للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٤٧٥ - حدَّثنا أبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا زَكَريَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، رَضِيَ الله عَنه، قَالَ: سألْتُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنْ صَيْدِ المِعْرَاضِ؟ قَالَ: مَا أصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْهُ وَمَا أصَابَ بِعَرْضِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ وَسَألْتُهُ عَنْ صَيْدِ الكَلْبِ؟ فَقَالَ: مَا أمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ فَإنَّ أخْذَ الكَلْبِ ذَكَاةٌ وَإنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلَبِكَ أوْ كِلابِكَ كَلَبا غَيْرَهُ فَخَشِيتَ أنْ يَكُونَ أخَذَهُ مَعَهُ وَقَدْ قَتَلَهُ فَلا تَأْكُلْ فَإنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ الله عَلَى كَلْبِكَ وَلَمْ تَذْكُرْهُ عَلَى غَيْرِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة على تَقْدِير وجود قَوْله: بَاب التَّسْمِيَة على الصَّيْد وإلَاّ فَلقَوْله: كتاب الصَّيْد والذبائح وَالتَّسْمِيَة على الصَّيْد أظهر لِأَن فِي الحَدِيث ثَلَاثَة أَشْيَاء مَشْرُوعِيَّة الصَّيْد، وَوُجُوب ذَكَاته حَقِيقَة أَو حكما وَوُجُوب التَّسْمِيَة وللترجمة ثَلَاثَة أَجزَاء يُطَابق كل وَاحِد من الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة، وكل وَاحِد من أَجزَاء التَّرْجَمَة.

وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن؟ وزَكَرِيا هُوَ ابْن أبي زَائِدَة، وعامر هُوَ الشّعبِيّ، وعدي بن حَاتِم بن عبد الله بن سعد الطَّائِي الْجواد بن الْجواد، وَكَانَ إِسْلَامه سنة الْفَتْح، وَثَبت هُوَ وَقَومه على الْإِسْلَام نزل الْكُوفَة وَشهد الْفتُوح بالعراق، ثمَّ كَانَ مَعَ عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَمَات بِالْكُوفَةِ زمن الْمُخْتَار سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَهُوَ ابْن عشْرين وَمِائَة سنة، وَيُقَال: مَاتَ بقرقيسيا، وَقَالَ أَبُو حَاتِم فِي (كتاب المعمرين) . قَالُوا: عَاشَ عدي بن حَاتِم مائَة وَثَمَانِينَ سنة، وَكَانَ أَعور.

والْحَدِيث مضى فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بَاب المَاء الَّذِي يغسل بِهِ شعر الْإِنْسَان، من غير ذكر قصَّة المعراض، وَمضى أَيْضا فِي أَوَائِل كتاب الْبيُوع فِي: بَاب تَفْسِير المشبهات بِتَمَامِهِ. وَأخرجه مُسلم فِي الصَّيْد عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير وَغَيره، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن يُوسُف بن عِيسَى وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر وَآخَرين. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَمْرو بن عبد الله الْأَزْدِيّ وَغَيره.

قَوْله: {عَن عدي بن حَاتِم} وَفِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: حَدثنَا عَامر حَدثنَا عدي بن حَاتِم، وَأَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَن زَكَرِيَّاء مُدَلّس وَقد عنعن. قلت: عَن قريب يَأْتِي عَن الشّعبِيّ: سَمِعت عدي بن حَاتِم. قَوْله: (المعراض) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفِي آخِره ضاد مُعْجمَة. قَالَ الْخَلِيل وَآخَرُونَ: هُوَ سهم لَا ريش لَهُ وَلَا نصل. وَقَالَ ابْن دُرَيْد وَابْن سَيّده: سهم طَوِيل لَهُ أَربع قذذ رقاق فَإِذا رمى بِهِ اعْترض، وَقَالَ الْخطابِيّ: المعراض نصل عريض لَهُ ثقل ورزانة. وَقيل: عود رَقِيق الطَّرفَيْنِ غليظ الْوسط وَهُوَ الْمُسَمّى بالحذافة، وَقيل: خَشَبَة ثَقيلَة آخرهَا عَصا محدد رَأسهَا وَقد لَا يحدد. وَقَالَ ابْن التِّين: المعراض عَصا فِي طرفها حَدِيدَة يَرْمِي الصَّائِد بهَا الصَّيْد فَمَا أصَاب بحده فَهُوَ ذكي فيؤكل، وَمَا أصَاب بِغَيْر حَده فَهُوَ وقيذ، وَهُوَ معنى قَوْله: (فَهُوَ وقيذ) بِفَتْح الْوَاو وَكسر الْقَاف وبالذال الْمُعْجَمَة على وزن فعيل، بِمَعْنى مفعول، وَقد مر تَفْسِير الموقوذة عَن قريب. قَوْله: (فَإِن أَخذ الْكَلْب ذَكَاة) أَي: حكمه حكم التذكية فَيحل أكله كَمَا يحل أكل المذكاة. قَوْله: (أَو كلابك) ، شكّ من الرَّاوِي. قَوْله: (كَلْبا غَيره) أَرَادَ بِهِ كَلْبا لم يُرْسِلهُ من هُوَ أَهله.

وَهَذَا الحَدِيث مُشْتَمل على أَحْكَام قد ذَكرنَاهَا فِيمَا مضى من الْأَبْوَاب الَّتِي ذَكرنَاهَا، وَلَكِن نذْكر بعض شَيْء من ذَلِك لبعد الْمسَافَة فَنَقُول.

الأول من الْأَحْكَام: مَشْرُوعِيَّة الصَّيْد بِهِ وَبِالْقُرْآنِ أَيْضا. وَهُوَ قَوْله تَعَالَى: {إِذا حللتم فاصطادوا} وَقَالَ عِيَاض: الِاصْطِيَاد يُبَاح لمن اصطاده للاكتساب وَالْحَاجة وَالِانْتِفَاع بِالْأَكْلِ وَالثمن، وَاخْتلفُوا فِيمَن اصطاد للهو، وَلَكِن يقْصد التذكية وَالْإِبَاحَة وَالِانْتِفَاع فكرهه مَالك وَأَجَازَهُ اللَّيْث وَابْن عبد الحكم فَإِن فعله بِغَيْر نِيَّة التذكية فَهُوَ حرَام لِأَنَّهُ فَسَاد فِي الأَرْض وَإِتْلَاف نفس عَبَثا وَقد نهى سيدنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن قتل الْحَيَوَان إلَاّ لمأكلة وَنهى أَيْضا عَن الْإِكْثَار من الصَّيْد، وروى التِّرْمِذِيّ من حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا مَرْفُوعا: من سكن الْبَادِيَة فقد جَفا، وَمن اتبع الصَّيْد فقد غفل، وَمن لزم السُّلْطَان افْتتن وَقَالَ: حسن غَرِيب وَأعله الْكَرَابِيسِي بِأبي مُوسَى أحد رُوَاته، وَقَالَ حَدِيثه لَيْسَ بالقائم، وروى أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بأسناد ضَعِيف، وَأَيْضًا من حَدِيث الْبَراء بن عَازِب، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ شريك.

الثَّانِي: أَن سيد

<<  <  ج: ص:  >  >>