للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كسب وَاخْتِيَار، وَإِنَّمَا الْمَعْنى: أَن الله أثْبته فِي أم الْكتاب قبل كَونه، وَحكم بِأَن ذَلِك كَائِن لَا محَالة لعلمه السَّابِق، فَهَل يجوز أَن يصدر عني خلاف علم الله؟ فَكيف تغفل عَن الْعلم السَّابِق وتذكر الْكسْب الَّذِي هُوَ السَّبَب وتنسى الأَصْل الَّذِي هُوَ الْقدر؟ قَوْله: (فحج آدم مُوسَى عَلَيْهِمَا السَّلَام) ، هَكَذَا الرِّوَايَة بِرَفْع آدم على الفاعلية فِي جَمِيع كتب الحَدِيث بِاتِّفَاق الناقلين والرواة والشراح، أَي: غَلبه بِالْحجَّةِ وَظهر عَلَيْهِ بهَا، ومُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، مَال فِي لومه إِلَى الْكسْب وآدَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، مَال إِلَى الْقدر، وَكِلَاهُمَا حق لَا يبطل أَحدهمَا صَاحبه وَمَتى قضي للقدر على الْكسْب أخرج إِلَى مَذْهَب الْقَدَرِيَّة، أَو للكسب على الْقدر أخرج إِلَى مَذْهَب الجبرية، وَإِنَّمَا وَقعت الْغَلَبَة لآدَم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه لَيْسَ لمخلوق أَن يلوم مخلوقاً فِيمَا قضى عَلَيْهِ إلَاّ أَن يَأْذَن الشَّرْع بلومه فَيكون الشَّرْع هُوَ اللائم. الثَّانِي: أَن الْفِعْل اجْتمع فِيهِ الْقدر وَالْكَسْب، وَالتَّوْبَة تمحو أثر الْكسْب، فَلَمَّا تيب عَلَيْهِ لم يبْق إلَاّ الْقدر، وَالْقدر لَا يتَوَجَّه إِلَيْهِ لوم. قَوْله: (واليم الْبَحْر) ، إِنَّمَا أورد هَذَا فِي آخر الحَدِيث إِشَارَة إِلَى تَفْسِير مَا وَقع فِي كتاب الله تَعَالَى من قَوْله: {فاقذفيه فِي اليم} (طه: ٩٣) وَفسّر بِأَن المُرَاد من اليم هُوَ الْبَحْر، وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ: اليم نهر النّيل، قيل: وَمَوْضِع ذكر هَذَا فِي الْبَاب الْآتِي وَذكره هُنَا لَيْسَ بموجه. قلت: المُرَاد باليم فِي الْبَاب الْآتِي هُوَ بَحر القلزم وَالَّذِي ذكره هُنَا هُوَ النّيل أطلق عَلَيْهِ الْبَحْر لتبحره أَيَّام الزِّيَادَة، وَالله أعلم.

٢ - (بابُ قَوْلِهِ: {وأوْحَيْنا إِلَى مُوسَى أنْ أسْرِ بِعِبادِي فاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي البَحْرِ يَبَساً لَا تَخَافُ دَرَكاً وَلَا تَخْشَى فأتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ اليَمِّ مَا غَشِيَهُمْ وأضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} (طه: ٧٧ ٩٧)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَلَقَد أَوْحَينَا} وَالْقُرْآن هَكَذَا وَوَقع هُنَا: وأوحينا، بِدُونِ لفظ: لقد، وَقد وَقع فِي رِوَايَة أبي ذَر مثل مَا فِي الْقُرْآن. قَوْله: (أَن أسر بعبادي) أَي: أسر بهم فِي اللَّيْل من أَرض مصر. قَوْله: (يبساً) أَي: يَابسا لَيْسَ فِيهِ مَاء وَلَا طين. قَوْله: (لَا تخَاف) أَي: من فِرْعَوْن خَلفك. قَوْله: (دركاً) ، أَي: إدراكاً مِنْهُم. قَوْله: (وَلَا تخشى) أَي: غرقاً من الْبَحْر أمامك. قَوْله: (فاتبعهم) ، أَي: فلحقهم فِرْعَوْن بجُنُوده. قَوْله: (فغشيهم) ، أَي: أَصَابَهُم. قَوْله: (وَمَا هدى) أَي: وَمَا هدَاهُم إِلَى مراشدهم.

٧٣٧٤ - حدَّثني يَعْقُوبُ بنُ إبْرَاهِيمَ حَدثنَا رَوْحٌ حدَّثنا شُعْبَةُ حَدثنَا أبُو بِشْرٍ عنْ سعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ لمَّا قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم المدِينَةَ واليَهُودُ تَصُومُ عاشُورَاءَ فَسألَهُمْ فقالُوا هاذا اليَوْمُ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَحْنُ أوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ فَصُومُوهُ..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، يُمكن أَخذهَا من مَضْمُون التَّرْجَمَة، وروح، بِفَتْح الرَّاء: ابْن عبَادَة، وَأَبُو بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة: جَعْفَر بن أبي وحشية. والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الصّيام فِي: بَاب صِيَام عَاشُورَاء، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي معمر عَن عبد الْوَارِث عَن أَيُّوب عَن عبد الله بن سعيد بن جُبَير عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، وَقد مضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ، وَالله أعلم.

٣ - (بابُ قَوْلِهِ: {فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى} (طه: ٧١١)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {فَلَا يخرجنكما} أَي: الشَّيْطَان، وَالْخطاب لآدَم وحواء عَلَيْهِمَا الصَّلَاة وَالسَّلَام، قَوْله: (فتشقى) ، أَي: فتتعب وَيكون عيشك من كد يَمِينك بعرق جبينك، وَعَن سعيد بن جُبَير: أهبط إِلَى آدم ثَوْر وأحمر فَكَانَ يحرث عَلَيْهِ وَيمْسَح الْعرق من جَبينه، فَهُوَ الشَّقَاء الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى: {وَكَانَ حَقه أَن يَقُول: فتشقيا} ، وَلَكِن غلب الْمُذكر رُجُوعا بِهِ إِلَى آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لِأَن تَعبه أَكثر، وَقيل: لأجل رُؤُوس الْآي.

٨٣٧٤ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ بنُ سعِيدٍ حَدثنَا أيُّوبُ بنُ النّجَّارِ عنْ يَحْيَى بن أبي كَثِيرٍ عنْ أبي سَلَمَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>