للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَرَعُوا ابْتَدَعُوا

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله: {أم لَهُم شُرَكَاء شرعوا لَهُم من الدّين مَا لم يَأْذَن بِهِ الله} (الشورى: ١٢) وَفسّر: (شرعوا) بقوله: (ابتدعوا) وَلَكِن لَيْسَ هَذَا الْموضع مَحل ذكره لِأَنَّهُ فِي سُورَة حم عسق.

١ - (بابُ قَوْلِهِ: {إلَاّ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} (الشورى: ٣٢)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {لَا أسئلكم عَلَيْهِ أجرا إلَاّ الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى} وَفِي التَّفْسِير: لما قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة كَانَت تنوبه نَوَائِب وَحُقُوق وَلَيْسَ فِي يَده سَعَة، فَقَالَ الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله! قد هدَانَا الله تَعَالَى على يَديك وتنوبك نَوَائِب وَحُقُوق وَلَيْسَ فِي يدك سَعَة فنجمع لَك من أَمْوَالنَا فَاسْتَعِنْ بِهِ على ذَلِك. فَنزلت هَذِه الْآيَة، قل: يَا مُحَمَّد لَا أسئلكم على مَا أتيتكم بِهِ من الْبَينَات وَالْهدى أجرا إلَاّ الْمَوَدَّة فِي الْقُرْبَى إلَاّ أَن تودوا الله عز وَجل وتقربوا إِلَيْهِ بِطَاعَتِهِ، قَالَه الْحسن الْبَصْرِيّ، رَضِي الله عَنهُ، فَقَالَ هُوَ الْقُرْبَى إِلَى الله تَعَالَى، وَعَن عِكْرِمَة وَمُجاهد وَالسُّديّ وَالضَّحَّاك وَقَتَادَة: مَعْنَاهُ إلَاّ أَن تودوا قَرَابَتي وعترتي وتحفظوني فيهم، وَاخْتلف فِي قرَابَته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقيل: عَليّ وَفَاطِمَة وابناهما، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، ولد عبد الْمطلب، وَقيل: هم الَّذين تحرم عَلَيْهِم الصَّدَقَة وَيقسم عَلَيْهِم الْخمس وهم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب الَّذين لم يفترقوا فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام.

٨١٨٤ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ حدَّثنا عَنْ عَبْدِ المَلِكَ بنِ مَيْسَرَةَ قَالَ سَمِعْتُ طَاوُسا عَن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنهُما أنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {إلَاّ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} فَقَالَ سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَال ابنُ عَبَّاسٍ عَجِلْتَ إنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إلَاّ كَانَ لَهُ فِيهمْ قَرَابَةٌ فَقَالَ إلَاّ أنْ تصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ القَرَابَةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والْحَدِيث أخرجه التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير عَن ابْن بشار بِهِ. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن غنْدر بِهِ، وَحَاصِل كَلَام ابْن عَبَّاس أَن جَمِيع قُرَيْش أقَارِب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَيْسَ المُرَاد من الْآيَة بَنو هَاشم وَنَحْوهم، كَمَا يتَبَادَر الذِّهْن إِلَى قَول سعيد بن جُبَير، وَالله أعلم.

( {سُورَةُ حم الزُّخْرُفِ} )

أَي: هَذَا فِي تَفْسِير بعض سُورَة حم الزخرف، وَفِي بعض النّسخ سُورَة الزخرف، وَفِي بَعْضهَا وَمن سُورَة حم الزخرف. قَالَ مقَاتل: هِيَ مَكِّيَّة غير آيَة وَاحِدَة وَهِي: {واسأل من أرسلنَا} (الزخرف: ٥٤) الْآيَة. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَكِّيَّة لَا اخْتِلَاف فِيهَا وَهِي ثَلَاثَة آلَاف وَأَرْبَعمِائَة حرف، وَثَمَانمِائَة وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ كلمة، وتسع وَثَمَانُونَ آيَة وَقَالَ ابْن سَيّده: الزخرف الذَّهَب، هَذَا الأَصْل ثمَّ سعى كل زِينَة زخرفا، وزخرف الْبَيْت زينته، وكل مَا زوق وزين فقد زخرف.

{بِسم الله الرحمان الرَّحِيم}

عَلَى أُمَّةٍ عَلَى إمَامٍ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى {بل قَالُوا إِنَّا وجدنَا آبَاءَنَا على أمة وَإِنَّا على آثَارهم مهتدون} (الزخرف: ٢٢) كَذَا وَقع فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر. وَقَالَ مُجَاهِد: فَذكره. فَقَالَ بَعضهم: وَالْأول أولى. قلت: لَيْت شعري مَا وَجه الْأَوْلَوِيَّة، وَفسّر الْأمة بِالْإِمَامِ، وَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة، وروى عبد بن حميد من طَرِيق ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد على مِلَّة، وروى الطَّبَرِيّ من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس، على أمة. أَي: على دين، وَمن طَرِيق السّديّ مثله.

{وَقِيلَهُ يَا رَبِّ} تَفْسِيرُهُ أيَحْسَبُونَ أنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَلا نَسْمَعُ قِبلَهُمْ.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: {وقيله يَا رب إِن هَؤُلَاءِ قوم لَا يُؤمنُونَ} (الزخرف: ٨٨) وَفسّر؟ (قيله يَا رب) بقوله: (أيحسبون) إِلَى آخِره، وَبَعْضهمْ أنكر هَذَا التَّفْسِير. فَقَالَ: إِنَّمَا يَصح لَو كَانَت التِّلَاوَة وقيلهم، وَإِنَّمَا الضَّمِير فِيهِ يرجع إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ الثَّعْلَبِيّ: وقيله يَا رب، يَعْنِي: وَقَول مُحَمَّد، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، شاكيا إِلَى ربه، وَقيل؛ مَعْنَاهُ وَعِنْده علم السَّاعَة وَعلم قيله، وَقَالَ النَّسَفِيّ: قَرَأَ عَاصِم وَحَمْزَة، وقيله بِكَسْر اللَّام على معنى: {وَعِنْده علم السَّاعَة} (الزخرف: ٥٨) وَعلم قيله. وَهَذَا الْعَطف غير قوي فِي الْمَعْنى مَعَ وُقُوع

<<  <  ج: ص:  >  >>