للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدّين. وَقيل: مَعْنَاهُ، احْذَرُوا الحمو كَمَا يحذر الْمَوْت، فَهَذَا فِي أَب الزَّوْج فَكيف فِي غَيره؟ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هِيَ كلمة تَقُولهَا الْعَرَب كَمَا يُقَال الْأسد الْمَوْت، أَي لقاؤه مثل الْمَوْت، وكما يُقَال: السُّلْطَان نَار، وَيُقَال: مَعْنَاهُ فليمت وَلَا يفعل ذَلِك، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: مَعْنَاهُ أَنه يُفْضِي إِلَى موت الدّين أَو إِلَى مَوتهَا بِطَلَاقِهَا عِنْد غيرَة الزَّوْج، أَو برجمها إِن زنت مَعَه.

وَفِي (مجمع الغرائب) : يحْتَمل أَن يُرَاد بِالْحَدِيثِ أَن الْمَرْأَة إِذا خلت فَهِيَ مَحل الآفة فَلَا يُؤمن عَلَيْهَا أحد فَلْيَكُن حموها الْمَوْت، أَي: لَا يجوز أَن يدْخل عَلَيْهَا أحد إلَاّ الْمَوْت، كَمَا قَالَ الآخر: والقبر صهر ضَامِن، وَهَذَا مُتَّجه لَائِق بِكَمَال الْغيرَة وَالْحمية، والحمو مُفْرد الأحماء، قَالَ الْأَصْمَعِي: الأحماء من قبل الزَّوْج، والأختان من قبل الْمَرْأَة، والأصهاري يجمع الْفَرِيقَيْنِ. وَفِي (الإفصاح) لِابْنِ بزِي: عَن الْأَصْمَعِي: الأحماء من قبل الْمَرْأَة، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: حاء الحمو هُنَا مهموزا والمهموز أحد لغاته، وَيُقَال فِيهِ: حمو، بواو مَضْمُومَة متحركة كدلو، وَحمى مَقْصُور كعصا، قَالَ: وَالْأَشْهر فِيهِ أَنه من الْأَسْمَاء السِّتَّة المعتلة المضافة الَّتِي تعرب فِي حَال إضافتها إِلَى غير يَاء الْمُتَكَلّم بِالْوَاو رفْعَة وبالألف نصبا وبالياء خفضا، وَيكون على قَول الْأَصْمَعِي إِنَّه مَهْمُوز مثل كمء وَإِعْرَابه بالحركات كَسَائِر الْأَسْمَاء الصَّحِيحَة، وَمن قصره لَا يدْخلهُ سوى التَّنْوِين فِي الرع وَالنّصب والجر إِذا لم يضف، وَحكى عِيَاض: هَذَا حمؤك، بِإِسْكَان الْمِيم وهمزة مَرْفُوعَة، وحم كأب.

٣٣٢٥ - حدّثنا عَليُّ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ حَدثنَا عَمْرٌ وعنْ أبي مَعْبَدٍ عَن ابنِ عَبَّاسٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامرَأةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، فقامَ رجُلٌ مِنَ الأنْصارِ فَقَالَ: يَا رسولَ الله! امْرَأتِي خَرَجَتْ حاجَّةً واكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وكَذَا، قَالَ: إرْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأتكَ.

)

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَعَمْرو هُوَ ابْن دِينَار، وَأَبُو معبد، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة وبالدال الْمُهْملَة واسْمه نَافِذ، بالنُّون وَالْفَاء وبالذال الْمُعْجَمَة: مولى ابْن عَبَّاس.

والْحَدِيث مضى بأتم مِنْهُ فِي كتاب الْحَج فِي: بَاب حج النِّسَاء فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي النُّعْمَان عَن حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو عَن أبي معبد ... الخ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

وَفِيه: إِبَاحَة الرُّجُوع عَن الْجِهَاد إِلَى إحجاج امْرَأَته، لِأَن سترهَا وصيانتها فرض عَلَيْهِ، وَالْجهَاد فِي ذَلِك الْوَقْت كَانَ يقوم بِهِ غَيره، فَلذَلِك أمره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يحجّ مَعهَا إِذا لم يكن مَعهَا محرم يحجّ مَعهَا، وَهَذَا صَرِيح فِي أَن الْحَج لَا يجب على الْمَرْأَة عِنْد الِاسْتِطَاعَة إِلَّا بزوجها أَو بِمحرم مَعهَا. وَالله أَعم.

٢١١ - (بابُ مَا يَجُوزُ أنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بالمَرْأةِ عِندَ النَّاسِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان مَا يجوز أَن يَخْلُو الرجل بِالْمَرْأَةِ، حَاصِلَة أَن الرجل الْأمين لَيْسَ عَلَيْهِ بَأْس إِذا خلا بِامْرَأَة فِي نَاحيَة من النَّاس لما تسأله عَن بواطن أمرهَا فِي دينهَا وَغير ذَلِك من أمورها، وَلَيْسَ المُرَاد من قَوْله: (أَن يَخْلُو الرجل) أَن يغيب عَن أبصار النَّاس، فَلذَلِك قَيده بقوله: (عِنْد النَّاس) وَإِنَّمَا يَخْلُو بهَا حَيْثُ لَا يسمع الَّذِي بالحضرة كَلَامهَا وَلَا شكواها إِلَيْهِ. فَإِن قلت لَيْسَ فِي حَدِيث الْبَاب أَنه خلا بهَا عِنْد النَّاس قلت: قَول أنس فِي الحَدِيث فَخَلا بهَا، يدل على أَنه كَانَ مَعَ النَّاس فَتنحّى بهَا نَاحيَة لِأَن أنسا الَّذِي هُوَ رَاوِي الحَدِيث كَانَ هُنَاكَ، وَجَاء فِي بعض طرقه أَنه كَانَ مَعهَا صبي أَيْضا، فصح أَنه كَانَ عِنْد النَّاس، وَلَا سِيمَا. أَنهم سمعُوا قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَنْتُم أحب النَّاس إِلَيّ، يُرِيد بهم الْأَنْصَار، وهم قوم الْمَرْأَة.

٤٣٢٥ - حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّارِ غُنْدَرٌ حَدثنَا شُعْبَةُ عنْ هِشامٍ قَالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بنَ مَالك، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: جاءَتِ امْرَأةٌ منَ الأنْصارِ إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخَلَا بِها، فَقَالَ: وَالله إنَّكُنَّ لأحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ.

(انْظُر الحَدِيث ٦٨٧٣ وطرفه)

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَخَلا بهَا) . وغندر قد تكَرر ذكره وَهُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر، وَهِشَام هُوَ ابْن زيد بن أنس بن مَالك يروي عَن جده أنس.

والْحَدِيث مضى فِي فضل الْأَنْصَار عَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن بهز بن أَسد عَن شُعْبَة عَن هِشَام بن زيد،

<<  <  ج: ص:  >  >>