للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَمَامَ السَّنَةٍ سَبْعَةَ أشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَصِيَةً إنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِها، وَإنْ شَاءَت خَرَجَتْ وَهُوَ قَوْلُ الله تَعَالَى: {غَيْرَ إخْرَاجٍ فَإنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} (الْبَقَرَة: ٢٤) فَالْعِدَّةُ كَمَا هِيَ وَاجِبٌ عَلَيْها زَعَمَ ذالِكَ عَنْ مُجاهِدٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وشبل بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عباد بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة المكى يرْوى عَن عبد الله بن أبي نجيح بِفَتْح النُّون وَكسر الْجِيم وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة واسْمه يسَار ضد الْيَمين وَقضى هَذَا بِهَذَا السَّنَد والمتن فِي تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (عَن مُجَاهِد وَالَّذين) الخ أَي: عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذين يتوفون} إِلَى آخِره. وَقَوله قَالَ: (كَانَت هَذِه الْعدة) توضح هَذَا الْمِقْدَار أَي: قَالَ مُجَاهِد: كَانَت هَذِه الْعدة، وَأَشَارَ بهَا إِلَى الْعدة الَّتِي تتضمنها هَذِه الْآيَة. قَوْله: (وَاجِبا) الْقيَاس وَاجِبَة بالتأنيث، وَلَكِن كَذَا وَقع فِي رِوَايَة لأبي ذَر عَن الْكشميهني، وَوَجهه إِمَّا بِاعْتِبَار الِاعْتِدَاد، وَإِمَّا بِتَقْدِير أَن يُقَال: أمرا وَاجِبا. وَإِمَّا أَن يَجْعَل الْوَاجِب اسْما لما يذم تَاركه وَيقطع النّظر عَن الوصفية، وَوَقع فِي رِوَايَة كَرِيمَة: وَاجِب، بِالرَّفْع وَوَجهه أَن يكون خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف. أَي: أَمر وَاجِب: أَو أَن يكون: كَانَت تَامَّة وَيكون قَوْله: تَعْتَد مُبْتَدأ وواجب خَبره على طَريقَة قَوْلك: تسمع بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ، ويكن التَّقْدِير: وَأَن تَعْتَد، أَي: واعتدادها عِنْد أهل زَوجهَا وَاجِب. كَمَا يقدر فِي: تسمع. أَن تسمع، ثمَّ يَقُول: أَي: سماعك بالمعيدي خير من أَن ترَاهُ. أَي: من رُؤْيَته. قَوْله: (قَالَ: جعل الله) أَي: قَالَ مُجَاهِد: جَعَلَ الله إِلَى آخِره، وَحَاصِل كَلَام مُجَاهِد أَنه جعل على الْمُعْتَدَّة تربص أَرْبَعَة أشهر وَعشرا أوْجَبَ على أَهلهَا أَن تبقى عِنْدهم سَبْعَة أشهر وَعشْرين لَيْلَة، تَمام الْحول. وَقَالَ ابْن بطال: هَذَا قَول لم يقلهُ أحد من الْمُفَسّرين غَيره وَلَا تَابعه عَلَيْهِ أحد من الْفُقَهَاء، بل أطبقوا على أَن آيَة الْحول مَنْسُوخَة وَأَن السكني تبع للعدة، فَلَمَّا نسخ الْحول فِي الْعدة بالأربعة أشهر وَعشرا نسخت السُّكْنَى أَيْضا. وَقَالَ ابْن عبد الْبر: لم يخْتَلف الْعلمَاء فِي أَن الْعدة بالحول نسخت إِلَى أَرْبَعَة أشهر وَعشرا، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي قَوْله: (غير إِخْرَاج) الْجُمْهُور على أَنه نسخ أَيْضا. قَوْله: (زعم ذَلِك عَن مُجَاهِد) أَي: قَالَ ذَلِك ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد أَن الْعدة الْوَاجِبَة أَرْبَعَة أشهر وَعشرا، وَتَمام السّنة باختيارها بِحَسب الْوَصِيَّة فَإِن شَاءَت قبلت الْوَصِيَّة وَتعْتَد إِلَى الْحول، وَإِن شَاءَت اكتفت بِالْوَاجِبِ، وَيُقَال: يحْتَمل أَن يكون مَعْنَاهُ الْعدة إِلَى تَمام السّنة وَاجِبَة، وَأما السُّكْنَى عِنْد أهل زَوجهَا فَفِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهر وَالْعشر وَاجِبَة، وَفِي التَّمام باختيارها، وَلَفظه: فالعدة كَمَا هِيَ وَاجِبَة عَلَيْهَا يُؤَيّد هَذَا الإحتمال، وَحَاصِله أَنه لَا يَقُول بالنسخ، وَالله أعلم.

{وَقَالَ عَطَاءٌ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: نَسَخَتْ هاذِهِ الآيَةُ عِدَّتَها عِنْدَ أهْلِها فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ وَهُوَ قَوْلُ الله تَعَالَى: غَيْرَ إخْرَاجٍ}

أَي: قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عبد الله بن عَبَّاس إِلَى آخِره، وَقد مر فِي تَفْسِير سُورَة الْبَقَرَة.

وَقَالَ عَطَاءٌ: إنْ شَاءَتِ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أهْلِها وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِها وَإنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ لِقَوْلِ الله: {فَلا جُناح عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أنْفُسِهِنَّ} (الْبَقَرَة: ٢٤) قَالَ عَطَاءٌ: ثُمَّ جَاءَ المِيراثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ وَلا سُكْنَى لَهَا.

أَي: قَالَ عَطاء الْمَذْكُور. قَوْله: (لَا سُكْنى لَهَا) ، هُوَ قَول أبي حنيفَة: إِن الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا لَا سُكْنى لَهَا، وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي كَالنَّفَقَةِ، وأظهرهما الْوُجُوب، وَمذهب مَالك: إِن لَهَا السُّكْنَى إِذا كَانَت الدَّار ملكا للْمَيت.

٥٣٤٥ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الله بنِ أبِي بَكْرٍ بنِ عَمْروِ بنِ حَزْمٍ حدَّثني حُمَيْدُ بنُ نَافِعٍ عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُُمِّ حَبِيبَةَ ابْنَةِ أبِي سُفْيَانَ لَمَّا جَاءَها نَعِيُّ أبِيها

<<  <  ج: ص:  >  >>