للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بن أَزْهَر بن عَوْف وَهُوَ ابْن أخي عبد الرَّحْمَن بن عَوْف الزُّهْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم إِلَى قَوْله: (فسددوا) بطرق مُخْتَلفَة: مِنْهَا: عَن بشر بن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِنَّه قَالَ: لن يُنجي أحدا مِنْكُم عمله، قَالَ رجل: وَلَا إياك يَا رَسُول الله؟ وَلَا إيَّايَ، إِلَّا أَن يتغمدني الله برحمته، وَلَكِن سددوا. وَمِنْهَا: عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَا من أحد يدْخلهُ عمله الْجنَّة، فَقيل: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَلَا أَنا إلَاّ أَن يتغمدني رَبِّي برحمة. وَمِنْهَا: عَن سُهَيْل عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لَيْسَ أحد ينجيه عمله، قَالُوا: وَلَا أَنْت يَا رَسُول الله؟ قَالَ: وَلَا أَنا إِلَّا أَن يتداركني الله مِنْهُ برحمة. وَمِنْهَا: عَن أبي عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن أبي هُرَيْرَة إِلَى آخِره، نَحْو رِوَايَة البُخَارِيّ. وَمِنْهَا: عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: قاربوا وسددوا وَاعْلَمُوا أَنه لن ينجو أحد مِنْكُم بِعَمَلِهِ. . الحَدِيث.

قَوْله: (لن يدْخل) بِضَم الْيَاء مضارع مَعْلُوم وفاعله قَوْله: (عمله) و (أحدا) بِالنّصب مَفْعُوله وَالْجنَّة نصبت أَيْضا بِتَقْدِير فِي الْجنَّة. قَوْله: (إِلَّا أَن يتغمدني الله) بالغين الْمُعْجَمَة، يُقَال: تغمده الله برحمته أَي: غمره بهَا وستره بهَا وَألبسهُ رَحمته، وَإِذا اشْتَمَلت على شَيْء فغطيته فقد تغمدته أَي: صرت لَهُ كالغمد للسيف، وَأما الِاسْتِثْنَاء فَهُوَ مُنْقَطع. فَإِن قلت: كل الْمُؤمنِينَ لَا يدْخلُونَ الْجنَّة إلَاّ أَن يتغمدهم الله بفضله فَمَا وَجه تَخْصِيص الذّكر برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قلت: تغمد الله لَهُ بِعَيْنِه مَقْطُوع بِهِ، أَو إِذا كَانَ لَهُ بِفضل الله فلغيره بِالطَّرِيقِ الأولى أَن يكون بفضله لَا بِعَمَلِهِ. فَإِن قلت: قَالَ الله تَعَالَى: {وَتلك الْجنَّة الَّتِي أورثتموها بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ} (الزخرف: ٧٢) قلت الْبَاء لَيست للسَّبَبِيَّة بل للإلصاق أَو المصاحبة أَي: أورثتموها مصاحبة أَو مُلَابسَة لثواب أَعمالكُم.

(وَمذهب أهل السّنة) أَنه لَا يثبت بِالْعقلِ ثَوَاب وَلَا عِقَاب بل ثبوتهما بالشريعة، حَتَّى لَو عذب الله تَعَالَى جَمِيع الْمُؤمنِينَ كَانَ عدلا، وَلكنه أخبر بِأَنَّهُ لَا يفعل بل يغْفر للْمُؤْمِنين ويعذب الْكَافرين. (والمعتزلة) يثبتون بِالْعقلِ الثَّوَاب وَالْعِقَاب ويجعلون الطَّاعَة سَببا للثَّواب مُوجبَة لَهُ، وَالْمَعْصِيَة سَببا للعقاب مُوجبَة لَهُ. والْحَدِيث يرد عَلَيْهِم.

قَوْله: (فسددوا) أَي أطلبوا السداد أَي الصَّوَاب وَهُوَ مَا بَين الإفراط والتفريط أَي: فَلَا تغلوا وَلَا تقصرُوا وَاعْمَلُوا بِهِ فَإِن عجزتم عَنهُ فقاربوا أَي: أقربوا مِنْهُ، ويروى: فقربوا أَي: قربوا غَيْركُمْ إِلَيْهِ، وَقيل: سددوا مَعْنَاهُ اجعلوا أَعمالكُم مُسْتَقِيمَة وقاربوا أَي: اطْلُبُوا قربَة الله عز وَجل. قَوْله: (وَلَا يتمنين) بنُون التَّأْكِيد الْخَفِيفَة فِي رِوَايَة غير الْكشميهني لَفظه نفي بِمَعْنى النَّهْي، وَفِي رِوَايَته: وَلَا يتمن، بِحَذْف التَّحْتِيَّة وَالنُّون بِلَفْظ النَّهْي. قَوْله: (إِمَّا محسناً) تَقْدِيره: إِمَّا أَن يكون محسناً، ويروى إِمَّا محسن، على تَقْدِير: إِمَّا هُوَ محسن قَوْله: (إِمَّا مسيئاً) فعلى الْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُورين. قَوْله: (أَن يستعتب) من الاستعتاب وَهُوَ طلب زَوَال العتب، وَهُوَ استفعال من الإعتاب الَّذِي الْهمزَة فِيهِ للسلب لَا من العتب وَهُوَ من الغرائب، أَو من العتبى وَهُوَ الرِّضَا، يُقَال: استعتبته فأعتبني أَي: استرضيته فأرضاني. قَالَ الله عز وَجل: {وَإِن يستعتبوا فَمَا هم من المعتبين} (فصلت: ٢٤) وَالْمَقْصُود يطْلب رضَا الله بِالتَّوْبَةِ ورد الْمَظَالِم.

٥٦٧٤ - حدّثنا عَبْدُ الله بنُ أبي شَيْبَةَ حَدثنَا أبُو أسامَةَ عنْ هِشامٍ عنْ عَبَّادِ بنِ عبْدِ الله بن الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، قالتْ: سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وهْوَ مُسْتَنِدٌ إليَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وارْحَمَنِي وألْحِقْنِي بالرَّفِيقِ. (انْظُر الحَدِيث: ٤٤٤٠) .

قيل: لَا يُطَابق التَّرْجَمَة لِأَن فِيهِ التَّمَنِّي للْمَوْت إِذْ لَا يُمكن الْإِلْحَاق بالرفيق، وهم أَصْحَاب الْمَلأ الْأَعْلَى، إلَاّ بِالْمَوْتِ. وَأجِيب: بِأَنَّهُ لَيْسَ بتمنٍ للْمَوْت، غَايَته أَنه مُسْتَلْزم لذَلِك، والمنهي مَا يكون هُوَ الْمَقْصُود لذاته، أَو الْمنْهِي هُوَ الْمُقَيد وَهُوَ مَا يكون من ضرٍ أَصَابَهُ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ بل للإشتياق إِلَيْهِم، وَيُقَال: إِنَّه قَالَ ذَلِك بعد أَن علم أَنه ميت فِي يَوْمه ذَلِك، وَرَأى الْمَلَائِكَة المبشرين لَهُ عَن ربه بالسرور الْكَامِل، وَلِهَذَا قَالَ لفاطمة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: لَا كرب على أَبِيك بعد الْيَوْم، وَكَانَت نَفسه مفرغة فِي اللحاق بكرامة الله لَهُ وسعادة الْأَبَد، فَكَانَ ذَلِك خيرا لَهُ من كَونه فِي الدُّنْيَا، وَبِهَذَا أَمر أمته حَيْثُ قَالَ: فَلْيقل: اللَّهُمَّ توفني مَا كَانَت الْوَفَاة خيرا لي.

وَعبد الله بن أبي شيبَة هُوَ أَبُو بكر صَاحب (المُصَنّف) (والمسند) وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَهِشَام هُوَ ابْن عُرْوَة، وَعباد بِفَتْح الْعين وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة ابْن عبد الله بن الزبير بن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم.

والْحَدِيث مضى فِي الْمَغَازِي فِي: بَاب مرض النَّبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>