للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يدْخل بهَا، أَو كَانَ قَادِرًا على جِمَاعهَا أَو عَاجِزا عَنهُ، وَكَذَلِكَ يَصح من كل زَوْجَة صَغِيرَة كَانَت أَو كَبِيرَة عَاقِلَة أَو مَجْنُونَة أَو رتقاء أَو سليمَة مُحرمَة أَو غير مُحرمَة ذِمِّيَّة أَو مسلمة أَو فِي عدَّة تملك رَجعتهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح ظِهَار الذِّمِّيّ، وَقَالَ مَالك: لَا يَصح ظِهَار العَبْد، وَقَالَ بعض الْعلمَاء: لَا يَصح ظِهَار غير الْمَدْخُول بهَا، وَقَالَ الْمُزنِيّ: إِذا طلق الرجل امْرَأَته طَلْقَة رَجْعِيَّة ثمَّ ظَاهر مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا يَصح.

وَاخْتلف فِي الظِّهَار من الْأمة وَأم الْوَلَد، فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيّ: لَا يَصح الظِّهَار مِنْهُمَا، وَقَالَ مَالك وَالثَّوْري وَالْأَوْزَاعِيّ وَاللَّيْث: لَا يكون من أمته مُظَاهرا. احْتج الْكُوفِيُّونَ بقوله تَعَالَى: {وَالَّذين يظاهرون من نِسَائِهِم} (المجادلة: ٢)

وَالْأمة لَيست من نسائنا.

النَّوْع الْخَامِس: فِي بَيَان الْكَفَّارَة، وَهُوَ تَحْرِير رَقَبَة قبل الْوَطْء سَوَاء كَانَت ذكرا أَو أُنْثَى صَغِيرَة أَو كَبِيرَة مسلمة أَو كَافِرَة لإِطْلَاق النَّص. وَقَالَ الشَّافِعِي: لَا تجوز الْكَفَّارَة بالكافرة وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد، وَقَالَ ابْن حزم: يجوز الْمُؤمن وَالْكَافِر والسالم والمعيب وَالذكر وَالْأُنْثَى، وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَمَالك: لَا تجوز الرَّقَبَة المعيبة وَقَالَ ابْن حزم: وروينا عَن النَّخعِيّ وَالشعْبِيّ أَن عتق الْأَعْمَى يَجْزِي فِي ذَلِك، وَعَن ابْن جريج: إِن الأشل يَجْزِي فِي ذَلِك، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْمَجْنُون لَا يَصح.

وَأعلم أَن الْكَفَّارَة على أَنْوَاع:

الأول: عتق الرَّقَبَة. فَإِن عجز صَامَ شَهْرَيْن مُتَتَابعين لَيْسَ فيهمَا شهر رَمَضَان وَالْأَيَّام المنهية، وَهِي يَوْمًا الْعِيدَيْنِ وَأَيَّام التَّشْرِيق، فَإِن وطىء فيهمَا لَيْلًا أَو نَهَارا نَاسِيا أَو عَامِدًا اسْتَأْنف الصَّوْم، وَذكر ابْن حزم عَن مَالك أَنه إِذا وطىء الَّتِي ظَاهر مِنْهَا لَيْلًا قبل تَمام الشَّهْرَيْنِ يبتدىء بهما من ذِي قبل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ: يتمهما بانياً على مَا صَامَ مِنْهُمَا. وَقَالَ أَصْحَابنَا: فَإِن وَطئهَا فِي الشَّهْرَيْنِ لَيْلًا عَامِدًا أَو يَوْمًا نَاسِيا، أَو أفطر فيهمَا مُطلقًا يَعْنِي: سَوَاء كَانَ بِعُذْر أَو بِغَيْر عذر اسْتَأْنف الصَّوْم عِنْدهمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُف: وَلَا يسْتَأْنف إلَاّ بالإفطار. وَبِه قَالَ الشَّافِعِي. وَقَالَ مَالك وَأحمد: إِن كَانَ بِعُذْر لَا يسْتَأْنف وَلم يجز للْعَبد إلَاّ الصَّوْم، فَإِن لم يسْتَطع الصَّوْم أطْعم سِتِّينَ مِسْكينا كالفطرة فِي قدر الْوَاجِب يَعْنِي: نصف صَاع من بر أَو صَاع من تمر أَو شعير، وَقَالَ الشَّافِعِي: لكل مِسْكين مد من غَالب قوت بَلَده، وَعند مَالك مد بِمد هِشَام وَهُوَ مدان بِمد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَعند أَحْمد من الْبر مد وَمن تمر وشعير مدان، وَإِن طعم ثَلَاثِينَ مِسْكينا، ثمَّ وطيء، فَقَالَ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة: يتم الْإِطْعَام كَمَا لَو وطىء قبل أَن يطعم لم يكن عَلَيْهِ إلَاّ إطْعَام وَاحِد. وَقَالَ اللَّيْث وَالْأَوْزَاعِيّ وَمَالك يسْتَأْنف إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا.

النَّوْع السَّادِس: فِيمَن ظَاهر ثمَّ كرر ثَانِيَة أَو ثَالِثَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَاّ كَفَّارَة وَاحِدَة، فَإِن كرر رَابِعَة فَعَلَيهِ كَفَّارَة أُخْرَى. قَالَه ابْن حزم، وَعَن عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. إِذا ظَاهر فِي مجْلِس وَاحِد مرَارًا فكفارة وَاحِدَة، وَإِن ظَاهر فِي مقاعد شَتَّى فَعَلَيهِ كَفَّارَات شَتَّى، وَالْإِيمَان كَذَلِك وَهُوَ قَول قَتَادَة وَعَمْرو بن دِينَار، وَقَالَ ابْن حزم: صَحَّ ذَلِك عَنْهُمَا، وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَ فِي ذَلِك إلَاّ كَفَّارَة وَاحِدَة، قَالَ ابْن حزم: روينَا عَن طَاوُوس وَعَطَاء وَالشعْبِيّ أَنهم قَالُوا: إِذا ظَاهر من امْرَأَة خمسين مرّة فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَة وَاحِدَة، وَصَحَّ مثله عَن الْحسن، وَهُوَ قَول الْأَوْزَاعِيّ، وَقَالَ الْحسن أَيْضا: إِذا ظَاهر مرَارًا فَإِن كَانَ فِي مجَالِس شَتَّى فكفارة وَاحِدَة مَا لم يكفر وَالْإِيمَان كَذَلِك، قَالَ معمر: وَهُوَ قَول الزُّهْرِيّ، وَقَول مَالك، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ كرر الظِّهَار فِي مجْلِس وَاحِد وَنوى التّكْرَار فكفارة وَاحِدَة، وَإِن لم يكن لَهُ نِيَّة فَلِكُل ظِهَار كَفَّارَة، وَسَوَاء كَانَ ذَلِك فِي مجْلِس وَاحِد أَو مجَالِس.

النَّوْع السَّابِع: فِيمَا يجوز للمظاهر أَن يفعل مَعَ امْرَأَته الَّتِي ظَاهر مِنْهَا، رُوِيَ عَن الثَّوْريّ أَنه: لَا بَأْس أَن يقتل الَّتِي ظَاهر مِنْهَا قبل التَّكْفِير، ويباشرها فبمَا دون الْفرج لِأَن الْمَسِيس هُنَا الْجِمَاع، وَهُوَ قَول الْحسن وَعَطَاء وَعَمْرو بن دِينَار وَقَتَادَة وَقَول أَصْحَاب الشَّافِعِي، وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: أحب إِلَيّ أَن يمْتَنع من الْقبْلَة والتلذذ احْتِيَاطًا، وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق: لَا بَأْس أَن يقبل ويباشر وَأبي مَالك من ذَلِك لَيْلًا أَو نَهَارا. وَكَذَا فِي صِيَام الشَّهْرَيْنِ، قَالَ: وَلَا ينظر إِلَى شعرهَا وَلَا إِلَى صدرها حَتَّى يكفِّر، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: يَأْتِي مِنْهَا مَا دون الْإِزَار كالحائض، وَقَالَ أَصْحَابنَا، كَمَا يحرم عَلَيْهِ الْوَطْء قبل التَّكْفِير حرمت عَلَيْهِ دواعيه كاللمس والقبلة بِشَهْوَة.

النَّوْع الثَّامِن: فِيمَن وَجَبت عَلَيْهِ كَفَّارَة الظِّهَار، وَلم تسْقط بِمَوْتِهِ وَلَا بموتها وَلَا طَلَاقه لَهَا هِيَ من رَأس مَاله إِن مَاتَ أوصى بهَا أَو لم يوصِ، وَهَذَا مَذْهَب الشَّافِعِيَّة وَعند أَصْحَابنَا الدُّيُون نَوْعَانِ حُقُوق الله وَحُقُوق الْعباد، فَحق الله أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>