للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْقُرْآن وَقَالَ السّديّ: الَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ جِبْرِيل، عَلَيْهِ السلاة، جَاءَ بِالْقُرْآنِ، وَصدق بِهِ يَعْنِي مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، تَلقاهُ بِالْقبُولِ. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ. يَعْنِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جَاءَ بِلَا إلاه إلَاّ الله وَصدق بِهِ هُوَ أَيْضا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بلغه إِلَى الْخلق وَعَن عَليّ بن أبي طَالب وَأبي الْعَالِيَة والكلبي، وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَصدق بِهِ أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعَن قَتَادَة وَمُقَاتِل: وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَصدق بِهِ الْمُؤْمِنُونَ، وَعَن عَطاء، وَالَّذِي جَاءَ بِالصّدقِ الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَصدق بِهِ الأتباع، فعلى هَذَا يكون الَّذِي بِمَعْنى الَّذين كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وخضتم كَالَّذي خَاضُوا} (التَّوْبَة: ٩٦) قَوْله: (يَقُول هَذَا الَّذِي) إِلَى آخِره، فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ لَا غير.

متَشاكِسُونَ الرَّجُلُ الشَّكِسُ العَسِرُ لَا يَرْضَى بالإنْصافِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: (رجلا فِيهِ شُرَكَاء متشاكسون) (الزمر: ٩٢) ، أَي: مُخْتَلفُونَ، فقد ذَكرْنَاهُ الْآن. قَوْله: (الشكس) ، أَشَارَ بِهِ إِلَى أَنه من مَادَّة متشاكسون غير أَن الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن من بَاب التفاعل للمشاركة بَين الْقَوْم. والشكس مُفْرد صفة مشبهة. قَالَ فِي (الباهر) : رجل شكس، بِالْفَتْح والتسكين: صَعب الْخلق، وَقوم شكس بِالضَّمِّ مِثَال رجل صدق وَقوم صدق، وَقيل: الشكس بِالْكَسْرِ والإسكان، والشكس بِالْفَتْح وَكسر الْكَاف: السيء يُقَال: شكس شكسأ وشكاسة، وَفسّر البُخَارِيّ الشكس بقوله: (الْعسر لَا يرضى بالإنصاف) والعسر مثل الحذر صفة مشبهة، ويروى: العسير على وزن فعيل، وَفِي بعض النّسخ: وَقَالَ غَيره: الشكس. قَالَ صَاحب (التَّلْوِيح) : يَعْنِي غير مُجَاهِد فَكَأَنَّهُ وَالله أعلم يُرِيد بِالْغَيْر عبد الرَّحْمَن بن زيد بن زيد بن أسلم فَإِن الطَّبَرِيّ رَوَاهُ عَن يُونُس عَن ابْن وهب عَنهُ.

ورَجُلاً سَلماً ويُقالُ سالِماً صالِحاً

لَيْسَ هَذَا بمذكور فِي غَالب من النّسخ لِأَنَّهُ كالمكر لِأَنَّهُ ذكر عَن قريب، وَلَكِن يُمكن أَن يُقَال: إِنَّه أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن سين، سلما، جَاءَ فِيهَا الْفَتْح وَالْكَسْر فَيكون أَحدهمَا إِشَارَة إِلَى الْكسر وَالْآخر إِلَى الْفَتْح، وَقَالَ الزّجاج: سلما وسلماً مصدران وصف بهما على معنى، ورجلاً ذَا سلم.

اشْمَأزَّتْ نفَرَتْ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَإِذا ذكر الله وَحده اشمأزت قُلُوب الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة} (الزمر: ٥٤) الْآيَة، وَفَسرهُ بقوله: نفرت وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَن مُحَمَّد: حَدثنَا أَحْمد حَدثنَا أَسْبَاط عَن السّديّ وَعَن مُجَاهِد، قَالَ: انقبضت، وَعَن قَتَادَة أَي: كفرت قُلُوبهم واستكبرت.

بِمَفازَتِهِمْ مِنَ الفَوْزِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وينجي الله الَّذين اتَّقوا بمفازتهم} (الزمر: ١٦) ، أَي: فوزهم وَهُوَ مصدر ميمي قَرَأَ أهل الْكُوفَة إلَاّ حفصاً بِالْألف على الْجمع، وَالْبَاقُونَ بِغَيْر الْألف على الْوَاحِد.

حافِّين مُطِيفِينَ بِحِفافَيْهِ بِجَوَانِبِهِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَترى الْمَلَائِكَة حافين من حول الْعَرْش} (الزمر: ٥٧) وَفسّر: (حافين) ، بقوله: (مطيفين) من الإطافة وَهُوَ الدوران حول الشَّيْء. قَوْله: (بحفافية) ، بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وبالفاء المخففة وَبعد الْألف فَاء أُخْرَى تَثْنِيَة حفاف وَهُوَ الْجَانِب، وَفِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي: بجانبيه، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة والأصيلي بجوانبه أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله: (بجوانبه) وَأَشَارَ إِلَى أَن معنى متشابهاً وَهُوَ أَيْضا مثل التَّفْسِير لما قبله، وَفِي رِوَايَة النَّسَفِيّ: بحافته.

مُتَشابِهاً لَيْسَ مِنَ الاشْتِبَاهِ ولاكِنْ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضاً فِي التَّصْدِيقِ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {الله نزل أحسن الحَدِيث كتابا متشابهاً} (الزمر: ٣٢) وَأَشَارَ إِلَى أَن معنى: متشابهاً لَيْسَ من الِاشْتِبَاه الَّذِي بِمَعْنى الالتباس والاختلاط، وَلَكِن مَعْنَاهُ أَنه يشبه بعضه بَعْضًا فِي التَّصْدِيق لِأَن الْقُرْآن يُفَسر بعضه بَعْضًا، وَقيل: فِي تَصْدِيق الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي رسَالَته بِسَبَب إعجازه، وَكَذَا رَوَاهُ ابْن جرير عَن ابْن حميد عَن جرير عَن يَعْقُوب عَن جَعْفَر عَن سعيد بن جُبَير.

<<  <  ج: ص:  >  >>