للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ مُجاهِدٌ لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لَا تُعَذِّبْنا بِأيْدِيهِمْ فَيَقُولُونَ لَوْ كَانَ هاؤُلاءِ عَلَى الحَقِّ مَا أصَابَهُمْ هاذا.

أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للَّذين كفرُوا} ، (الممتحنة: ٥) الْآيَة. وَفسّر بقوله: (لَا تعذبنا بِأَيْدِيهِم) إِلَى آخِره، وَرَوَاهُ عبد بن حميد عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَنهُ، وَرَوَاهُ الْحَاكِم من طَرِيق آدم بن أبي إِيَاس عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ: على شَرط مُسلم، وَفِي (تَفْسِير النَّسَفِيّ) {رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للَّذين كفرُوا} أَي: لَا تسلطهم علينا فيفتنوننا بِعَذَاب لَا طَاقَة لنا بِهِ، وَقيل: لَا تظفرهم علينا فيظنوا أَنهم على الْحق وَنحن على الْبَاطِل.

بِعِصَمِ الكَوَافِرِ أُمِرَ أصْحَابُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفِراقِ نِسَائِهِمْ كِنَّ كَوَافِرَ بِمَكَّةً.

أَشَارَ بِهِ إِلَى قَوْله عز وَجل: {وَلَا تمسكوا بعصم الكوافر} (الممتحنة: ٠١) مَعْنَاهُ: أَن الله تَعَالَى نهى عَن التَّمَسُّك بعصم الكوافر، والعصم جمع عصمَة وَهِي مَا اعْتصمَ بِهِ، يُقَال: مسكت الشَّيْء وتمسكت بِهِ، والكوافر جمع كَافِرَة نهى الله تَعَالَى الْمُؤمنِينَ عَن الْمقَام على نِكَاح المشركات وَأمرهمْ بفراقهن، وَقَالَ ابْن عَبَّاس: يَقُول لَا تَأْخُذُوا بِعقد الكوافر فَمن كَانَت لَهُ امْرَأَة كَافِرَة بِمَكَّة فَلَا يعتدن بهَا فقد نقضت عصمتها مِنْهُ وَلَيْسَت لَهُ بِامْرَأَة. وَإِن جاءتكم امْرَأَة مسلمة من أهل مَكَّة وَلها بهَا زوج كَافِر فَلَا تعتدن بِهِ فقدانقضت عصمته مِنْهَا. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: لما نزلت هَذِه الْآيَة طلق عمر امْرَأتَيْنِ كَانَتَا لَهُ بِمَكَّة مشركتين قريبَة بنت أُميَّة فَتَزَوجهَا بعده مُعَاوِيَة وهما على شركهما بِمَكَّة وَالْأُخْرَى: أم كُلْثُوم الْخُزَاعِيَّة أم عبد الله فَتَزَوجهَا أَبُو جهم، وهما على شركهما، وَكَانَت عِنْد طَلْحَة بن عبيد الله أروى بنت ربيعَة فَفرق بَينهمَا الْإِسْلَام.

٠٩٨٤ - حدَّثنا الحُمَيْدِيُّ حدَّثنا سُفْيَانُ حدَّثنا عَمْرُو بنُ دِينار قَالَ حدَّثني الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدٍ ابنِ عَلِيٍّ أنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ الله بنَ أبِي رَافِعٍ كَاتِبَ عَلِيٍّ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيّا رَضِيَ الله عنهُ يَقُولُ بَعَثَنِي رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَا وَالزُّبَيْرَ وَالمِقْدَادَ فَقَالَ انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإنَّ بِهَا ظَعِينَةَ مَعَهَا كِتابٌ فَخُذُوهُ مِنْهَا فَذَهَبْنَا تَعَادَي بِنا خَيْلَنا حَتَّى أتَيْنَا الرَّوْضَةَ فَإذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ فَقُلْنا أخْرِجِي الكِتابَ فَقالَتْ مَا مَعِي مِنْ كتابٍ فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ الكِتابَ أوْ لَتُلْقِيَنَّ الثِّيابَ فأخْرَجَتْهُ مِنْ عِقاصِها فَأتَيْنا بِهِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فإذَا فِيهِ مِنْ حاطِبِ بنِ أبِي بَلْتَعَةَ إلَى أُنَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ مِمَنْ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أمْرِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا هاذا يَا حَاطِبُ قَالَ لَا تَعْجِلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ الله إنِّي كُنْتُ امْرَءًا مِنْ قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أنْفُسِهِمْ وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِها أهْلِيهِمْ وَأمْوَالَهُمْ بِمَكَّةَ فَأحْبَبْتُ إذْ فَاتَنِي مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ أنْ أصطَنِعَ إلَيْهِمْ يَدا يَحْمُونَ قَرَابَتِي وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرا وَلا ارْتِدَادا عَنْ دِينِي فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ فَقَالَ عُمَرُ دَعْنِي يَا رَسُولَ الله فأضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ إنَّهُ شَهِدَ بَدْرا وَمَا يُدْرِيكَ لَعَليَّ الله عَزَّ وَجَلَّ اطلعَ عَلَى أهلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفِرْتُ لَك قَالَ عَمْرٌ ووَنَزَلَتْ فِيهِ يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ قَالَ لَا أدْرِي الآيَةَ فِي الحَدِيثِ أوْ قَوْلُ عَمْرُو..

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. والترجمة هِيَ ذكر السُّورَة، وَوَقع لأبي ذَر على رَأس هَذَا الحَدِيث: بَاب {لَا تَتَّخِذُوا عدوي وَعَدُوكُمْ أَوْلِيَاء} (الممتحنة: ١) فعلى هَذَا التَّرْجَمَة ظَاهِرَة والْحَدِيث يطابقها. والْحَدِيث قد مضى فِي الْجِهَاد فِي: بَاب الجاسوس فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (بَعَثَنِي أَنا وَالزُّبَيْر والمقداد) ، وَفِي رِوَايَة رَوَاهَا الثَّعْلَبِيّ، فَبعث رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عليا وَعمَّارًا وَعمر وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة

<<  <  ج: ص:  >  >>