للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِيَدْعُوهُ، فَدخل فَرَأى عمر بِحَالَة كره عمر رُؤْيَة ذَلِك، فَقَالَ: يَا رَسُول الله! وددت لَو أَن الله أمرنَا ونهانا فِي حَالَة الاسْتِئْذَان فَنزلت هَذِه الْآيَة، وَقَالَ مقَاتل تزلت هَذِه الْآيَة فِي أَسمَاء بنت مرْثَد الحارثية، وَكَانَ لَهَا غُلَام كَبِير فَدخل عَلَيْهَا وَفِي وَقت كرهته، فَأَتَت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت: إِن خدمنا وغلماننا يدْخلُونَ علينا فِي حَالَة نكْرههَا فَأنْزل الله الْآيَة قيل: ظَاهر الْخطاب للرِّجَال وَالْمرَاد بِهِ الرِّجَال وَالنِّسَاء تَغْلِيبًا للمذكر على الْمُؤَنَّث. قَالَ الإِمَام: وَالْأولَى أَن يكون الْخطاب للرِّجَال وَالْحكم ثَابت للنِّسَاء بِقِيَاس جلي لِأَن النِّسَاء فِي بَاب حفظ الْعَوْرَة أَشد حَالا من الرِّجَال. وَمعنى الْكَلَام: لِيَسْتَأْذِنكُم مماليككم فِي الدُّخُول عَلَيْكُم، قَالَ أَبُو يعلى: وَالْأَظْهَر أَن يكون المُرَاد العبيد الصغار لِأَن العَبْد الْبَالِغ بِمَنْزِلَة الْحر الْبَالِغ فِي تَحْرِيم النّظر إِلَى مولاته: {وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم مِنْكُم} أَي من الْأَحْرَار من الذُّكُور وَالْإِنَاث قَوْله: {ثَلَاث مَرَّات} أَي: ثَلَاث أَوْقَات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة من قبل صَلَاة الْفجْر لِأَنَّهُ وَقت الْقيام من الْمضَاجِع وَطرح مَا ينَام فِيهِ من الثِّيَاب وَلبس ثِيَاب الْيَقَظَة {وَحين تضعون ثيابكم} من الظهيرة القائلة، وَمن بعد صَلَاة الْعشَاء لِأَنَّهُ وَقت التجرد من ثِيَاب الْيَقَظَة والالتحاف بِثِيَاب النّوم، وَإِنَّمَا خص هَذِه الْأَوْقَات لِأَنَّهَا سَاعَات الْغَفْلَة وَالْخلْوَة وَوضع الثِّيَاب وَالْكِسْوَة. قَوْله: (ثَلَاث عورات لكم) سمى كل وَاحِدَة من هَذِه الْأَحْوَال عَورَة لِأَن النَّاس يخْتل تسترهم وتحفظهم فِيهَا، والعورة الْخلَل.

٩٤٢٥ - حدّثنا أحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ أخْبرنا عبْدُ الله أخبرنَا سُفْيانُ عنْ عبدِ الرَّحْمانِ بنِ عابِسٍ سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، سألَهُ رَجُلٌ: شَهِدْتَ مَعَ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، العيدَ أضْحًى أوْ فِطْرا؟ قَالَ: نَعَمْ، ولوْلا مَكانِي منْه مَا شهِدْتُهُ يَعْنِي مِنْ صِغَرِهِ قَالَ: خَرَجَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ ولَمْ يَذُكُرْ أذَانَا وَلَا إقامَةَ، ثُمَّ أتَى النِّساءَ فَوَعَظَهُنَّ وذَكَرَهُنَّ وأمَرَهُنَّ بالصَّدَقَةِ، فَرَأيْتَهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذانِهِنَّ وحُلُوقِهنَّ يَدْفَعْنَ إِلَى بَلَالٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وبِلَالٌ إِلَى بَيْتِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة مَا قَالَه الْمُهلب: كَانَ ابْن عَبَّاس فِي هَذَا لوقت مِمَّن يطلع على عورات النِّسَاء، وَلذَلِك قَالَ: لَوْلَا مَكَاني من الصغر مَا عهدته، وَهَذَا هوموضع التَّرْجَمَة بقوله: بَاب {وَالَّذين لم يبلغُوا الْحلم} قَالَ: وَكَانَ بِلَال من الْبَالِغين قَالَ تَعَالَى: {لِيَسْتَأْذِنكُم الَّذين ملكت أَيْمَانكُم} (النُّور: ٨٥) فَأجرى الَّذين ملكت أمانهم مجْرى الَّذين لم يبلغُوا الْحلم، وَأمر بالاستئذان فِي العورات الثَّلَاث، لِأَن النَّاس ينكشفون فِي تِلْكَ الْأَوْقَات وَلَا يكونُونَ فِي التستر فِيهَا كَمَا يكونُونَ فِي غَيرهَا.

وَأحمد بن مُحَمَّد الملقب بمردويه، بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الرَّاء وَضم الدَّال الْمُهْملَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف: السمسار الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَعبد الرَّحْمَن بن عَابس بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة من العبوس النَّخعِيّ الْكُوفِي.

والْحَدِيث قد مر فِي صَلَاة الْعِيد فن بَاب الْعلم الَّذِي بالمصلى، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن مُسَدّد عَن يحيى بن سُفْيَان عَن عبد الرَّحْمَن بن عَابس إِلَى آخِره، وَمر الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (لَوْلَا مَكَاني مِنْهُ) أَي: منزلتي من النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (من صغره) ، فِيهِ الْتِفَات، وَفِي رِوَايَة السَّرخسِيّ: من صغري على الأَصْل، كَذَا قَالَ بَعضهم. قلت: الظَّاهِر أَن قَوْله: (من صغره) لَيْسَ من كَلَام ابْن عَبَّاس، بل من كَلَام أحد الروَاة بِدَلِيل قَوْله: (يَعْنِي من صغره) على مَا لَا يخفى، وَأما على رِوَايَة السَّرخسِيّ فَمن كَلَامه بِلَا نزاع فَافْهَم. قَوْله: (ويهوين) ، من بَاب ضرب يضْرب قَالَ الْكرْمَانِي: من الإهواء أَي: يقصدن، قلت: فَحِينَئِذٍ بِضَم الْيَاء من أَهْوى إِذا أَرَادَ أَن يَأْخُذ شَيْئا. قَوْله: (يدفعن) حَال قَوْله: (ثمَّ ارْتَفع هُوَ) أَي: النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَي: رَجَعَ هُوَ وبلال مَعَه وَفِي رِوَايَة صَلَاة الْعِيد: ثمَّ انْطلق هُوَ وبلال إِلَى بَيته. وَقَالَ ابْن التِّين: اخْتلف فِي أول من ابتدع الْأَذَان أَولا للعيد، فَقيل: ابْن الزبير، وَقيل: مُعَاوِيَة، وَقيل: ابْن هِشَام، وَعَن الدَّاودِيّ: مَرْوَان، وَقَالَ الْقُضَاعِي: زِيَاد.

٥٢١

- (بابُ قَوْل الرَّجُلِ لِصاحِبِهِ: هَلْ أعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ وطَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فِي الْخاصِرَةِ عِنْدَ العِتابِ) ٢.

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر قَول الرجل لصَاحبه هَل أعرستم اللَّيْلَة؟ وَهَذَا الْمِقْدَار زَاده ابْن بطال فِي شَرحه وَلم يذكرهُ غَيره

<<  <  ج: ص:  >  >>