للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنهُ فَانْتَهوا} (الْحَشْر: ٧) وَقد نهى عَنهُ. ففاعله ظَالِم، وَقَالَ الله تَعَالَى: {إِلَّا لعنة الله على الظَّالِمين} (هود: ٨١) قَوْله: (قَرَأت مَا بَين اللَّوْحَيْنِ) أَي: الْقُرْآن أَو أَرَادَت باللوحين الَّذِي يُسمى بِالرجلِ وَيُوضَع الْمُصحف عَلَيْهِ فَهُوَ كِنَايَة أَيْضا عَن الْقُرْآن وَقَالَ إِسْمَاعِيل القَاضِي: وَكَانَت قارئة لِلْقُرْآنِ. قَوْله: (إِن كنت قرأتيه) ويروى: قرأته، وَهُوَ الأَصْل، وَوجه الأول أَن فِيهِ إشباع الكسرة بِالْيَاءِ. قَوْله: (فَإِنِّي أرى أهلك يَفْعَلُونَهُ) أَرَادَت بهَا زَيْنَب بنت عبد الله الثقفية. قَوْله: (فَلم تَرَ من حَاجَتهَا شَيْئا) أَي: فَلم تَرَ أم يَعْقُوب من الَّذِي ظَنَنْت أَن زوج ابْن مَسْعُود كَانَت تَفْعَلهُ. قَوْله: (فَقَالَ: لَو كَانَت كَذَلِك) أَي: فَقَالَ ابْن مَسْعُود: لَو كَانَت زَوجي تفعل ذَلِك كَمَا ذكرته. قَوْله: (مَا جامعتنا) جَوَاب: لَو. أَي: مَا صاحبتنا بل كُنَّا نطلقها ونفارقها. وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: مَا جامعتني، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: مَا جامعتها من الْجِمَاع، كِنَايَة عَن إِيقَاع الطَّلَاق.

٧٨٨٤ - حدَّثنا عَلِيٌّ حدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمانِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمانِ بنِ عَابِسٍ حدِيثَ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ الله رَضِيَ الله عَنهُ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الوَاصِلَةَ فَقَالَ سَمِعْتُهُ مِنْ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ عَنْ عَبْدِ الله مِثْلَ حَدِيثِ مَنْصُورٍ..

عَليّ هُوَ ابْن عبد الله بن الْمَدِينِيّ، وَعبد الرَّحْمَن هُوَ ابْن الْمهْدي الْبَصْرِيّ، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عَابس بالمهملتين وبالياء الْمُوَحدَة الْكُوفِي.

قَوْله: (الْوَاصِلَة) هِيَ الَّتِي تصل شعرهَا بِشعر آخر تكثره بِهِ، وَهِي الفاعلة، وَالْمسْتَوْصِلَة هِيَ الطالبة. قَالَ الْقُرْطُبِيّ: هُوَ نَص فِي تَحْرِيم ذَلِك، وَهُوَ قَول مَالك وَجَمَاعَة من الْعلمَاء، وَمنعُوا الْوَصْل بِكُل شَيْء من الصُّوف أَو الْخرق وَغَيرهَا لِأَن ذَلِك كُله فِي معنى الْوَصْل بالشعر ولعموم النَّهْي وسد الذريعة، وشذ اللَّيْث بن سعد فَأجَاز وَصله بالصوف وَمَا لَيْسَ بِشعر، وَهُوَ محجوج بِمَا تقدم، وأباح آخَرُونَ وضع الشّعْر على الرَّأْس، وَقَالُوا: إِنَّمَا نهى عَن الْوَصْل خَاصَّة وَهِي ظاهرية مَحْضَة وإعراض عَن الْمَعْنى، وشذ قوم فأجازوا الْوَصْل مُطلقًا وتأولوا الحَدِيث على غير وصل الشّعْر، وَهُوَ قَول بَاطِل، وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، وَلم يَصح عَنْهَا وَلَا يدْخل فِي هَذَا النَّهْي مَا يرْبط من الشّعْر بخيوط الشّعْر الملونة وَنَحْوهَا مِمَّا لَا يشبه الشّعْر لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْهِيّا عَنهُ. إِذْ لَيْسَ هُوَ بوصل إِنَّمَا هُوَ للتجمل والتحسن. وَقَالَ النَّوَوِيّ: فَصله أَصْحَابنَا إِن وصلته بِشعر الْآدَمِيّ فَهُوَ حرَام بِلَا خلاف سَوَاء كَانَ من رجل أَو امْرَأَة لعُمُوم الْأَحَادِيث، وَلِأَنَّهُ يحرم الِانْتِفَاع بِشعر الْآدَمِيّ وَسَائِر أَجْزَائِهِ لكرامته بل يدْفن شعره وظفره وَسَائِر أَجْزَائِهِ، وَإِن وصلته بِشعر غير الْآدَمِيّ فَإِن كَانَ نجسا من ميتَة أَو شعر مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه إِذا انْفَصل فِي حَيَاته فَهُوَ حرَام أَيْضا، وَلِأَنَّهَا حاملة نَجَاسَة فِي صلَاتهَا وَغَيرهَا عمدا، وَسَوَاء فِي هذَيْن النَّوْعَيْنِ الْمُزَوجَة وَغَيرهَا من النِّسَاء وَالرِّجَال، وَأما الشّعْر الطَّاهِر فَإِن لم يكن لَهَا زوج وَلَا سيد فَهُوَ حرَام أَيْضا وَإِن كَانَ فَثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا: لَا يجوز لظَاهِر الحَدِيث. الثَّانِي: يجوز، وأصحها عِنْدهم إِن فعلته بِإِذن السَّيِّد أَو الزَّوْج جَازَ، وإلَاّ فَهُوَ حرَام.

٥ - (بابٌ: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّار وَالإيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (الْحَشْر: ٩)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله عز وَجل: {وَالَّذين تبوؤا الدَّار} أَي: الَّذين اتَّخذُوا الْمَدِينَة دَار الْإِيمَان وَالْهجْرَة وهم الْأَنْصَار أَسْلمُوا فِي دِيَارهمْ وابتنوا الْمَسَاجِد قبل قدومهم بِسنتَيْنِ، فَأحْسن الله تَعَالَى الثَّنَاء عَلَيْهِم. قَوْله: {من قبلهم} أَي: من قبل قدوم الْمُهَاجِرين عَلَيْهِم، وَقد آمنُوا {يحبونَ من هَاجر إِلَيْهِم} من الْمُهَاجِرين.

٨٨٨٤ - حدَّثنا أحْمَدُ بنُ يُونُسَ حدَّثنا أبُو بَكْرٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَمْروٍ بنِ مَيْمُونٍ قَالَ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ الله عنهُ أُوصِي الخَلِيفَةَ بالمُهاجِرِينَ الأوَّلِينَ أنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقْهُمْ وَأُوصِيَ الخَلِيفَةَ بِالأنْصَارِ {الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّار وَالإيمَانَ} مِنْ قَبْلِ أنْ يُهاجِرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَيَعْفُو عَنْ مُسِيئِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>