للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{فَضرب الله على آذانهم فَنَامُوا} هَذِه إشاءة إِلَى قَوْله تَعَالَى: {فضربنا على آذانهم فِي الْكَهْف سِنِين عددا} (الْكَهْف: ١١) هَذَا من فصيحات الْقُرْآن الَّتِي أقرَّت الْعَرَب بالقصور عَن الْإِتْيَان بِمثلِهِ، وَمَعْنَاهُ: أنمناهم وسلطنا عَلَيْهِم النّوم، كَمَا يُقَال: ضرب الله فلَانا بالفالج، أَي: ابتلاه بِهِ وأرسله عَلَيْهِ، وَقيل: مَعْنَاهُ حجبناهم عَن السّمع وسددها نُفُوذ الصَّوْت إِلَى مسامعهم، وَهَذَا وصف الْأَمْوَات والنيام.

وَقَالَ غَيْرُهُ وألَتْ تَثِلُ تَنْجُو: وَقَالَ مُجاهِدٌ مَوْئلاً مَحْرِزاً

أَي: وَقَالَ غير ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {بل لَهُم موعد لن يَجدوا من دونه موئلاً} (الْكَهْف: ٨٥) أَرَادَ أَن لفظ موئلاً مُشْتَقّ من: (وألت تئل) من بَاب فعل يفعل بِفَتْح الْعين فِي الْمَاضِي وَكسرهَا فِي الْمُسْتَقْبل، وَمعنى: (تئل تنجو) وَقَالَ الْجَوْهَرِي: وأل إِلَيْهِ يئل وَألا ووؤلاً على فعول، أَي: لَجأ، والموئل الملجأ. قَوْله: (وَقَالَ مُجَاهِد موئلاً محرزا) يَعْنِي مَعْنَاهُ: محرزا، وَعَن قَتَادَة مَعْنَاهُ ملْجأ وَرجح ابْن قُتَيْبَة هَذَا الْمَعْنى.

لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً لَا يَعْقِلُونَ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {الَّذين كَانَت أَعينهم فِي غطاء عَن ذكري وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سمعا} وَفسّر قَوْله: (لَا يَسْتَطِيعُونَ سمعا) بقوله: (لَا يعْقلُونَ) وَفِي التَّفْسِير وصف الله الْكَافرين بقوله: الَّذين كَانَت أَعينهم فِي غطاء. أَي: غشاء وغفلة عَن ذكري، أَي: عَن الْإِيمَان وَالْقُرْآن لَا يَسْتَطِيعُونَ أَي: لَا يُطِيقُونَ أَن يسمعوا كتاب الله عز وَجل ويتدبرونه ويؤمنون بِهِ لغَلَبَة الشَّقَاء عَلَيْهِم، وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم.

١ - (بابُ قوْلِهِ عَزّ وجَلَّ: {وكانَ الإنْسانُ أكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} (الْكَهْف: ٤٥)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلاً} أَي: خُصُومَة فِي الْبَاطِل، نزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث وَكَانَ جداله فِي الْقُرْآن، قَالَه ابْن عَبَّاس، وَقيل: فِي أبي بن خلف وَكَانَ جداله فِي الْبَعْث.

٤٢٧٤ - حدَّثنا عليُّ بن عبْدِ الله حدَّثنا يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ بن سَعْدٍ حدَّثنا أبي عنْ صالِحٍ عنِ ابنِ شِهابٍ قَالَ أخبرَني عليُّ بنُ حُسَيْنٍ أنَّ حُسَيْنَ بنَ علِيّ أخبرَهُ عنْ عليّ رَضِي الله عنهُ أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طَرَقَهُ وفاطِمَةَ قَالَ ألَا تُصَلِّيانِ.

هَذَا الحَدِيث ذكره هُنَا مُخْتَصرا. وَقد مضى بأتم مِنْهُ فِي الصَّلَاة فِي: بَاب تحريض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على قيام اللَّيْل، وَفِي آخِره: {وَكَانَ الْإِنْسَان أَكثر شَيْء جدلاً} وَهَذَا هُوَ وَجه الْمُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة وَإِن لم يذكر صَرِيحًا.

وَعلي بن عبد الله هُوَ الْمَدِينِيّ، وَيَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان، وَابْن شهَاب هُوَ مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ، وَعلي بن حُسَيْن هُوَ عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، سمع أَبَاهُ وَمضى الْكَلَام فِي الحَدِيث هُنَاكَ، قَوْله: (طرقه) أَي: أَتَاهُ لَيْلًا.

رَجْماً بالغَيْبِ لَمْ يَسْتَبِنْ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَيَقُولُونَ خَمْسَة سادسهم كلبهم رجماً بِالْغَيْبِ} (الْكَهْف: ٢٢) وَفَسرهُ بقوله: (لم يستبن) وَقيل: قذفا بِالظَّنِّ من غير يَقِين وَهَذَا لم يثبت فِي رِوَايَة أبي ذَر.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَاتبع هَوَاهُ وَكَانَ أمره فرطا} (الْكَهْف: ٨٢) نزلت فِي عُيَيْنَة بن حُصَيْن بن بدر الْفَزارِيّ قبل أَن يسلم، قَالَه ابْن جريج، وَفسّر قَوْله: فرطا بقوله: ندماً وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق دَاوُد بن أبي هِنْد فِي قَوْله: (فرطا) أَي: ندامة، وَعَن أبي عُبَيْدَة تضييعاً وإسرافاً، وَعَن مُجَاهِد: ضيَاعًا، وَعَن السّديّ إهلاكاً.

سُرَادِقُها

<<  <  ج: ص:  >  >>