للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَا رَسُول الله! مَا عدَّة من لم تَحض؟ فَنزلت.

قَالَ مُجاهدٌ: إنْ لَمْ تَعْلَمُوا يَحِضْنَ أوْ لَا يَحِضْنَ والّلائِي قَعَدْنَ عَن الحَيْضِ والّلائِي لَمْ يَحِضْنَ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أشْهُرٍ.

أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي تَفْسِير قَوْله: {إِن أرتبتم} (الطَّلَاق: ٤) بقوله: (إِن لم تعلمُوا) . . الخ وَوصل هَذَا التَّعْلِيق عبد بن حميد عَن شَبابَة عَن وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَنهُ، وَقد أجمع الْعلمَاء على أَن عدَّة الآيسة من الْمَحِيض ثَلَاثَة أشهر، وَأما أولات الْأَحْمَال. . فَقَالَ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق: أَكثر الْعلمَاء، وَالَّذِي، مضى عَلَيْهِ الْعَمَل أَنَّهَا إِذا وضعت حملهَا فقد انْقَضتْ عدتهَا، وَخَالف فِي ذَلِك عَليّ وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، فَإِنَّهُمَا قَالَا: عدتهَا آخر الْأَجَليْنِ، وَرُوِيَ أَيْضا عَن سَحْنُون، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس: الرُّجُوع عَن ذَلِك، وَيُؤَيّد ذَلِك أَن أَصْحَابه عَطاء وَعِكْرِمَة وَجَابِر بن زيد قَالُوا كَقَوْل الْجَمَاعَة، وَقَالَ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان: لَا تخرج عَن الْعدة حَتَّى يَنْقَضِي نفَاسهَا وتغتسل مِنْهُ.

٩٣ - (بابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: { (٦٥) وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ} (الطَّلَاق: ٤) .)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأولَات الْأَحْمَال} (الطَّلَاق: ٤) وَقد مر بَيَانه عَن قريب، وَأولَات الْأَحْمَال الحبالى.

٨١٣٥ - حدّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ حَدثنَا اللّيْثُ عنْ جَعْفَرِ بنِ ربِيعَةَ عنْ عبْد الرَّحْمانِ بنِ هُرْمُزَ الأعْرَجِ قَالَ: أَخْبرنِي أبُو سَلَمَة بنُ عبدِ الرَّحمْنِ أنَّ زَيْنَبَ ابْنَةَ أبي سَلَمَة أخْبَرَتْهُ عنْ أُمِّها أُمِّ سَلَمَة زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أنَّ امْرَأةً مِنْ أسْلَمَ يُقالُ لَهَا: سُبَيْعَةُ، كانَتْ تَحْتَ زَوْجِها تُوُفِّيَ عنْها وهْي حُبْلَى، فَخَطَبَها أبُو السَّنابِلِ بنُ بَعْكَكٍ، فأبَتْ أنْ تَنْكِحَهُ، فَقَالَ: وَالله مَا يَصْلُحُ أنْ تَنْكحِيهِ حتَّى تَعْتَدِّي آخِرَ الأجَلْيْنِ، فَمَكَثَتْ قَرِيباً مِنْ عَشْرِ لَيالٍ ثُمَّ جاءَتِ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: أنْكِحِي.

(انْظُر الحَدِيث: ٩٠٩٤) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّلَاق أَيْضا عَن عبد الْملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث بن سعد عَن أَبِيه عَن جده بِهِ.

قَوْله: (من أسلم) بِلَفْظ أفعل التَّفْضِيل نِسْبَة إِلَى أسلم بن أفصى بن حَارِثَة بن عَمْرو. قَوْله: (سبيعة) مصغر السَّبْعَة الَّتِي بعد السِّتَّة بنت الْحَارِث، وَزوجهَا سعد بن خَوْلَة من بني عَامر بن لؤَي من أنفسهم، وَقيل: هُوَ حَلِيف لَهُم، مَاتَ بِمَكَّة فِي حجَّة الْوَدَاع وَهُوَ الصَّحِيح. قَوْله: (وَهِي حُبْلَى) الْوَاو فِيهِ للْحَال. قَوْله: (أَبُو السنابل) جمع سنبلة، واسْمه عَمْرو، وَقيل: حَبَّة بن بعكك بن الْحجَّاج بن الْحَارِث ابْن السباق بن عبد الدَّار بن قصي الْقرشِي الْعَبدَرِي، كَانَ من مسلمة الْفَتْح، وَكَانَ شَاعِرًا وَمَات بِمَكَّة. قَوْله: (فَأَبت أَن تنكحه) أَي: فامتنعت من أَن تنكحه، وَأَن مَصْدَرِيَّة. قَوْله: (فَقَالَ) الْقَائِل هُوَ أَبُو السنابل، وَوَقع عِنْد الشَّيْخ أبي الْحسن: فَقَالَت، وَهُوَ تَحْرِيف لِأَن أَبَا السنابل خاطبها بذلك. قَوْله: (آخر الْأَجَليْنِ) يَعْنِي: وضع الْحمل وتربص أَرْبَعَة أشهر وَعشر، يَعْنِي: تعتدي بأطولها. قَوْله: (أنكحي) أمرهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالنِّكَاحِ لِأَن مدَّتهَا انْقَضتْ بِوَضْع الْحمل لقَوْله تَعَالَى: {وَأولَات الْأَحْمَال} (الطَّلَاق: ٤)

الْآيَة وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: هَذَا أَيْضا خصص عُمُوم الْآيَة لِأَن الْآيَة وَهِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا} (الطَّلَاق: ٤) عَامَّة فِي كل مُعْتَدَّة من طَلَاق أَو وَفَاة إِذْ جَاءَت مجملة لم يذكر فِيهَا أَنَّهَا للمطلقة خَاصَّة، وَلَا للمتوفى عَنْهَا زَوجهَا، خَاصَّة. وَالْعَمَل على حَدِيث الْبَاب بالحجاز وَالْعراق وَالشَّام، وَلَا يعلم فِيهِ مُخَالف إلَاّ مَا رُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي آخر الْبَاب الَّذِي قبل.

٩١٣٥ - حدّثنا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ عنِ اللَّيْثِ عنْ يَزيدَ أنَّ ابنَ شِهابٍ كَتَبَ إلَيْهِ أنَّ عُبَيْدَ الله ابنَ عبْدِ الله أخْبَرَهُ عنْ أبِيهِ أنّهُ كَتَبَ إِلَى ابنِ الأرْقَمِ أَن يَسْألَ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةَ: كَيْفَ أفْتاها النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فقالَتْ: أفْتانِي إذَا وضَعْتُ أنْ أنْكَحَ.

(انْظُر الحَدِيث: ١٩٩٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>