للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَخْبرنِي يُوسُف قَالَ بَعضهم: وَمَا عرفت مَاذَا عطف عَلَيْهِ، ثمَّ رَأَيْت الْوَاو سَاقِطَة فِي رِوَايَة النَّسَفِيّ. قلت: يجوز أَن يكون مَعْطُوفًا على مَحْذُوف تَقْدِيره أَن يُقَال: قَالَ ابْن جريج: أَخْبرنِي فلَان بِكَذَا وَأَخْبرنِي يُوسُف بن مَاهك إِلَى آخِره قَوْله: (إِذْ جاءها) ، كلمة إِذْ للمفاجأة. قَوْله: (عراقي) أَي: رجل من أهل الْعرَاق وَلم يدر اسْمه. قَوْله: (أَي الْكَفَن خير؟) يحْتَمل أَن يكون سُؤَاله عَن الْكمّ يَعْنِي لفافه أَو أَكثر؟ وَعَن الكيف يَعْنِي: أَبيض أَو غَيره وناعما أَو خشنا؟ وَعَن النَّوْع أَنه قطن أَو كتَّان مثلا؟ قَوْله: (وَيحك) كلمة ترحم. قَوْله: (وَمَا يَضرك؟) أَي: أَي شَيْء يَضرك بعد موتك وَسُقُوط التَّكْلِيف عَنْك فِي أَي كفن كفنت؟ لبُطْلَان حسك بالنعومة والخشونة وَغير ذَلِك قَوْله: (قَالَت: لِمَ) أَي: لم أريك مصحفي؟ قَالَ: لعَلي أؤلف عَلَيْهِ الْقُرْآن. قيل: قصَّة الْعِرَاقِيّ كَانَت قبل أَن يُرْسل عُثْمَان الْمَصَاحِف إِلَى الْآفَاق. ورد عَلَيْهِ بِأَن يُوسُف بن مَاهك لم يدْرك زمَان إرْسَال عُثْمَان الْمَصَاحِف إِلَى الْآفَاق، وَقد صرح يُوسُف فِي هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ عِنْد عَائِشَة حِين سَأَلَهَا هَذَا الْعِرَاقِيّ، وَالظَّاهِر أَن هَذَا الْعِرَاقِيّ كَانَ مِمَّن أَخذ بِقِرَاءَة ابْن مَسْعُود، وَكَانَ ابْن مَسْعُود لما حضر مصحف عُثْمَان إِلَى الْكُوفَة لم يُوَافق على الرُّجُوع عَن قِرَاءَته وَلَا على إعدام مصحفه، وَكَانَ تأليف مصحف الْعِرَاقِيّ مغايرا لتأليف مصحف عُثْمَان، فَلذَلِك جَاءَ إِلَى عَائِشَة وَسَأَلَ الْإِمْلَاء من مصحفها. قَوْله: (آيَة) بِالنّصب أَي: أَي آي الْقُرْآن قَرَأت قَوْله: (قبل) أَي: قبل قِرَاءَة السُّورَة الْأُخْرَى. قَوْله: (مِنْهُ) أَي: من الْقُرْآن. قَوْله: (من الْمفصل) قَالَ الْخطابِيّ: سمي مفصلا لِكَثْرَة مَا يَقع فِيهَا من فُصُول التَّسْمِيَة بَين السُّور، وَقد اخْتلف فِي أول الْمفصل. فَقيل: هُوَ سُورَة، وَقيل: سُورَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ النَّوَوِيّ: سمي بِالْفَصْلِ لقصر سُورَة وَقرب انفصالهن بَعضهنَّ من بعض. قَوْله: (أول مَا أنزل مِنْهُ) أَي: من الْقُرْآن من الْمفصل فِيهَا ذكر الْجنَّة وَالنَّار، وَأول مَا نزل إِمَّا المدثر وَإِمَّا اقْرَأ، فَفِي كل مِنْهُمَا ذكر الْجنَّة وَالنَّار، أما فِي المدثر فصريح وَهُوَ قَوْله: {وَمَا أدْرك مَا سقر} (المدثر: ٧٢) وَقَوله: {فِي جنَّات يتساءلون} (المدثر: ٠٤) وَأما فِي اقْرَأ فَيلْزم ذكرهمَا من قَوْله: {كذب وَتَوَلَّى} (العلق: ٣١) {وسندع الزَّبَانِيَة} (العلق: ٨١) وَقَوله: {إِن كَانَ على الْهدى} (العلق: ١١) وَبِهَذَا التَّقْرِير يرد على بَعضهم فِي قَوْله: هَذَا ظَاهره يغاير مَا تقدم أَن أول شَيْء نزل {اقْرَأ باسم رَبك} (العلق: ١) وَلَيْسَ فِيهَا ذكر الْجنَّة وَالنَّار. قَوْله: (حَتَّى إِذا تَابَ) ، أَي: رَجَعَ. قَوْله: (نزل الْحَلَال وَالْحرَام) ، أشارت بِهِ إِلَى الْحِكْمَة الإل هية فِي تَرْتِيب التَّنْزِيل. وَأَنه أول مَا نزل من الْقُرْآن الدُّعَاء إِلَى التَّوْحِيد والتبشير للْمُؤْمِنين والمطيعين بِالْجنَّةِ، والإنذار والتخويف للْكَافِرِينَ بالنَّار، فَلَمَّا اطمأنت النُّفُوس على ذَلِك أنزلت الْأَحْكَام، وَلِهَذَا قَالَت: (وَلَو نزل أول شَيْء لَا تشْربُوا الْخمر) إِلَى آخِره. وَذَلِكَ لانطباع النُّفُوس بالنفرة عَن ترك المألوف. قَوْله: (لقد نزل مَكَّة) ، إِلَى آخِره إِشَارَة مِنْهَا إِلَى تَقْوِيَة مَا ظهر لَهَا من الْحِكْمَة الْمَذْكُورَة، وَهُوَ تقدم سُورَة الْقَمَر وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْأَحْكَام على نزُول سُورَة الْبَقَرَة وَالنِّسَاء مَعَ كَثْرَة اشتمالهما على الْأَحْكَام. قَوْله: (إلَاّ وَأَنا عِنْده) ، يَعْنِي: بِالْمَدِينَةِ، لِأَن دُخُوله عَلَيْهَا إِنَّمَا كَانَ بعد الْهِجْرَة بِلَا خلاف. قَوْله: (فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ) ، أَي أملت عَائِشَة على الْعِرَاقِيّ من الْإِمْلَاء، ويروى من الإملا. وهما بِمَعْنى وَاحِد، قيل: فِي الحَدِيث رد على النّحاس فِي قَوْله: إِن سُورَة النِّسَاء مَكِّيَّة، مُسْتَندا إِلَى أَن قَوْله تَعَالَى: {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} (النِّسَاء: ٨٥) نزلت بِمَكَّة اتِّفَاقًا فِي قصَّة مِفْتَاح الْكَعْبَة، وَهِي حجَّة واهية لِأَنَّهُ لَا يلْزم من نزُول آيَة أَو آيَات من سُورَة طَوِيلَة بِمَكَّة إِذا أنزل معظمها بِالْمَدِينَةِ أَن تكون مَكِّيَّة، وَالله أعلم.

٤٩٩٤ - حدَّثنا آدَمُ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ أبي إسْحاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عبْدَ الرَّحْمانِ بنَ يَزِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ مَسْعُودٍ يقُولُ: فِي بَنِي إسْرَائِيلَ والْكَهْفِ ومَرْيَمَ وطَهَ والأنْبِياء: إنّهُنَّ مِنَ العِتاقِ الأولِ وهُنَّ مِنْ تِلَادِي.

(انْظُر الحَدِيث ٨٠٧٤ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن هَذِه السُّورَة نزلت بِمَكَّة وَأَنَّهَا مرتبَة فِي مصحف ابْن مَسْعُود كَمَا هِيَ فِي مصحف عُثْمَان. وَأَبُو إِسْحَاق هُوَ السبيعِي عَمْرو بن عبد الله وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد من الزِّيَادَة ابْن قيس النَّخعِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي تَفْسِير سُورَة بني إِسْرَائِيل بِسَنَدِهِ.

قَوْله: (فِي بني إِسْرَائِيل) أَي: فِي شَأْن هَذِه السُّورَة، قَالَ الْكرْمَانِي: ويروي بِدُونِ كلمة فِي فَالْقِيَاس أَن يَقُول: بَنو إِسْرَائِيل، فَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَار حذف الْمُضَاف وابقاء الْمُضَاف إِلَيْهِ على حَاله أَي، سُورَة بني إِسْرَائِيل، أَو على سَبِيل الْحِكَايَة عَمَّا فِي الْقُرْآن، وَهُوَ قَوْله: {وجعلناه هدى لبني إِسْرَائِيل} (السَّجْدَة: ٣٢) . قَوْله: (الْعتاق) ، جمع عَتيق وَهُوَ مَا بلغ الْغَايَة فِي الْجَوْدَة يُرِيد تَفْضِيل هَذِه السُّور لما

<<  <  ج: ص:  >  >>