للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

علق فَهُوَ ستر.

قَوْله: (وَكنت أَغْتَسِل)

إِلَى آخِره أورد هَذَا عقيب حَدِيث التَّصْوِير، وَهُوَ حَدِيث مُسْتَقل قد أفرده فِي كتاب الطَّهَارَة، وَوجه ذكره عقيب حَدِيث التَّصْوِير هُوَ كَأَنَّهُ سَمعه على هَذَا الْوَجْه فأورد مثل مَا سَمعه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: لَعَلَّ الدرنوك كَانَ مُعَلّقا بِبَاب المغتسل، أَو بِحَسب سُؤال أَو غير ذَلِك.

٩٢ - (بابُ مَنْ كَرِهَ القُعُودَ عَلَى الصُّوَرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان من كره الْقعُود على شَيْء عَلَيْهِ صُورَة، وَلَو كَانَ يداس ويمتهن.

٥٩٥٧ - حدَّثني حَجَّاجُ بنُ مِنْهالٍ حدَّثنا جُوَيْرِيَّةُ عَنْ نافِعٍ عَنِ القاسِمِ عَنْ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، أنَّها اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً فِيها تَصاوِيرُ، فقامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالبابِ فَلَمْ يَدْخُلْ. فَقُلْتُ: أتُوبُ إِلَى الله مِمَّا أذْنَبْتُ {قَالَ: مَا هاذِهِ النُّمرُقَةُ؟ قُلْتُ: لِتَجْلِسَ عَلَيْها وتَوَسَّدَها، قَالَ: إِن أصْحابَ هاذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيامَةِ، يُقالُ لَهُمْ: أحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وإنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ الصُّورَةُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنكر على عَائِشَة حِين قَالَت: (لتجلس عَلَيْهَا وتوسدها) ، فَدلَّ ذَلِك على كَرَاهَة الْقعُود على الصُّور، وَرُوِيَ ذَلِك عَن اللَّيْث بن سعد وَالْحسن بن حييّ وَبَعض الشَّافِعِيَّة، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ: ذهب ذاهبون إِلَى كَرَاهَة اتِّخَاذ مَا فِيهِ الصُّور من الثِّيَاب وَمَا كَانَ يتوطأ من ذَلِك ويمتهن وَمَا كَانَ ملبوساً، وكرهوا كَونه فِي الْبيُوت، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِهَذَا الحَدِيث وَبِحَدِيث أبي هُرَيْرَة الَّذِي مضى فِي الْبَاب السَّابِق.

وَجُوَيْرِية فِي حَدِيث الْبَاب مصغر الْجَارِيَة بِالْجِيم ابْن أَسمَاء بن عبيد وَهُوَ من الْأَسْمَاء الْمُشْتَركَة بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث، وَكَذَلِكَ أَسمَاء.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم: حَدثنَا يحيى بن يحيى قَالَ: قَرَأت على مَالك عَن نَافِع عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، أَنَّهَا اشترت نمرقة فِيهَا تصاوير، فَلَمَّا رَآهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَامَ على الْبَاب فَلم يدْخل، فَعرفت فِي وَجهه الْكَرَاهِيَة فَقَالَت: يَا رَسُول الله} أَتُوب إِلَى الله وَإِلَى رَسُوله، فَمَاذَا أذنبت؟ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَمَا بَال هَذِه النمرقة؟ قَالَت اشْتَرَيْتهَا لَك تقعد عَلَيْهَا وتوسدها ... الحَدِيث، وَفِي لفظ لَهُ. قَالَت: فَأَخَذته فَجَعَلته مرفقتين فَكَانَ يرتفق بهما فِي الْبَيْت.

قَوْله: (النمرقة) بِضَم النُّون وَالرَّاء وبكسرهما وبضم النُّون وَفتح الرَّاء ثَلَاث لُغَات: الوسادة الصَّغِيرَة. قَوْله: (وتوسدها) أَصله تتوسدها، فحذفت إِحْدَى التَّاءَيْنِ، وَقَالَ الْكرْمَانِي: وتوسدها من التوسيد، ويروى من التوسد، وَقد دلّ حَدِيث الْبَاب على أَنه لَا فرق فِي تَحْرِيم التَّصْوِير بَين أَن تكون الصُّورَة لَهَا ظلّ أَو لَا، وَلَا بَين أَن تكون مدهونة أَو منقوشة أَو منقورة أَو منسوجة، خلافًا لمن اسْتثْنى النسج، وَادّعى أَنه لَيْسَ بتصوير، وَقَالَ بَعضهم: وَظَاهر حَدِيثي عَائِشَة هَذَا وَالَّذِي قبله التَّعَارُض، لِأَن الَّذِي قبله يدل على أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، اسْتعْمل السّتْر الَّذِي فِيهِ الصُّورَة بعد أَن قطع وعملت مِنْهُ الوسادة، وَهَذَا يدل على أَنه لم يَسْتَعْمِلهُ أصلا. قلت: لَا تعَارض بَينهمَا أصلا لِأَن هَذَا الحَدِيث أخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة كَمَا ذكرنَا الْآن وَفِيه: فَجَعَلته مرفقتين فَكَانَ يرتفق بهما فِي الْبَيْت، فَهَذَا يدل على أَنه اسْتعْمل مَا عملت مِنْهَا وهما المرفقتان، غَايَة مَا فِي الْبَاب أَن البُخَارِيّ لم يرو هَذِه الزِّيَادَة، والْحَدِيث حَدِيث وَاحِد، وَقد ذهل هَذَا الْقَائِل عَن رِوَايَة مُسلم فَلذَلِك قَالَ بالتعارض، وَادّعى الدَّاودِيّ أَن هَذَا الحَدِيث نَاسخ لجَمِيع الْأَحَادِيث الدَّالَّة على الرُّخْصَة، وَاحْتج بِأَنَّهُ خبر وَالْخَبَر لَا يدْخلهُ النّسخ فَيكون هُوَ النَّاسِخ، ورد عَلَيْهِ ابْن التِّين بِأَن الْخَبَر إِذا قارنه الْأَمر جَازَ دُخُول النّسخ فِيهِ.

٥٩٥٨ - حدَّثنا قُتَيْبَةُ حَدثنَا الَّيْثُ عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بنِ خالِدٍ عَنْ أبي طَلْحَةَ صاحِبِ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَالَ: إنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إنَّ الملائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ الصُّورَةُ، قَالَ بُسْرٌ: ثُمَّ اشْتَكَى زَيْدٌ فَعُدْناهُ فَإِذا عَلَى بابِهِ سِتْرٌ فِيهِ صُورَةٌ، فَقُلْتُ لِعُبَيْدِ الله رَبِيبِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألَمْ يُخْبِرْنا زَيْدٌ عَنِ الصُّورِ يَوْمَ الأوَّلِ؟ فَقَالَ عُبَيْدُ الله:

<<  <  ج: ص:  >  >>