للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بقوله: {إِنَّا أرسلنَا عَلَيْهِم صَيْحَة وَاحِدَة فَكَانُوا كهشيم المحتظر} (الْقَمَر: ١٣) الْعَذَاب الَّذِي أرسل على قوم صَالح، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، لأجل عقر النَّاقة وَقَالَ الثَّعْلَبِيّ المحتظر الحظيرة، وَعَن ابْن عَبَّاس، هُوَ الرجل يَجْعَل لغنمه حَظِيرَة من الشّجر والشوك دون السبَاع فَمَا سقط من ذَلِك أَو داسته الْغنم فَهُوَ الهشيم، وَقَالَ قَتَادَة: يَعْنِي: كالعظام النخرة الْمُحْتَرِقَة وَهِي رِوَايَة عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا. وَعنهُ أَيْضا: كحشيش تَأْكُله الْغنم.

أزْدُجِرَ افْتُعِلَ مِنْ زَجَرْتُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا مَجْنُون وازدجر} (الْقَمَر: ٩) وَهَذَا قد مر عَن قريب، غير أَنه أَعَادَهُ إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا من بَاب الافتعال لِأَن أَصله ازتجر. فقلبت التَّاء دَالا فَصَارَ ازدجر، وَهُوَ من الزّجر وَلَيْسَ من زجرت لِأَن الْفِعْل لَا يشتق من الْفِعْل بل يشتق من الْمصدر، وَلَو ذكر هَذَا عِنْد قَوْله: ازدجر: أستطير جنونا لَكَانَ أولى وأنسب.

كُفِرَ فَعَلْنا بِهِ وَبِهِمْ مَا فَعَلْنَا جَزَاءًا لِمَا صُنِعَ بِنُوحٍ وأصْحَابِهِ

هَذَا أَيْضا قد مر أَيْضا عَن قريب وَهُوَ قَوْله: {لمن كَانَ كفر} (الْقَمَر: ٤١) بقوله: كَقَوْلِه جَزَاء من الله. وَقد مر الْكَلَام فِيهِ وتكراره لَا يَخْلُو عَن فَائِدَة على مَا لَا يخفى، وَلَكِن لَو لم يذكرهُ هُنَا لَكَانَ أصوب وَأحسن. قَوْله: (كفر) ، من كفران النِّعْمَة والمكفور هُوَ نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، وَقَومه: كافرون الأيادي وَالنعَم، وَقيل: معنى كفر جحد قَوْله: (فعلنَا) ، حِكَايَة عَن الله تَعَالَى، وَالضَّمِير فِي: بِهِ يرجع إِلَى نوح، عَلَيْهِ السَّلَام، وَفِي: بهم، إِلَى قومه، وَالَّذِي فعله نصرته إِيَّاه وَإجَابَة دُعَائِهِ، وَالَّذِي فعل بقَوْمه غرقه إيَّاهُم. قَوْله: {جَزَاء} أَي: لأجل الْجَزَاء لما صنع أَي لأجل صنعهم لنوح وَقَومه من الْإِسَاءَة وَالضَّرْب وَغير ذَلِك من الْأَذَى. قَوْله: لما صنع اللَّام فِيهِ مَكْسُورَة. وصنع على صِيغَة الْمَجْهُول.

مُسْتَقِرٌّ عَذَابٌ حَقٌّ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَد صبحهمْ بكرَة عَذَاب مُسْتَقر} (الْقَمَر: ٨٣) وَفَسرهُ: بقوله: (عَذَاب حق) ، وَهَكَذَا قَالَه الْفراء وروى عبد بن حميد عَن قَتَادَة وَاسْتقر بهم أَي: الْعَذَاب إِلَى نَار جَهَنَّم. قَوْله: (وَلَقَد صبحهمْ) أَي: الْعَذَاب (بكرَة) أَي: وَقت الصُّبْح، وَفِي التَّفْسِير: (عَذَاب مُسْتَقر) أَي: دَائِم عَام اسْتَقر بهم حَتَّى يقْضِي بهم إِلَى عَذَاب الْآخِرَة.

الأشَرُ: المَرَحُ وَالتَّجبُّرُ

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله تَعَالَى: {بل هُوَ كَذَّاب أشر وسيعلمون غَدا من الْكذَّاب الأشر} (الْقَمَر: ٥٢، ٦٢) وَفَسرهُ بقوله: (المرح والتجبر) . وَهَكَذَا فسره أَبُو عُبَيْدَة وَغَيره.

١

- (بابٌ: {وَانْشَقَّ القَمَرُ وَإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا} (الْقَمَر: ١)

)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {اقْتَرَبت السَّاعَة وَانْشَقَّ الْقَمَر} الْآيَة. وَلم تثبت هَذِه التَّرْجَمَة إلَاّ لأبي ذَر. قَوْله: {آيَة} أَي: معجز ليعرضوا من الْإِعْرَاض.

٤٦٨٤ - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ وَسُفْيَانَ عنِ الأعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ أبِي مَعْمَرٍ عنِ ابنِ مَسْعُودٍ قَالَ انْشَقَّ القَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِرْقَتَيْنِ فِرْقَة فَوْقَ الجَبَلِ وَفِرْقَةً دُونَهُ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اشْهَدُوا..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيحيى هُوَ الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة أَو الثَّوْريّ لِأَن كلاًّ مِنْهُمَا روى عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَأَبُو معمر، بِفَتْح الميمين، عبد الله بن سَخْبَرَة، ولأبيه سَخْبَرَة صُحْبَة وَرِوَايَة، روى لَهُ التِّرْمِذِيّ، قَالَ ابْن سعد: توفّي بِالْكُوفَةِ فِي ولَايَة عبيد الله بن زِيَاد.

والْحَدِيث قد مر فِي عَلَامَات النُّبُوَّة فِي: بَاب سُؤال الْمُشْركين أَن يُرِيهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم آيَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (على عهد) ، أَي: على زمن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فرْقَتَيْن) أَي: قطعتين وَفِي عَلَامَات النُّبُوَّة: شفتين، ويروى: شقين فَوق الْجَبَل اخْتلفت الرِّوَايَات فِي مَكَان الانشقاق فجَاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَر على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِاثْنَتَيْنِ شطره على السويداء وشطره على الخندمة، وَجَاء عَن أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أَن أهل مَكَّة سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يُرِيهم آيَة فَأَرَاهُم الْقَمَر بشقتين حَتَّى رَأَوْا أحراء بَينهمَا، وَفِي تَفْسِير أبي عبد الله. قَالَ الْمُشْركُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>