للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نفس الِاسْتِعْمَال بعد فَلَا يصدق عَلَيْهِ أَنه صَار مُسْتَعْملا وَلَا يصدق اسْم الِاسْتِعْمَال عَلَيْهِ إِلَّا بعد انْفِصَاله عَن الْعُضْو فَافْهَم الرَّابِع فِيهِ غسل الْوَجْه باليدين جَمِيعًا إِذا كَانَ بغرفة وَاحِدَة لِأَن الْيَد الْوَاحِدَة قد لَا تستوعبه. الْخَامِس فِيهِ الْبدَاءَة باليمنى وَهُوَ سنة بِالْإِجْمَاع وَمن نقل خِلَافه فقد غلط ثمَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْيَد وَالرجل أما الخدان والكفان فيطهران دفْعَة وَاحِدَة وَكَذَا الأذنان على الْأَصَح عِنْد الشَّافِعِيَّة. السَّادِس فِيهِ أَخذ المَاء للْوَجْه بِالْيَدِ الْوَاحِدَة وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ وَمُسلم فِي حَدِيث عبد الله بن زيد ثمَّ أَدخل يَده فَغسل وَجهه ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَة البُخَارِيّ ثمَّ أَدخل يَدَيْهِ بالتثنية وهما وَجْهَان للشَّافِعِيَّة وجمهورهم على الثَّانِي وَقَالَ زاهد السَّرخسِيّ أَنه يغْرف بكفه الْيُمْنَى وَيَضَع ظهرهَا على بطن كَفه الْيُسْرَى ويصبه من أَعلَى جَبهته وَحَدِيث الْبَاب قد يدل لَهُ. السَّابِع فِيهِ أَن مسح الرَّأْس بِغَيْر أَخذ مَاء جَدِيد وَاحْتج بِهِ بَعضهم على أَنه يمسح رَأسه بِفضل الذِّرَاع كَمَا ورد فِي سنَن أبي دَاوُد أَنه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام مسح رَأسه بِفضل مَا كَانَ فِي يَده وَهَذَا قَول الْأَوْزَاعِيّ وَالْحسن وَعُرْوَة وَقَالَ الشَّافِعِي وَمَالك لَا يجْزِيه أَن يمسح بِفضل ذِرَاعَيْهِ وَلَا لحيته وَأَجَازَهُ ابْن الْمَاجشون فِي تَخْلِيل اللِّحْيَة إِذا نفذ مِنْهُ المَاء وَقد قُلْنَا أَن فِي الْكَلَام حذفا دلّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ثمَّ قبض قَبْضَة من المَاء ثمَّ نفض يَده ثمَّ مسح رَأسه فَافْهَم

(بَاب التَّسْمِيَة على كل حَال وَعند الوقاع)

أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان ذكر اسْم الله تَعَالَى على كل حَال يَعْنِي سَوَاء كَانَ طَاهِرا أَو مُحدثا أَو جنبا وَالتَّسْمِيَة هِيَ قَول بِسم الله قَوْله وَعند الوقاع أَي الْجِمَاع فَإِن قلت قَوْله على كل حَال يَشْمَل حَال الوقاع وَغَيره فَمَا فَائِدَة تَخْصِيصه بِالذكر قلت للاهتمام بِهِ لِأَن حَالَة الوقاع تخَالف سَائِر أَحْوَال الْأَشْيَاء وَلِأَنَّهُ هُوَ الْمَذْكُور فِي حَدِيث الْبَاب وَقَالَ بَعضهم وَلَيْسَ الْعُمُوم ظَاهرا من المُرَاد الَّذِي أوردهُ لَكِن يُسْتَفَاد من بَاب الأولى أَنه إِذا شرع فِي حَالَة الْجِمَاع وَهِي مِمَّا أَمر فِيهِ بِالصَّمْتِ فَغَيره أولى قلت لَيْت شعري مَا معنى هَذَا الْكَلَام فَمن تَأمل كَلَامه وجده فِي غَايَة الوهاء فَإِن قلت مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ قلت قد ذكرت لَك مَا قَالَه الْكرْمَانِي من أَن البُخَارِيّ لَا يُرَاعِي حسن التَّرْتِيب وَجُمْلَة قَصده إِنَّمَا هُوَ فِي نقل الحَدِيث وتصحيحه لَا غير وَقد ذكرت لَك مَا يرد هَذَا الْكَلَام فالمتأمل فِيهِ إِذا أمعن فِي نظره عرف وُجُوه المناسبات بَين الْأَبْوَاب وَإِن كَانَ الْوَجْه فِي بعض الْمَوَاضِع يُوجد بِبَعْض التَّكَلُّف فَنَقُول لما ذكر كتاب الْوضُوء عقيب كتاب الْعلم للمناسبة الَّتِي ذَكرنَاهَا هُنَاكَ ذكر عَقِيبه سِتَّة أَبْوَاب لَيْسَ فِيهَا شَيْء من أَوْصَاف الْوضُوء وَإِنَّمَا هِيَ كالمقدمات لَهَا ثمَّ ذكر الْبَاب السَّابِع الَّذِي فِيهِ صفة الْوضُوء وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يذكرهُ بعد ذكر أَبْوَاب الِاسْتِنْجَاء فِي أثْنَاء الْأَبْوَاب الَّتِي يذكر فِيهَا صِفَات الْوضُوء وَلكنه ذكره عقيب الْبَاب السَّادِس بطرِيق الاستطراد والاستتباع للمعنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ ثمَّ شرع يذكر أَبْوَاب الِاسْتِنْجَاء وَبعدهَا أَبْوَاب صِفَات الْوضُوء على مَا يَقْتَضِيهِ التَّرْتِيب وَقدم بَاب التَّسْمِيَة على الْجَمِيع لِأَن المتوضىء أَولا يستنجىء فبالضرورة قدم أَبْوَاب الِاسْتِنْجَاء على أَبْوَاب الْوضُوء ثمَّ لَا بُد أَن يقدم التَّسْمِيَة قبل كل شَيْء لأَنا أمرنَا أَن نسمي الله تَعَالَى فِي ابْتِدَاء كل أَمر ذِي بَال ليَقَع المبدؤ بِهِ مبروكا ببركة اسْم الله تَعَالَى فبالضرورة قدم بَاب التَّسْمِيَة

٧ - (حَدثنَا عَليّ بن عبد الله قَالَ حَدثنَا جرير عَن مَنْصُور عَن سَالم ابْن أبي الْجَعْد عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس يبلغ بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَو أَن أحدكُم إِذا أَتَى أَهله قَالَ بِسم الله اللَّهُمَّ جنبنا الشَّيْطَان وجنب الشَّيْطَان مَا رزقتنا فقضي بَينهمَا ولد لم يضرّهُ) مُطَابقَة الحَدِيث لأحد شقي التَّرْجَمَة الَّذِي هُوَ الْخَاص وَهُوَ قَوْله عِنْد الوقاع وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُطَابق الشق الآخر الَّذِي هُوَ الْعَام وَهُوَ قَوْله على كل حَال وَلَكِن لما كَانَ حَال الوقاع أبعد حَال من ذكر الله تَعَالَى وَمَعَ ذَلِك تسن التَّسْمِيَة فِيهِ فَفِي سَائِر الْأَحْوَال بِالطَّرِيقِ الأولى فَلذَلِك أوردهُ البُخَارِيّ فِي هَذَا الْبَاب للتّنْبِيه على مَشْرُوعِيَّة التَّسْمِيَة عِنْد الْوضُوء فَإِن قلت كَانَ الْمُنَاسب أَن يذكر حَدِيث لَا وضوء لمن لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ قلت هَذَا الحَدِيث لَيْسَ على شَرطه وَإِن كثرت طرقه وَقد طعن فِيهِ الْحفاظ واستدركوا على الْحَاكِم تَصْحِيحه بِأَنَّهُ انْقَلب عَلَيْهِ إِسْنَاده واشتبه وَقَالَ الإِمَام أَحْمد لَا أعلم فِي التَّسْمِيَة حَدِيثا ثَابتا قلت هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>