للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى أَنه للْوَلِيّ. وَقَالَ عِكْرِمَة: إِن كَانَ الَّذِي هُوَ ينْكح فَهُوَ لَهُ، وَخص بَعضهم ذَلِك بِالْأَبِ، حَكَاهُ صَاحب الْمُفْهم فَقَالَ: وَقيل: هَذَا مَقْصُور على الْأَب خَاصَّة لتبسطه فِي مَال الْوَلَد، وَذهب سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير إِلَى التَّفْرِقَة بَين أَن يشْتَرط ذَلِك قبل عقدَة النِّكَاح أَو بعْدهَا، فَقَالَا: أَيّمَا امْرَأَة نكحت على صدَاق أَو عدَّة لأَهْلهَا، فَإِن كَانَ قبل عصمَة النِّكَاح فَهُوَ لَهَا، وَمَا كَانَ من حباء أَهلهَا فَهُوَ لَهُم. وَقَالَ مَالك: إِن كَانَ هَذَا الِاشْتِرَاط فِي حَال العقد فَهُوَ للْمَرْأَة، وَإِن كَانَ بعده فَهُوَ لمن وهب لَهُ، وَبِه قَالَ الشَّافِعِي، فِي الْقَدِيم، وَنَصّ عَلَيْهِ الْإِمْلَاء، وَقَالَ فِي كتاب الصَدَاق: الصَدَاق فَاسد، وَلها مهر مثلهَا. وَهَذَا الَّذِي صَححهُ أَصْحَاب الشَّافِعِي.

وَقَالَ الرَّافِعِيّ: الظَّاهِر من الْخلاف القَوْل بِالْفَسَادِ وَوُجُوب مهر الْمثل، وَقَالَ النَّوَوِيّ: إِنَّه الْمَذْهَب.

٣٥ - (بابُ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَحِلُّ فِي النِّكاحِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الشُّرُوط الَّتِي لَا يحل لَهَا اشْتِرَاطهَا فِي النِّكَاح.

وَقَالَ ابنُ مَسْعودٍ: لَا تَشْتَرِطَ المَرْأةُ طَلَاقَ أُخْتِها

أَي: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: لَا تشْتَرط الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا، وَهَذَا مَوْقُوف عَلَيْهِ أوردهُ مُعَلّقا، وَوَقع بِهَذَا اللَّفْظ مَرْفُوعا فِي بعض طرق حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قَوْله: (لَا تشْتَرط الْمَرْأَة) وَفِي حَدِيث الْبَاب: لَا يحل لامْرَأَة تسْأَل طَلَاق أُخْتهَا، وَقَالَ النَّوَوِيّ: معنى هَذَا الحَدِيث نهى الْمَرْأَة الْأَجْنَبِيَّة أَن تسْأَل رجلا طَلَاق زَوجته ليُطَلِّقهَا ويتزوج بهَا. قَوْله: (أُخْتهَا) ، قَالَ النَّوَوِيّ: المُرَاد بأختها غَيرهَا سَوَاء كَانَت أُخْتهَا من النّسَب أَو الرَّضَاع أَو الدّين، وَيلْحق بذلك الْكَافِرَة فِي الحكم وَإِن لم تكن أُخْتا فِي الدّين إِمَّا لِأَن المُرَاد الْغَالِب أَو أَنَّهَا أُخْتهَا فِي الْجِنْس الْآدَمِيّ. وَقَالَ أَبُو عمر: الْأُخْت هُنَا الضرة، فَقَالَ: الْفِقْه فِيهِ أَنه لَا يَنْبَغِي أَن تسْأَل الْمَرْأَة زَوجهَا أَن يُطلق ضَرَّتهَا لتنفرد. قيل: هَذَا يُمكن فِي الرِّوَايَة الَّتِي وَقعت: لَا تسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا، وَأما الرِّوَايَة الَّتِي فِيهَا لفظ الشَّرْط فظاهرها أَنَّهَا فِي الْأَجْنَبِيَّة، وَالْمرَاد بالأخت هُنَا الْأُخْت فِي الدّين، يُوضح هَذَا مَا رَوَاهُ ابْن حبَان من طَرِيق أبي كثير عَن أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: (لَا تسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا لتستفرغ صحفتها فَإِن الْمسلمَة أُخْت المسملة.

٢٥١٥ - حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ مُوسَى عنْ زَكَرِيَّاءَ هُو ابنُ أبي زَائِدَةَ عنْ سَعْدٍ بنِ إبْرَاهِيمَ عنْ أبي سلَمَةَ عنْ أبي هُرَيْرَةَ، رَضِي الله عَنهُ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: لَا يَحِلُّ لامْرَأةٍ تَسْألُ طَلَاقَ أُخْتِها لَتَسْتَفحرِغَ صَحْفَتَها، فإنَّما لَها مَا قُدِّرَ لَهَا..

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (لَا يحل لامْرَأَة تسْأَل طَلَاق أُخْتهَا) .

وَعبيد الله بن مُوسَى بن باذام الْعَبْسِي الْكُوفِي، وَاسم أبي زَائِدَة خَالِد وَقيل: هُبَيْرَة، وَسعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَأَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن. والْحَدِيث من أَفْرَاده من هَذَا الْوَجْه.

قَوْله: (لَا يحل) ، ظَاهره التَّحْرِيم لكنه مَحْمُول على مَا إِذا لم يكن هُنَاكَ سَبَب يجوز ذَلِك: كريبة فِي الْمَرْأَة لَا يَنْبَغِي مَعهَا أَن تستمر فِي عصمَة الزَّوْج، وَيكون ذَلِك ذَلِك على سَبِيل النَّصِيحَة المحصنة أَو لضَرَر يحصل لَهَا من الزَّوْج، أَو للزَّوْج مِنْهَا، أَو يكون سؤالها ذَلِك بعوض وَللزَّوْج رَغْبَة فِي ذَلِك فَيكون كالخلع مَعَ الْأَجْنَبِيّ، إِلَى غير ذَلِك من الْمَقَاصِد الْمُخْتَلفَة. وَقَالَ ابْن حبيب: حمل الْعلمَاء هَذَا النَّهْي على النّدب، فَلَو فعل ذَلِك لم يَنْفَسِخ النِّكَاح، وَاعْترض عَلَيْهِ ابْن بطال بِأَن نفي الْحل تَحْرِيم صَرِيح، وَلَكِن لَا يلْزم مِنْهُ فسخ النِّكَاح وَإِنَّمَا فِيهِ التَّغْلِيظ على الْمَرْأَة أَن تسْأَل طَلَاق الْأُخْرَى، ولترض، بِمَا قسم الله لَهَا، وَفِي رِوَايَة أبي نعيم فِي الْمُسْتَخْرج من طَرِيق ابْن الْجُنَيْد عَن عبيد الله بن مُوسَى شيخ البُخَارِيّ الْمَذْكُور بِلَفْظ: (لَا يصلح لامْرَأَة أَن تشْتَرط طَلَاق أُخْتهَا لتكتفىء إناءها) . وَأخرجه الْبَيْهَقِيّ وَلَفظه: (لَا يَنْبَغِي) بدل لَا يصلح، وَقَالَ لتكفأ. وَلَفظ التِّرْمِذِيّ: لَا تسْأَل الْمَرْأَة طَلَاق أُخْتهَا لتكتفىء بِمَا فِي إناءها. قَوْله: (لتكتفىء) ، من كفات الْإِنَاء إِذا أملته، وَقَالَ الْكسَائي: أكفأت الْإِنَاء كببته وكفأته وأكفأته: أملته قَوْله: (لتستفرغ صحفتها) أَي: لتقلب مَا فِي إنائها وَأَصله من أفرغت الْإِنَاء إفراغا، وفرغته، إِذا قبلت مَا فِيهِ، لَكِن هُوَ مجَاز عَمَّا كَانَ للَّتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>