للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{وَقَالَ شُرَيْحٌ: صَاحِبُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كلُّ شَيْءٍ فِي البَحْرِ مَذْبُوحٌ}

هَذَا التَّعْلِيق لم يثبت فِي رِوَايَة أبي زيد وَابْن السكن والجرجاني، وَإِنَّمَا ثَبت فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، وَقَالَ: أَبُو شُرَيْح، وَهُوَ وهم نبه على ذَلِك أَبُو عَليّ الغساني وَقَالَ مثله عِيَاض. وَزَاد وَهُوَ شُرَيْح بن هانىء وَالصَّوَاب أَنه غَيره وَهُوَ شُرَيْح بن هانىء بن يزِيد بن كَعْب الْحَارِثِيّ جاهلي إسلامي يكنى أَبَا الْمِقْدَام، وَأَبوهُ هانىء بن يزِيد لَهُ صُحْبَة، وَأما ابْنه شُرَيْح فَلهُ إِدْرَاك وَلم يثبت لَهُ سَماع وَلَا لقى، وَشُرَيْح الْمَذْكُور هُنَا هُوَ الَّذِي ذكره أَبُو عمر فَافْهَم. وَقَالَ الجياني: الحَدِيث مَحْفُوظ لشريح لَا لأبي شُرَيْح، وَكَذَا ذكره البُخَارِيّ فِي (تَارِيخه) عَن مُسَدّد حَدثنَا يحيى بن سعيد عَن ابْن جريج أَخْبرنِي عَمْرو وَأَبُو الزبير سمعا شريحا. وَقَالَ أَبُو عمر: شُرَيْح رجل من الصَّحَابَة حجازي روى عَنهُ أَبُو الزبير وَعَمْرو بن دِينَار سمعاه يحدث عَن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: كل شَيْء فِي الْبَحْر مَذْبُوح ذبح الله لكم كل دَابَّة خلقهَا فِي الْبَحْر، قَالَ أَبُو الزبير وَعَمْرو بن دِينَار، وَكَانَ شُرَيْح هَذَا قد أدْرك النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَهُ صُحْبَة وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ ذكر إلَاّ فِي هَذَا الْموضع.

{وَقَالَ عَطَاءٌ: أمَّا الطَّيْرُ فَأرَى أنْ يَذْبَحَهُ}

أَي: قَالَ عَطاء بن أبي رَبَاح هَذَا التَّعْلِيق ذكره أَبُو عبد الله بن مَنْدَه فِي (كتاب الصَّحَابَة) أثر حَدِيث شُرَيْح الْمَذْكُور من طَرِيق ابْن جريج قَالَ: فَذكرت ذَلِك لعطاء فَقَالَ: (أما الطير فَأرى أَن يذبحه) .

{وَقَالَ ابنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطاء: صَيْدُ الأنْهَارِ وَقِلاةِ السَّيْلِ أصَيْدُ بَحْرٍ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ. ثُمَّ تَلا {هاذا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغُ شَرابُهُ وَهاذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلِّ تَأْكُلُونَ لَحْما طَرِيّا} (فاطر: ١٢)

أَي: قَالَ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز بن جريج قلت لعطاء بن أبي رَبَاح: قلات السَّيْل بِكَسْر الْقَاف وَتَخْفِيف اللَّام وبالتاء الْمُثَنَّاة من فَوق جمع. قلت: وَهِي النقرة الَّتِي تكون فِي الصَّخْرَة يستنقع فِيهَا المَاء، وكل نقرة فِي الْجَبَل أَو غَيره فَهِيَ. قلت: وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا سَاق السَّيْل من المَاء وَبَقِي فِي الغدير وَكَانَ فِيهِ حيتان، وَهَذَا التَّعْلِيق رَوَاهُ أَبُو قُرَّة مُوسَى بن طَارق السكْسكِي فِي سنَنه عَن ابْن جريج، وَرَوَاهُ عبد الرَّزَّاق أَيْضا فِي (تَفْسِيره) عَن ابْن جريج نَحوه سَوَاء.

{وَرِكبَ الحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى سَرْجٍ مِنْ جُلُودِ كِلابِ المَاءِ}

قيل: الْحسن هُوَ ابْن عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَقيل: هُوَ الْحسن الْبَصْرِيّ، وَقَالَ بَعضهم: وَيُؤَيّد القَوْل الأول أَنه وَقع فِي رِوَايَة وَركب الْحسن، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. قلت: فِيهِ نوع مناقشة لَا تخفى قَوْله: (من جُلُود) أَي: سرج متخذ من جُلُود كلاب المَاء.

{وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: لَوْ أنَّ أهْلِي أكَلُوا الضَّفَادِعَ لأطْعَمْتُهُمْ}

أَي: قَالَ عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ إِلَى آخِره والضفادع جمع ضفدع بِكَسْر الضَّاد وَسُكُون الْفَاء وَفتح الدَّال وَكسرهَا وَحكى بِضَم الضَّاد، وَفتح الدَّال، وَفِي (الْمُحكم) الضفدع والضفدع لُغَتَانِ فصيحتان وَالْأُنْثَى ضفدعة وَقَالَ الْجَوْهَرِي: وناس يَقُولُونَ: ضفدع: بِفَتْح الدَّال، وَقد زعم الْخَلِيل أَنه لَيْسَ فِي الْكَلَام فعلل إلَاّ أَرْبَعَة أحرف دِرْهَم وهجرع وهبلع وقلعم الهجرع: الطَّوِيل، والهبلع الأكول، والقلعم الْجَبَل، وَزَاد غَيره الضفدع، وَجزم صَاحب ديوَان الْأَدَب بِكَسْر الضَّاد وَالدَّال، وَحكى ابْن سَيّده فِي (الإقتضاب) بِضَم الضَّاد وَفتح الدَّال وَهُوَ نَادِر، وَحكى ابْن دحْيَة ضمهما وَقَالَ الجاحظ الضفدع لَا يَصِيح وَلَا يُمكنهُ الصياح حَتَّى يدْخل حنكه الْأَسْفَل فِي المَاء وَهُوَ من الْحَيَوَان الَّذِي يعِيش فِي المَاء ويبيض فِي الشط مثل السلحفاة وَنَحْوهَا وَهِي تنق فَإِذا أَبْصرت النَّار أَمْسَكت وَهِي من الْحَيَوَان الَّذِي يخلق من أَرْحَام الْحَيَوَان وَمن أَرْحَام الْأَرْضين إِذا لقحها المَاء، وَأما قَول من قَالَ: إِنَّهَا من السَّحَاب فكذب وَهِي لَا عِظَام لَهَا وتزعم الْأَعْرَاب فِي خرافاتها أَنَّهَا كَانَت ذَات ذَنْب، وَأَن الضَّب سلبه إِيَّاهَا، وَتقول الْعَرَب: لَا يكون ذَلِك حَتَّى يجمع بَين الضَّب وَالنُّون، وَحَتَّى يجمع بَين الضَّب والضفدع، أجحظ الْخلق عينا ويصبر عَن المَاء الْأَيَّام الصَّالِحَة. وَهِي تعظم وَلَا تسمن كالأرنب

<<  <  ج: ص:  >  >>