للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: مَا يُ صِيبُ المُسْلمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ ولَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذَى ولَا غَمٍّ حتَّى الشوْكَةِ يُشاكها، إلَاّ كَفَّرَ الله بِها مِنْ خَطَاياهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالمسندي، وَعبد الْملك بن عَمْرو هُوَ أَبُو عَامر الْعَقدي مَشْهُور بكنيته أَكثر من اسْمه، وَزُهَيْر مصغر الزهر هُوَ ابْن مُحَمَّد أَبُو الْمُنْذر التَّمِيمِي، وَتَكَلَّمُوا فِي حفظه لَكِن قَالَ البُخَارِيّ فِي (التَّارِيخ الصَّغِير) : مَا روى عَنهُ أهل الشَّام فَإِنَّهُ مَنَاكِير، وَمَا روى عَنهُ أهل الْبَصْرَة فَإِنَّهُ صَحِيح. وَقَالَ فِي (رجال الصَّحِيحَيْنِ) : زُهَيْر بن مُحَمَّد التَّمِيمِي الْعَنْبَري الْخُرَاسَانِي الْمروزِي روى عَنهُ أَبُو عَامر الْعَقدي عِنْد البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع، وَقيل: لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث آخر فِي الاسْتِئْذَان وَمُحَمّد بن عَمْرو بن حلحلة بِفَتْح الحاءين الْمُهْمَلَتَيْنِ وَسُكُون اللَّام الأولى وَعَطَاء بن يسَار ضد الْيَمين وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ اسْمه سعد بن مَالك.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْأَدَب عَن أبي بكر وَأبي كريب، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْجَنَائِز عَن سُفْيَان بن وَكِيع.

قَوْله: (من نصب) أَي: من تَعب وَزنه وَمَعْنَاهُ. قَوْله: (وَلَا وصب) وَهُوَ الْمَرَض وَزنه وَمَعْنَاهُ. قَوْله: (وَلَا هم) وَهُوَ الْمَكْرُوه يلْحق الْإِنْسَان بِحَسب مَا يَقْصِدهُ، والحزن مَا يلْحقهُ بِسَبَب حُصُول مَكْرُوه فِي الْمَاضِي وهما من أمراض الْبَاطِن، والأذى مَا يلْحقهُ من تعدِي الْغَيْر عَلَيْهِ، وَالْغَم بالغين الْمُعْجَمَة مَا يضيق على الْقلب، وَقيل: فِي هَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة، وَهِي الْهم وَالْغَم والحزن: إِن الْهم ينشأ عَن الْفِكر فِيمَا يتَوَقَّع حُصُوله مِمَّا يتَأَذَّى بِهِ، وَالْغَم كرب يحدث للقلب بِسَبَب مَا حصل، والحزن يحدث لفقد مَا يشق على الْمَرْء فَقده، وَقيل: الْغم والحزن بِمَعْنى وَاحِد، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْغم يَشْمَل جَمِيع المكروهات لِأَنَّهُ إِمَّا بِسَبَب مَا يعرض للبدن أَو للنَّفس، وَالْأول إِمَّا بِحَيْثُ يخرج عَن المجرى الطبيعي أَو لَا، وَالثَّانِي إِمَّا أَن يُلَاحظ فِيهِ الْغَيْر أَو لَا ثمَّ ذَلِك إِمَّا أَن يظْهر فِيهِ الانقباض والاغتمام أَو لَا ثمَّ ذَلِك بِالنّظرِ إِلَى الْمَاضِي أَو لَا.

٥٦٤٣ - حدّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا يَحْيى عنْ سُفْيانَ عنْ سَعْدٍ عنْ عبْدِ الله بنِ كَعْبٍ عنْ أبِيهِ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: مَثَل المُؤْمِنِ كالخامةِ مِنَ الزَّرْعِ تُفيِّئُها الرِّيحُ مَرَّةً وتعْدِلُها مَرَّةً، ومَثَلُ المُنافق كالأرْزَةِ لَا تَزَالُ حتَّى يَكُونَ انْجِعافُها مَرَّةً واحِدَةً.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (مثل الْمُؤمن كالخامة من الزَّرْع) لِأَن المُرَاد من تَشْبِيه الْمُؤمن بالخامة فِي كَونه تَارَة يَصح وَتارَة يضعف، كالخامة تحمر ثمَّ تصفر فَلَا تبقى على حَالَة وَاحِدَة.

وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، وَسعد هُوَ ابْن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعبد الله بن كَعْب يروي عَن أَبِيه كَعْب بن مَالك أَبُو عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ، وَهُوَ أحد الثَّلَاثَة الَّذين تيب عَلَيْهِم.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي التَّوْبَة عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ عَن مُحَمَّد بن بشار بِهِ.

قَوْله: (كالخامة) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْمِيم هِيَ الْفضة الرّطبَة من النَّبَات أول مَا ينب، وَفِي (الْمُحكم) هِيَ أول مَا ينْبت على سَاق وَاحِد، وَقيل: هِيَ الطَّاعَة الغضة مِنْهُ. وَقيل: هِيَ الشَّجَرَة الغضة الرّطبَة، وَقَالَ الْقَزاز، وَرُوِيَ الخافة بِالْفَاءِ وَهِي الطَّاقَة، وَقَالَ الْخَلِيل: الخامة الزَّرْع أول مَا ينْبت على سَاق وَاحِد، وَالْألف فِيهَا منقلبة عَن وَاو، وَوَقع فِي (مُسْند أَحْمد) فِي حَدِيث جَابر: مثل الْمُؤمن مثل السنبلة تستقيم مرّة وتخر مرّة، وَله فِي حَدِيث أبي بن كَعْب: مثل الْمُؤمن مثل الخامة تحمر مرّة وَتَصْفَر أُخْرَى. قَوْله: (تفيئها الرّيح) أَي: تميلها، وَعَن أبي عبد الْملك أَي: ترقدها، ومادته: فَاء وياء وهمزة، وَأَصله من فَاء إِذا رَجَعَ، وأفاءه غَيره إِذا رجعه. وَقَالَ ابْن قرقول: وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: تفيأها، بِفَتْح التَّاء وَالْفَاء. قَوْله: (وتعدلها أُخْرَى) بِفَتْح التَّاء وَكسر الدَّال، أَي: ترفعها، ويروى بِضَم أَوله وَفتح ثَانِيه وَالتَّشْدِيد، وَفِي رِوَايَة مُسلم: تفيئها الرّيح تصرعها مرّة وتعدلها أُخْرَى، وَمثل الْمُنَافِق كالأرزة ... وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمَذْكُور بعده: وَمثل الْفَاجِر، وَفِي رِوَايَة مُسلم: وَمثل الْكَافِر. قَوْله: (كالأرزة) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الرَّاء وبالزاي، قَالَ ابْن قرقول: كَذَا الرِّوَايَة، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: إِنَّمَا هُوَ الآرزة على وزن فاعلة وَمَعْنَاهَا الثَّابِتَة فِي الأَرْض، وَأنكر هَذَا أَبُو عبيد بِأَن الروَاة اتَّفقُوا على عدم الْمَدّ وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي سُكُون الرَّاء وتحريكه وَالْأَكْثَر

<<  <  ج: ص:  >  >>