للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّذِي لم يتهيأ واستئناسكم للْحَدِيث يُؤْذِي النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ويشوش عَلَيْهِ. قَوْله: (فيستحيي مِنْكُم) ، أَن يَقُول لكم قومُوا (وَالله لَا يستحيي من الْحق) أَي: لَا يتْرك تأديبكم وحملكم على الْحق وَلَا يمنعهُ ذَاك مِنْهُ. قَوْله: (وَإِذ سَأَلْتُمُوهُنَّ) ، أَي: إِذا سَأَلْتُم نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب) وَرُوِيَ أَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَمر نسَاء النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالحجاب، فَقَالَت زَيْنَب يَا ابْن الْخطاب أتغار علينا وَالْوَحي ينزل فِي بُيُوتنَا؟ فَأنْزل الله تَعَالَى: {وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعا فَاسْأَلُوهُنَّ من وَرَاء حجاب} قَوْله: {ذَلِكُم طهر لقلوبكم وقلوبهن} يَعْنِي: من الرِّيبَة. قَوْله: (وَمَا كَانَ لكم) ، يَعْنِي: وَمَا يَنْبَغِي لكم وَمَا يصلح لكم أَن تُؤْذُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْأَشْيَاء وَلَا أَن تنْكِحُوا أَزوَاجه من بعده أبدا نزلت فِي رجل كَانَ يَقُول: لَئِن توفّي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَتَزَوَّجَن عَائِشَة، زعم مقَاتل أَنه طَلْحَة بن عبيد الله. قَوْله: (إِن ذَلِكُم) ، أَي: إِن نِكَاح أَزوَاجه بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كَانَ عِنْد الله عَظِيما) .

يُقالُ إناهُ إدْرَاكُهُ أنَى يأنى أَنَاة

أَرَادَ بذلك تَفْسِير لَفْظَة أَتَاهُ. فِي قَوْله: {غير ناظرين أناه} (الْأَحْزَاب: ٣٥) وَفَسرهُ بقوله: (إِدْرَاكه) أَي: إِدْرَاك وَقت الطَّعَام، يُقَال: (أَنى) فِي الْمَاضِي بِفَتْح الْهمزَة وَالنُّون مَقْصُورا (إياني) مضارعه بِكَسْر النُّون. قَوْله: (أَنَاة) ، مصدر بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف النُّون وَآخره هَاء تَأْنِيث: كَذَا ضبطوه وَقَالُوا: أَنه مصدر وَلكنه لَيْسَ بمصدر. أَنِّي يأنى الَّذِي قَالَه البُخَارِيّ فَإِنَّهُ مصدره بِكَسْر الْهمزَة على مَا تَقول وَسُكُون النُّون الْمَفْتُوحَة، والأناءة الِاسْم مثل قَتَادَة، وَهُوَ الثَّانِي فِي الْأَمر، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: أَنى يأني أناه، أَي: حَان، وأنى أَيْضا أدْرك، قَالَ تَعَالَى: {غير ناظرين أناه} ، وَيُقَال أَيْضا إِنِّي الْحَمِيم، أَي: انْتهى حره. قَالَ تَعَالَى: {حميم آن} (الْأَحْزَاب: ٣٥) وآناء يؤنيه إيناه أَخّرهُ وحبسه وأبطاه، وآناه اللَّيْل ساعاته قَالَ الْأَخْفَش: وَاحِدهَا أَنِّي مثل معي، وَقيل: وَاحِدهَا آني وانو.

لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {يَسْأَلك النَّاس عَن السَّاعَة قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد الله وَمَا يدْريك لَعَلَّ السَّاعَة تكون قَرِيبا} (الْأَحْزَاب: ٣٦) قَوْله: (يَسْأَلك النَّاس) ، أَي: الْمُشْركُونَ. قَوْله: (عَن السَّاعَة) ، أَي: عَن وَقت قيام السَّاعَة استعجالاً على سَبِيل الْهمزَة، وَالْيَهُود كَانُوا يسْأَلُون امتحانا لِأَن الله عمَّى وَقتهَا فِي التَّوْرَاة، وَفِي كل كتاب، ثمَّ بَين الله تَعَالَى لرَسُوله أَنَّهَا قريبَة الْوُقُوع تهديدا للمستعجلين.

إذَا وَصَفْتَ صِفَةَ المُؤَنَثِ قُلْتَ قَرِيبَةً وَإذا جَعَلْتَهُ ظَرْفا أوْ بَدلاً وَلَمْ تُرِدِ الصِفَةَ نَزَعَتْ الهَاءَ مِنَ المُؤَنَّثِ وَكَذَلِكَ لَفْظُها فِي الوَاحِدِ وَالاثْنَيْنِ وَالجَمِيعِ لِلذِّكَرِ وَالأُنْثَى.

هَذَا كُله من قَوْله: {لَعَلَّ السَّاعَة} إِلَى قَوْله: (وَالْأُنْثَى) لم يَقع إلَاّ لأبي ذَر والنسفي، وَلم يذكرهُ غَيرهمَا وَهُوَ الصَّوَاب من أوجه: الأول: أَن قَوْله: {لَعَلَّ السَّاعَة تكون قَرِيبا} إِن كَانَ فِي هَذِه السُّورَة وَلَكِن ذكره فِي هَذَا الْموضع لَيْسَ بموجه لِأَن الْأَحَادِيث الَّتِي ذكرهَا بعد هَذَا كلهَا مُتَعَلقَة بالترجمة الَّتِي ذكرت قبله، والفاصل بَينهمَا كالفاصل بَين الْعَصَا ولحائها. الثَّانِي: أَن هَذَا الَّذِي ذكره فِي تذكير لفظ قَرِيبا، لَيْسَ كَمَا يَنْبَغِي، وَالَّذِي ذكره المهرة فِي فن الْعَرَبيَّة أَن قَرِيبا على وزن فعيل وفعيل إِذا كَانَ بِمَعْنى مفعول يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذكر والمؤنث كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {أَن رَحْمَة الله قريب من الْمُحْسِنِينَ} (الْأَعْرَاف: ٦٥) الثَّالِث: أَن قَوْله: إِذا جعلته ظرفا، لَيْسَ على الْحَقِيقَة لِأَن لفظ: قريب، لَيْسَ بظرف أصلا فِي الأَصْل، وَلِهَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله: قَرِيبا، أَي: شَيْئا قَرِيبا، أَو لِأَن السَّاعَة فِي معنى الْيَوْم أَو فِي زمَان قريب، وَهَذَا هروب من إِطْلَاق لفظ الظّرْف على قريب حَيْثُ أجَاب ثَلَاثَة أجوبة عَن قَول من يَقُول أَن لفظ قريب مُذَكّر والساعة مؤنث، وَكَذَلِكَ لاحظ أَبُو عُبَيْدَة هَذَا الْمَعْنى هُنَا حَيْثُ قَالَ: مجازه مجَاز الظّرْف هَاهُنَا، وَلَو كَانَ وَصفا للساعة لقَالَ: قريبَة، وَإِذا كَانَت ظرفا فَإِن لَفظهَا فِي الْوَاحِد وَفِي الِاثْنَيْنِ وَالْجمع من الْمُذكر والمؤنث وَاحِد بِغَيْر هَاء وَبِغير جمع وَبِغير تَثْنِيَة. قَوْله: (أَو بَدَلا) ، أَي: عَن الصّفة يَعْنِي: جعلته اسْما مَكَان الصّفة وَلم تقصد الوصفية يستوى فِيهِ الْمُذكر والمؤنث والتثنية وَالْجمع.

٠٩٧٤ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أنَسٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ الله عَنهُ قُلْتُ يَا رَسُولَ الله

<<  <  ج: ص:  >  >>