للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: مَا وَجه اعرابه على الْوَجْهَيْنِ؟ قلت: وَجه وجود: الْفَاء، أَن تكون: الْفَاء تفسيرية لِأَنَّهَا تفسر: قَالَ، المحذوفة بعد قَوْله: أَبَا هُرَيْرَة، لَان تَقْدِير الْكَلَام: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة قَالَ: وَكَانَ يمر بِنَا ... إِلَى آخِره، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن: أَبَا هُرَيْرَة، مفعول: سَمِعت. وَشرط وُقُوع الذَّات مفعول فعل السماع أَن يكون مُقَيّدا بالْقَوْل، وَنَحْوه كَقَوْلِه تَعَالَى {سمعنَا منادياً يُنَادي} (آل عمرَان: ١٩٣) وَوجه عدم: الْفَاء، أَن يكون: قَالَ، حَالا من ابي هُرَيْرَة، وَالتَّقْدِير: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة حَال كَونه قَائِلا: أَسْبغُوا الْوضُوء. قَوْله: (فَإِن أَبَا الْقَاسِم) ، الْفَاء: للتَّعْلِيل، و: أَبُو الْقَاسِم، كنية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (قَالَ) جملَة فِي مَحل الرّفْع على أَنَّهَا خبر: أَن قَوْله: (ويل للاعقاب من النَّار) مقول القَوْل، وَإِعْرَابه مر غير مرّة مَعَ سَائِر أبحاثه.

٣٠ - (بابُ غَسْلِ الرِّجْليْنِ فِي النَّعْلَيْنِ ولَا يَمْسَحُ عَلَى النَّعْلَيْنِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم غسل الرجلَيْن حَال كَونهمَا فِي النَّعْلَيْنِ.

والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة، وَهِي: أَن كلا مِنْهُمَا فِي بَيَان حكم غسل الرجلَيْن حَال كَونهمَا فِي النَّعْلَيْنِ، لِأَن الْبَاب الأول فِي غسل الأعقاب وَهِي من الرجلَيْن.

١٦٦ - حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قالَ أخبرنَا مالكٌ عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بنِ جُرَيّحٍ أنَّهُ قالَ لعْبدِ الله بنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمنِ رَأيْتُكَ تَصْنَعُ أرْبَعاً لَمْ أرَ أحَداً منْ أصْحَابِكَ يَصْنَعُهَا قالَ وَمَا هِي يَا ابنَ جُرَيْجٍ قالَ رَأيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الَارْكانِ إلَاّ اليَمَانِيَيْنِ وَرَأيْتُكَ تَلْبَسُ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَرَأيْتُكَ تَصْبُغُ بالصُّفْرَةِ وَرَأيْتُكَ إذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أهَلَّ النَّاسُ إذَا رَأَوُا الهِلَالَ وَلَمْ تُهِلَّ أنْتَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ قالَ عَبْدُ اللَّهِ أمَّ الَارْكانُ فَانِيِّ لَمْ أرَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمَسُّ إلَاّ اليَمَانِيَيْنِ وَأمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَانِّي رَأيْتُ رسولَ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَلْبَسُ النَّعْلَ الَّتِي لَيْسَ فِيها شَعَرٌ ويَتَوَضَّأُ فِيها فانَا أُحبُّ أنْ أَلْبَسَهَا وأمّا الصُّفْرَةُ فانِّي رَأَيْتُ رسولَ الله عَلَيْهِ وَسلم يَصْبُغُ بِها فَأَنا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِها وأمَّا الاِهْلالُ فِانِّي لَمْ أَرَ رسولَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بهِ راحِلَتُهُ..

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (وَيتَوَضَّأ فِيهَا) فَإِن ظَاهره كَانَ، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، يغسل رجلَيْهِ وهما فِي نَعْلَيْنِ، لِأَن قَوْله: فِيهَا، أَي: فِي النِّعَال ظرف لقَوْله: يتَوَضَّأ، وَبِهَذَا يرد على من زعم لَيْسَ فِي الحَدِيث الَّذِي ذكره تَصْرِيح بذلك، وَإِنَّمَا هُوَ من قَوْله: (يتَوَضَّأ فِيهَا) ، لِأَن الأَصْل فِي الْوضُوء الْغسْل. قلت: مَا يُرِيد هَذَا من التَّصْرِيح أقوى من هَذَا، وَقَوله: وَلِأَن: فِيهَا، يدل على الْغسْل، وَلَو أُرِيد الْمسْح لقَالَ: عَلَيْهَا. وَهَذَا التَّعْلِيل يرد عَلَيْهِ قَوْله: لَيْسَ فِي الحَدِيث الَّذِي ذكره تَصْرِيح بذلك، وَهَذَا من الْعَجَائِب حَيْثُ ادّعى عدم التَّصْرِيح، ثمَّ أَقَامَ دَلِيلا عَلَيْهِ. وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيّ: فِيمَا ذكره البُخَارِيّ فِي النَّعْلَيْنِ وَالْوُضُوء فيهمَا نظر. قلت: وَفِي نظره نظر، وَوَجهه مَا قَرَّرْنَاهُ الْآن. قَوْله: (وَلَا يمسح على النَّعْلَيْنِ) أَشَارَ بذلك إِلَى نفي مَا رُوِيَ عَن عَليّ وَغَيره من الصَّحَابَة أَنهم مسحوا على نعَالهمْ ثمَّ صلوا. وَرُوِيَ فِي ذَلِك حَدِيث مَرْفُوع أخرجه أَبُو دَاوُد من حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة فِي الْوضُوء، لَكِن ضعفه عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَغَيره، وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا تَوَضَّأ ونعلاه فِي قدمية مسح ظُهُور نَعْلَيْه بيدَيْهِ، وَيَقُول: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يصنع هَكَذَا، أخرجه الطَّحَاوِيّ وَالْبَزَّار، وَرُوِيَ فِي حَدِيث رَوَاهُ عَليّ بن يحيى بن خَلاد عَن أَبِيه عَن عَمه رِفَاعَة بن رَافع: (أَنه كَانَ جَالِسا عِنْد النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) ، وَفِيه: (وَمسح بِرَأْسِهِ وَرجلَيْهِ) ، أخرجه الطَّحَاوِيّ وَالطَّبَرَانِيّ فِي (الْكَبِير) . وَالْجَوَاب عَن حَدِيث ابْن عمر: أَنه كَانَ فِي وضوء مُتَطَوّع بِهِ لَا فِي وضوء وَاجِب عَلَيْهِ، وَعَن حَدِيث رِفَاعَة: أَن المُرَاد أَنه مسح بِرَأْسِهِ وخفيه على رجلَيْهِ، وَاسْتدلَّ الطَّحَاوِيّ على عدم الْإِجْزَاء بِالْإِجْمَاع على أَن الْخُفَّيْنِ إِذا تخرقا حَتَّى يَبْدُو القدمان، أَن الْمسْح لَا يجزىء عَلَيْهِمَا، قَالَ: فَكَذَلِك النَّعْلَانِ لِأَنَّهُمَا لَا يغيبان

<<  <  ج: ص:  >  >>