للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: كَلَام ابْن بطال فِي وَاد وَكَلَام هَذَا الْقَائِل فِي وَاد آخر، وَلَيْسَ بجيد نِسْبَة كَلَامه إِلَى عدم الْجَوْدَة، وَإِنَّمَا عَادَته فِي الْغَالِب أَنه يبهم الحكم فِي التَّرْجَمَة وَلَا يُصَرح بِالْجَوَازِ وَلَا بِالْعدمِ على عَادَته فِي ذَلِك اعْتِمَادًا على مَا يفهم من الحكم فِي أَحَادِيث الْبَاب.

٥٦١٥ - حدّثناأبُو نُعَيْمٍ حدَّثنا مسْعَرٌ عنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَيْسَرَةَ عنِ النّزَّالِ. قَالَ: أتَى عَلِيُّ رَضِي الله عَنهُ علَى بابِ الرَّحَبَةِ فَشَرِبَ قائِماً، فَقَالَ: إنَّ نَاسا يَكْرَهُ أحَدُهُمْ أنْ يَشْرَبَ وَهُوَ قائِمٌ، وإِنِّي رَأيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعَلَ كَما رَأيْتُمُوني فَعَلْتُ. (انْظُر الحَدِيث: ٥٦١٥ طرفه فِي: ٥٦١٦) .

هَذَا الحَدِيث يُطَابق التَّرْجَمَة فِي الشّرْب قَائِما، ويوضح الحكم بِأَنَّهُ جَائِز أخرجه عَن أبي نعيم الْفضل بن دُكَيْن عَن مسعر بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون السِّين وَفتح الْعين الْمُهْمَلَتَيْنِ وبالراء ابْن كدام الْكُوفِي عَن عبد الله بن ميسرَة ضد الميمنة الزراد بالزاي وَالرَّاء وَالدَّال الْمُهْمَلَتَيْنِ عَن النزال بِفَتْح النُّون وَتَشْديد الزَّاي بن سُبْرَة بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وبالراء، وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة كلهم هلاليون كوفيون وَأَبُو نعيم أَيْضا كُوفِي، وَعلي أَيْضا نزل الْكُوفَة وَمَات بهَا، والنزال تقدّمت لَهُ رِوَايَة عَن ابْن مَسْعُود فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هذَيْن الْحَدِيثين.

والْحَدِيث أخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا فِي الْأَشْرِبَة عَن مُسَدّد عَن يحيى. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَن أبي كريب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطَّهَارَة عَن عَمْرو بن يزِيد الْجرْمِي.

قَوْله: (على بَاب الرحبة) أَرَادَ بِهِ رحبة مَسْجِد الْكُوفَة، وَفِي رِوَايَة شُعْبَة أَنه صلى الظّهْر ثمَّ قعد فِي حوائج النَّاس فِي رحبة الْكُوفَة، والرحبة بِفَتَحَات: الْمَكَان الْوَاسِع والرحب بِسُكُون الْحَاء أَيْضا الْمَكَان المتسع. قَوْله: (أَن يشرب) أَي: بِأَن يشرب، وَأَن، مَصْدَرِيَّة تَقْدِيره: يكره الشّرْب وَهُوَ قَائِم أَي: فِي حَالَة الْقيام. قَوْله: (فعل) أَي: شرب قَائِما. قَوْله: (كَمَا رَأَيْتُمُونِي) أَي: كرؤيتكم إيَّايَ فعلت، أَي: شربت.

وَاعْلَم أَن لفظ: فعل، أَعم الْأَفْعَال، يسْتَعْمل فِي معنى كل فعل، وَلِهَذَا عينه أهل الصّرْف فِي الأوزان. وَاعْلَم أَنه قد وَردت أَحَادِيث بِجَوَاز الشّرْب قَائِما، ووردت أَحَادِيث بِمَنْعه.

(فَمن أَحَادِيث الْجَوَاز) حَدِيث عَليّ، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس. رَوَاهُمَا البُخَارِيّ هُنَا، وَحَدِيث ابْن عمر رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث نَافِع عَنهُ، وَقَالَ: كُنَّا نَأْكُل على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَنحن نمشي وَنَشْرَب وَنحن قيام، ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح، وَأخرجه ابْن ماجة وَابْن حبَان، وَحَدِيث سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي الشَّمَائِل عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يشرب قَائِما، وَإِسْنَاده حسن، وَحَدِيث عَائِشَة أخرجه النَّسَائِيّ من حَدِيث مَسْرُوق عَنْهَا، قَالَت: رَأَيْت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشرب قَائِما وَقَاعِدا ... الحَدِيث، وَحَدِيث أنس رَوَاهُ أَحْمد فِي (مُسْنده) أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم دخل وقربة معلقَة فَشرب من فَم الْقرْبَة وَهُوَ قَائِم الحَدِيث، وَحَدِيث الْحُسَيْن بن عَليّ روينَاهُ عَن شَيخنَا زين الدّين، رَحمَه الله، رَوَاهُ فِي الْجُزْء الْعَاشِر من (فَوَائِد أبي بكر الشَّافِعِي) من رِوَايَة زِيَاد بن الْمُنْذر عَن بشير بن غَالب عَن حُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشرب قَائِما، وَحَدِيث خباب بن الْأَرَت. روينَاهُ عَن شَيخنَا، وَهُوَ يرويهِ عَن مُجَاهِد من حَدِيث الطَّبَرَانِيّ عَنهُ قَالَ: بعثنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي سَرِيَّة فأصابنا الْعَطش وَلَيْسَ مَعنا مَاء، فتنوخت نَاقَة لبعضنا فَإِذا بَين رِجْلَيْهَا مثل السقاء فشربنا من لَبنهَا، فَهَذَا من فعل الصَّحَابَة فِي زَمَنه فَيكون فِي حكم الْمَرْفُوع، وَحَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ روينَاهُ عَن شَيخنَا وَهُوَ يرْوى من حَدِيث سعيد بن جُبَير فِي (المعجم الصَّغِير) للطبراني أَنه قَالَ: حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة أَنه رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يشرب من زَمْزَم قَائِما، وَحَدِيث أم سليم روينَاهُ عَن شَيخنَا وَهُوَ يرْوى من حَدِيث أنس عَن أمه فِي (مُسْند أَحْمد) قَالَت: دخل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِي الْبَيْت قربَة معلقَة فَشرب مِنْهَا قَائِما، وَحَدِيث كَبْشَة أخرجه التِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة عَنْهَا، قَالَت: دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشرب من فِي قربَة معلقَة قَائِما، وَحَدِيث كلثم رَوَاهُ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي كتاب (معرفَة الصَّحَابَة) قَالَت: دخل عَليّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَشرب من قربَة معلقَة وَهُوَ قَائِم، وَحَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شرب قَائِما وَقَاعِدا، وَحَدِيث عبد الله بن السَّائِب بن خباب عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>