للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبدا، فِيهِ يركب يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالُوا: أَي عظم هُوَ؟ قَالَ: عجب الذَّنب، رَوَاهُ مُسلم. قَوْله: (فِيهِ يركب الْخلق) ، لَا يُعَارضهُ حَدِيث سلمَان: إِن أول مَا خلق من آدم رَأسه، لِأَن هَذَا فِي حق آدم وَذَاكَ فِي حق بنيه، وَقيل: المُرَاد بقول سُلَيْمَان: نفخ الرّوح فِي آدم لَا خلق جسده.

٠٤ - (سورَةُ المُؤْمِنِ)

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة الْمُؤمن، وَفِي بعض النّسخ الْمُؤمن، بِغَيْر لفظ: سُورَة، وَفِي بَعْضهَا: سُورَة الْمُؤمن حم.

(بِسم الله الرحمان الرَّحِيم)

لم تثبت الْبَسْمَلَة إلَاّ لأبي ذَر، وَهِي مَكِّيَّة بِلَا خلاف، وَقَالَ السخاوي: نزلت بعد الزمر وَقبل حم السَّجْدَة وَبعد السَّجْدَة الشورى ثمَّ الزخرف ثمَّ الدُّخان ثمَّ الجاثية ثمَّ الْأَحْقَاف، وَهِي أَرْبَعَة آلَاف وَتِسْعمِائَة وَسِتُّونَ حرفا، وَألف وَمِائَة وتسع وَتسْعُونَ كلمة، وَخمْس وَثَمَانُونَ آيَة.

قَالَ مُجاهِدٌ: حم مَجازُها مَجازُ أوَائِلِ السُّوَرِ

قَوْله: (حم) فِي مَحل الِابْتِدَاء: (ومجازها) ، مُبْتَدأ ثَان. وَقَوله: (مجَاز أَوَائِل السُّور) ، خَبره، وَالْجُمْلَة خبر الْمُبْتَدَأ الأول، ومجازها بِالْجِيم وَالزَّاي أَي: طريقها أَي حكمهَا حكم سَائِر الْحُرُوف الْمُقطعَة الَّتِي فِي أَوَائِل السُّور للتّنْبِيه على أَن هَذَا الْقُرْآن من جنس هَذِه الْحُرُوف، وَقيل: القرع الْعَصَا عَلَيْهِم. وَعَن عِكْرِمَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: حم إسم من أَسمَاء الله تَعَالَى، وَهِي مِفْتَاح خَزَائِن رَبك، جلّ جَلَاله، وَعَن ابْن عَبَّاس: هُوَ إسم الله الْأَعْظَم، وَعنهُ: قسم أقسم الله بِهِ، وَعَن قَتَادَة: إسم من أَسمَاء الْقُرْآن، وَعَن الشّعبِيّ: شعار السُّورَة، وَعَن عَطاء الْخُرَاسَانِي: الْحَاء افْتِتَاح أَسمَاء الله تَعَالَى: حَلِيم وَحميد وَحي وحنان وَحَكِيم وحفيظ وحبِيب، وَالْمِيم افْتِتَاح اسْمه: مَالك ومجيد ومنان. وَعَن الضَّحَّاك وَالْكسَائِيّ: مَعْنَاهُ قضى مَا هُوَ كَائِن، كَأَنَّهُمَا أَرَادَا الْإِشَارَة إِلَى: حم، بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْمِيم.

ويُقالُ: بَلْ هُوَ إسْمٌ، لِقَوْلِ شُرَيْحِ بنِ أبي أوْفَى العَبْسِيِّ:

(يُذَكِّرُني حامِيمَ والرُّمْحُ شاجِرٌ ... فَهَلَاّ تَلَا حامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ)

الْقَائِلُونَ بِأَن لفظ: حم إسم هم الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ الْآن، وَاسْتدلَّ على ذَلِك بقول الشَّاعِر الْمَذْكُور حَيْثُ وَقع لفظ: حم، فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَنْصُوبًا على المفعولية، وَكَذَا قَرَأَ عِيسَى بن عمر: أَعنِي بِفَتْح الْمِيم، وَقيل: يجوز أَن يكون لالتقاء الساكنين. قلت: الْقَاعِدَة أَن السَّاكِن إِذا حرك حرك بِالْكَسْرِ، وَيجوز الْفَتْح وَالْكَسْر فِي الْحَاء وهما قراءتان. قَوْله: (وَيُقَال) فِي رِوَايَة أبي ذَر: قَالَ البُخَارِيّ: وَيُقَال قَوْله: (شُرَيْح بن أبي أوفى) هَكَذَا وَقع ابْن أبي أوفى فِي رِوَايَة الْقَابِسِيّ، وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ شُرَيْح بن أوفى الْعَبْسِي، وَكَانَ عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ، يَوْم الْجمل، وَكَانَ شعار أَصْحَاب عَليّ رَضِي الله عَنهُ، يومئذٍ حم، فَلَمَّا نهد شُرَيْح لمُحَمد بن طَلْحَة بن عبيد الله الملقب بالسجاد وطعنه، قَالَ: حم، فَقَالَ شُرَيْح: يذكرنِي حَامِيم، الْفَاعِل فِيهِ مُحَمَّد السَّجَّاد، وَقيل، لما طعنه شُرَيْح قَالَ: {أَتقْتلونَ رجلا أَن يَقُول رَبِّي الله} (غَافِر: ٨٢) فَهُوَ معنى قَوْله: (يذكرنِي حَامِيم) . قَوْله: (وَالرمْح شَاجر) جملَة إسمية وَقعت حَالا من: شجر الْأَمر يشجر شجوراً إِذا اخْتَلَط، واشتجر الْقَوْم وتشاجروا إِذا تنازعوا وَاخْتلفُوا وَالْمعْنَى هُنَا: وَالرمْح مشتبك مختلط. قَوْله: (فَهَلا) حرف تحضيض مُخْتَصّ بالجمل الفعلية الخبرية، وَالْمعْنَى: هلا كَانَ هَذَا قبل تشاجر الرماح عِنْد قيام الْحَرْب، قَوْله: (قبل التَّقَدُّم) ، أَي: إِلَى الْحَرْب، وَأول هَذَا الْبَيْت على مَا ذكره الْحسن بن المظفر النَّيْسَابُورِي فِي: (مأدبة الأدباء) :

(وَأَشْعَث قوّام بآيَات ربه ... قَلِيل الْأَذَى فِيمَا ترى الْعين مُسلم)

(هتكت بصدر الرمْح جيب قَمِيصه ... فَخر صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ)

(على غير شَيْء غير أَن لَيْسَ تَابعا ... عليا وَمن لَا يتبع الْحق يظلم)

يذكرنِي حميم ... .

وَذكر عمر بن شبة بِإِسْنَادِهِ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق: أَن مَالِكًا الأشتر النَّخعِيّ قتل مُحَمَّد بن طَلْحَة، وَقَالَ فِي ذَلِك شعرًا وَهُوَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>