للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بل الَّذين مهروا فِي تجويد الْقُرْآن بعد الْعَصْر النَّبَوِيّ أَضْعَاف الْمَذْكُورين، وَقد قتل سَالم بعد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وقْعَة الْيَمَامَة، وَمَات معَاذ بن جبل فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمَات أبي بن كَعْب وَابْن مَسْعُود فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَقد تَأَخّر زيد بن ثَابت، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وانتهت إِلَيْهِ الرياسة فِي الْقِرَاءَة، وعاش بعدهمْ زَمَانا طَويلا وَقَالَ أَبُو عمر: اخْتلفُوا فِي وَقت وَفَاته فَقيل: سنة خمس وَأَرْبَعين، قيل: سنة إِحْدَى أَو اثْنَيْنِ وَخمسين، وَصلى عَلَيْهِ مَرْوَان.

٠٠٠٥ - حدَّثنا عُمَرُ بنُ حَفْصٍ حَدثنَا أبي الأعْمَشُ حَدثنَا شقيقُ بنُ سَلَمَةَ، قَالَ: خطَبنَا عبْدُ الله بن مَسْعُودٍ فَقَالَ: وَالله! لقَدْ أخَذْتُ منْ فِيِّ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِضْعا وسَبْعِينَ سورَةَ، وَالله لَقَدْ عَلِمَ أصْحَابُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنِّي مِنْ أعْلَمِهِمْ بِكتابِ الله وَمَا أَنا يِخَيْرِهِمْ.

قَالَ شَقيقٌ: فجَلَسْتُ فِي الحِلَقِ أسْمَعُ مَا يَقُولُونَ، فَمَا سمِعْتُ رَدّا يَقُولُ غَيْرَ ذالِكَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من ظَاهر الحَدِيث، أخرجه عَن عمر بن حَفْص عَن أَبِيه حَفْص بن غياث عَن سُلَيْمَان الْأَعْمَش إِلَخ وَحكي الجياني أَنه وَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ عَن الْجِرْجَانِيّ: حَدثنَا حَفْص بن عمر حَدثنَا أبي وَهُوَ خطأ مقلوب وَلَيْسَ لحفص بن عمر أَب يروي عَنهُ فِي الصَّحِيح، وَإِنَّمَا هُوَ عمر بن حَفْص بن غياث، بالغين الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره ثاء مُثَلّثَة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفَضَائِل عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي فَضَائِل الْقُرْآن عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بِهِ. وَفِي الزِّينَة عَن إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب.

قَوْله: (من فِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) أَي: من فَمه. قَوْله: (بضعا) بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع. قَوْله: (إِنِّي من أعلمهم بِكِتَاب الله) ، وَوَقع فِي رِوَايَة عَبدة وَابْن شهَاب جَمِيعًا عَن الْأَعْمَش، أَنِّي أعلمهم بِكِتَاب الله، بِحَذْف من وَزَاد: وَلَو أعلم أَن أحدا أعلم مني فرحلت إِلَيْهِ، وَفِيه: جَوَاز ذكر الْإِنْسَان نَفسه بالفضيلة للْحَاجة، وَإِنَّمَا النَّهْي عَن التَّزْكِيَة فَإِنَّمَا هُوَ لمن مدحها للفخر والإعجاب. قَوْله: (وَمَا أَنا بخيرهم) ، يَعْنِي: مَا أَنا بأفضلهم، إِذْ الْعشْرَة المبشرة أفضل مِنْهُ بالِاتِّفَاقِ، وَفِيه أَن زِيَادَة الْعلم لَا توجب الْأَفْضَلِيَّة، لِأَن كَثْرَة الثَّوَاب لَهَا أَسبَاب أخر من التَّقْوَى وَالْإِخْلَاص وأعلاء كلمة الله وَغَيرهَا مَعَ أَن الأعلمية بِكِتَاب الله لَا تَسْتَلْزِم الأعلمية مُطلقًا، لاحْتِمَال أَن يكون غَيره أعلم بِالسنةِ.

قَوْله: (قَالَ شَقِيق) أَي: بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (فِي الْحلق) ، بِفَتْح الْحَاء وَاللَّام. قَوْله: (رادا) أَي: عَالما يرد الْأَقْوَال لِأَن رد الْأَقْوَال لَا يكون إلاّ للْعُلَمَاء، وغرضه أَن أحدا لم يرد عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَام بل سلمُوا إِلَيْهِ.

١٠٠٥ - حدَّثني مُحَمَّد بنُ كثِيرٍ أخْبرَنا سُفيانُ عنِ الأعْمَشِ عنْ إبْرَاهِيمَ عنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنّا بحِمْصَ فقَرَأ ابنُ مَسْعُودٍ سورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ رجُلٌ: مَا هاكذَا أُنْزِلَتْ. قَالَ: قَرَأْتُ علَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَقَالَ: أحْسَنْتَ. ووجدَ منْهُ رِيحَ الخمْر، فَقَالَ: أتَجْمَعُ تُكَذِّبَ بكِتابِ الله وتَشْرَبَ الخمْرَ؟ فَضَرَبَهُ الحَدَّ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تؤخد من قَوْله قَالَ: قَرَأت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ وعلقمة ابْن قيس النَّخعِيّ.

قَوْله: (بحمص) وَهِي: بَلْدَة مَشْهُورَة من بِلَاد الشَّام غير منصرف على الْأَصَح، وَظَاهر الحَدِيث أَن عَلْقَمَة حضر الْقِصَّة، وَكَذَا أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن أبي خَليفَة عَن مُحَمَّد بن كثير شيخ البُخَارِيّ، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق جرير عَن الْأَعْمَش وَلَفظه: عَن عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ: كنت بحمص فَقَرَأت فَذكر الحَدِيث، وَهَذَا يقْضِي أَن عَلْقَمَة لم يحضر الْقِصَّة، وَإِنَّمَا نقلهَا عَن ابْن مَسْعُود. قَوْله: (فَقَالَ رجل) . قيل: إِنَّه نهيك بن سِنَان الَّذِي تقدّمت لَهُ الْقِصَّة فِي الْقُرْآن غير هَذِه. قَوْله: (قَرَأت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) ، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَقلت: وَيحك؟ وَالله لقد أَقْرَأَنيهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (وَوجد مِنْهُ؟) أَي من الرجل الْمَذْكُور، وَفِي رِوَايَة مُسلم: فَبينا أَنا ُأكَلِّمهُ إِذْ وجدتُ مِنْهُ ريح الْخمر. قَوْله: (فَضَربهُ الْحَد) أَي: فَضَربهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>