِينَا صَبُوحًا إِن أريت بِهِ ... ركبا بهيا وآلاف تمانينا)

(ورجلة يضْربُونَ الْبيض ضاحية ... ضربا توَاصى بِهِ الْأَبْطَال سجينا)

وَهِي من الْبَسِيط والاستشهاد فِي قَوْله سجينا لِأَنَّهُ بِمَعْنى شَدِيدا كثيرا قَوْله " ورجلة " قَالَ الْكرْمَانِي الرجلة بِمَعْنى الرجالة ضد الفرسان (قلت) هُوَ بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْجِيم وَلَيْسَ بِمَعْنى الرجالة بل بِمَعْنى الرجل بِدُونِ التَّاء وَفِي الأَصْل الرجل جمع راجل خلاف الْفَارِس مثل صحب جمع صَاحب وَالظَّاهِر أَنه بِضَم الرَّاء وَالتَّقْدِير وَذَوي رجلة أَي رجولية وَيُقَال راجل جيد الرجلة بِالضَّمِّ يَعْنِي كَامِل فِي الرجولية وَقَالَ الْكرْمَانِي وَهُوَ بِالْجَرِّ وَقيل بِالنّصب مَعْطُوفًا على مَا قبله وَهُوَ قَوْله فَإِن فِينَا صَبُوحًا (قلت) وَلم يبين وَجه الْجَرّ وَالظَّاهِر أَن الْوَاو فِيهِ وَاو رب أَي رب ذَوي رجلة وَحكى ابْن التِّين بِالْحَاء الْمُهْملَة وَلم يبين وَجهه فَإِن صَحَّ ذَلِك فوجهه أَن يُقَال تَقْدِيره وَذَوي رحْلَة بِالضَّمِّ أَي قُوَّة وَشدَّة يُقَال نَاقَة ذَات رحْلَة أَي ذَات شدَّة وَقُوَّة على السّير وَحكى هَذَا عَن أبي عَمْرو قَوْله " الْبيض " بِكَسْر الْبَاء جمع أَبيض وَهُوَ السَّيْف وَيجوز بِفَتْح الْبَاء جمع بَيْضَة الْحَدِيد قَوْله " ضاحية " أَي فِي وَقت الضحوة أَو ظَاهِرَة قَوْله " توَاصى " أَصله تتواصى فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ ويروى تواصت بِالتَّاءِ فِي آخِره قَوْله " الْأَبْطَال " جمع بَطل وَهُوَ الشجاع قَوْله " سجينا " بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْجِيم وَقَالَ الْحسن بن المظفر النَّيْسَابُورِي كَأَنَّهُ هُوَ فعيل من السجْن يثبت من وَقع فِيهِ فَلَا يبرح مَكَانَهُ وَقَالَ المؤرخ سجيل وسجين أَي دَائِم وَرَوَاهُ ابْن الْأَعرَابِي سخينا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَي سخينا حارا يَعْنِي الضَّرْب وَقَالَ ابْن قُتَيْبَة السجيل بِالْفَارِسِيَّةِ سنك كل أَي حِجَارَة وطين (قلت) سنك بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون النُّون وبالكاف الصماء وَهُوَ الْحجر بِالْفَارِسِيَّةِ وكل بِكَسْر الْكَاف الصماء وَسُكُون اللَّام الطين فَلَمَّا عرب كسرت السِّين لِأَن الْعَرَب إِذا اسْتعْملت لفظا أعجميا يتصرفون فِيهِ بتغيير الحركات وقلب بعض الْحُرُوف بِبَعْض وَذكروا أقوالا فِي لفظ سجيل الْمَذْكُور فِي الْآيَة الْكَرِيمَة وأمطرنا عَلَيْهِم حِجَارَة من سجيل فَفِي التَّلْوِيح وَاخْتلف فِي لفظ سجيل فَقيل هُوَ دخيل وَقيل هُوَ عَرَبِيّ وَقيل هُوَ الْحِجَارَة كالمدر وَقيل حِجَارَة من سجيل طبخت بِنَار جَهَنَّم مَكْتُوب عَلَيْهَا أَسمَاء الْقَوْم وَقَالَ الْحسن أَصله طين شوى وَقَالَ الضَّحَّاك يَعْنِي الْآجر وَقَالَ ابْن زيد طبخ حَتَّى صَار كالآجر وَقيل اسْم للسماء الدُّنْيَا وَقَالَ عِكْرِمَة سجيل بَحر مُعَلّق فِي الْهَوَاء بَين السَّمَاء وَالْأَرْض مِنْهُ نزلت الْحِجَارَة وَقيل هِيَ جبال فِي السَّمَاء وَهِي الَّتِي أَشَارَ الله عز وَجل إِلَيْهَا بقوله {وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا من برد} وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ قيل هُوَ فعيل من قَول الْعَرَب أسجلته إِذا أَرْسلتهُ فَكَأَنَّهَا مُرْسلَة عَلَيْهِم وَقيل هُوَ من سجلت لَهُ سجلا إِذا أَعْطيته كَأَنَّهُمْ أعْطوا ذَلِك الْبلَاء وَالْعَذَاب وَقَالَ الْقَزاز سجيل عَال

(استعمركم جعلكُمْ عمارا أعمرته الدَّار فَهِيَ عمرى جَعلتهَا لَهُ) أَشَارَ إِلَى قَوْله تَعَالَى {هُوَ أنشأكم من الأَرْض واستعمركم فِيهَا فاستغفروه} الْآيَة وَفَسرهُ بقوله جعلكُمْ عمارا وَهَكَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>