للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأرْضٍ وأنْتُمْ بِها فَلا تَخْرُجُوا فِراراً مِنْهُ، قَالَ: فَحَمِدَ الله عُمَرُ ثُمَّ انْصَرَفَ. (

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (إِذا سَمِعْتُمْ بِهِ) إِلَى آخِره. وَعبد الحميد بن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب بن نفَيْل بن عبد الْعُزَّى الْقرشِي الْعَدوي، كَانَ والياً لعمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ على الْكُوفَة، وَعبد الله بن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل بن الْحَارِث بن عبد الْمطلب لجد أَبِيه نَوْفَل ابْن عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صُحْبَة وَكَذَا لوَلَده الْحَارِث، وَولد عبد الله بن الْحَارِث فِي عهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعد لذَلِك فِي الصَّحَابَة فهم ثَلَاثَة من الصَّحَابَة فِي نسق، وَكَانَ عبد الله بن الْحَارِث يلقب ببّه، بباءين موحدتين الثَّانِيَة مُشَدّدَة، وَمَعْنَاهُ: الممتلىء الْبدن من النِّعْمَة، ويكنى أَبَا مُحَمَّد، مَاتَ سنة أَربع وَثَمَانِينَ، وَأما وَلَده رَاوِي هَذَا الحَدِيث فَهُوَ مِمَّن وَافق اسْمه اسْم أَبِيه، وَكَانَ يكنى أَبَا يحيى، وَمَات سنة تسع وَتِسْعين وَمَاله فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث.

وَفِي هَذَا السَّنَد: ثَلَاثَة من التَّابِعين فِي نسق وَاحِد، وصحابيان فِي نسق، وَكلهمْ مدنيون.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الطِّبّ أَيْضا عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجَنَائِز عَن القعْنبِي عَن مَالك مُخْتَصرا. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الطِّبّ عَن هَارُون بن عبد الله وَعَن الْحَارِث بن مِسْكين مُخْتَصرا.

قَوْله: (خرج إِلَى الشَّام) كَانَ ذَلِك فِي ربيع الآخر سنة ثَمَان عشرَة، وَذكر خَليفَة بن خياط: أَن خُرُوج عمر إِلَى الشَّام هَذِه الْمرة كَانَ سنة سبع عشرَة يتفقد فِيهَا أَحْوَال الرّعية وأمرائهم، وَكَانَ قد خرج قبل ذَلِك سنة سِتّ عشرَة لما حاصر أَبُو عُبَيْدَة بَيت الْمُقَدّس، فَقَالَ أَهله: يكون الصُّلْح على يَدي عمر رَضِي الله عَنهُ فَخرج لذَلِك. قَوْله: (بسرغ) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء وبالغين الْمُعْجَمَة منصرفاً وَغير منصرف، قَرْيَة فِي طَرِيق الشَّام مِمَّا يَلِي الْحجاز، وَيُقَال: هِيَ مَدِينَة افتتحها أَبُو عُبَيْدَة هِيَ واليرموك والجابية متصلات، وَبَينهَا وَبَين الْمَدِينَة ثَلَاث عشرَة مرحلة. وَقَالَ أَبُو عمر: قيل: إِنَّه وَادي تَبُوك، وَقيل: بِقرب تَبُوك، وَقَالَ الْحَازِمِي: هِيَ أول الْحجاز وَهِي من منَازِل حَاج الشَّام. قَوْله: (أُمَرَاء الأجناد أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح وَأَصْحَابه) هم خَالِد بن الْوَلِيد وَيزِيد بن أبي سُفْيَان وشرحبيل بن حَسَنَة وَعَمْرو بن الْعَاصِ، وَكَانَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ قد قسم الْبِلَاد بَينهم وَجعل أَمر الْقِتَال إِلَى خَالِد، ثمَّ رده عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى أبي عُبَيْدَة، وَقَالَ الْكرْمَانِي: لأجناد. قيل: المُرَاد بهم أُمَرَاء مدن الشَّام الْخمس، وَهِي: فلسطين والأردن وحمص وقنسرين ودمشق. قَوْله: (فأخبروه) أَي: أخبروا عمر رَضِي الله عَنهُ أَن الوباء قد وَقع، وَفِي رِوَايَة يُونُس: أَن الوجع قد وَقع بِأَرْض الشَّام، والوباء بِالْمدِّ وَالْقصر، وَقَالَ الْخَلِيل: هُوَ الطَّاعُون، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ الْمَرَض الْعَام، فَكل طاعون وباء دون الْعَكْس، وَهَذَا الوباء الْمَذْكُور هُنَا كَانَ طاعوناً، وَهُوَ طاعون عمواس. قَوْله: (قَالَ عمر: ادْع لي الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين) وهم الَّذين صلوا إِلَى الْقبْلَتَيْنِ، وَفِي رِوَايَة يُونُس: إجمع لي الْمُهَاجِرين. قَوْله: (بَقِيَّة النَّاس) أَي: بَقِيَّة الصَّحَابَة وَإِنَّمَا قَالَ كَذَلِك تَعْظِيمًا لَهُم، أَي: كَانَ النَّاس لم يَكُونُوا إلَاّ الصَّحَابَة قَالَ الشَّاعِر.

(هم الْقَوْم كل الْقَوْم يَا أم خَالِد)

قَوْله: (وَأَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) عطف تفسيري قَوْله: (أَن تقدمهم) بِضَم التَّاء من الْإِقْدَام بِمَعْنى التَّقْدِيم وَالْمعْنَى: لَا نرى أَن تجعلهم قادمين عَلَيْهِ. قَوْله: (فَقَالَ: ارتفعوا عني) أَي: فَقَالَ عمر: أخرجُوا عني، وَفِي رِوَايَة يُونُس: فَأَمرهمْ فَخَرجُوا عَنهُ. قَوْله: (فسلكوا سَبِيل الْمُهَاجِرين) أَي: مَشوا على طريقتهم فِيمَا قَالُوا. قَوْله: (من مشيخة قُرَيْش) ضَبطه بَعضهم بِوَجْهَيْنِ الأول بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَالثَّانِي بِفَتْح الْمِيم وَكسر الشين وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف جمع شيخ. قلت: الَّذِي قَالَه أهل اللُّغَة هُوَ الْوَجْه الثَّانِي، وَقَالَ الْجَوْهَرِي: جمع الشَّيْخ شُيُوخ وأشياخ وشيخة وشيخان ومشيخة ومشايخ ومشيوخاء، وَالْمَرْأَة شيخة. قَوْله: (من مهاجرة الْفَتْح) أَي: الَّذين هَاجرُوا إِلَى الْمَدِينَة عَام الْفَتْح، أَو المُرَاد: مسلمة الْفَتْح أَو أطلق على من تحول إِلَى الْمَدِينَة بعد فتح مَكَّة مُهَاجرا صُورَة وَإِن كَانَت الْهِجْرَة بعد الْفَتْح حكما قد ارْتَفَعت وَأطلق ذَلِك عَلَيْهِم احْتِرَازًا عَن غَيرهم من مشيخة قُرَيْش مِمَّن أَقَامَ بِمَكَّة وَلم يُهَاجر أصلا. قَوْله: (إِنِّي مصبح) بِضَم الْمِيم وَسُكُون الصَّاد وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: مُسَافر فِي الصَّباح رَاكِبًا على ظهر الرَّاحِلَة رَاجعا إِلَى الْمَدِينَة، فَأَصْبحُوا راكبين متأهبين للرُّجُوع إِلَيْهَا. قَوْله: (عَلَيْهِ) أَي على الظّهْر وَهُوَ الْإِبِل الَّذِي يحمل عَلَيْهِ ويركب. يُقَال: عِنْد فلَان ظهر أَي: إبل. قَوْله: (فِرَارًا من قدر الله؟) أَي: أترجع فِرَارًا من قدر الله تَعَالَى؟ وَفِي رِوَايَة هِشَام بن سعد: فَقَالَت طَائِفَة، مِنْهُم أَبُو عُبَيْدَة: أَمن الْمَوْت نفر؟ إِنَّمَا نَحن نقدر {قل لن يصيبنا إلَاّ مَا كتب الله لنا} (التَّوْبَة: ٥١) فَإِن قلت: مَا الْفرق بَين الْقَضَاء وَالْقدر؟ قلت: الْقَضَاء عبارَة عَن الْأَمر الْكُلِّي الإجمالي الَّذِي حكم الله بِهِ فِي الْأَزَل، وَالْقدر

<<  <  ج: ص:  >  >>