للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَالِسا لَيْسَ بموجود فِي رِوَايَة الزَّكَاة، وَقَالَ بَعضهم: هَكَذَا وَقع فِي النّسخ من رِوَايَة مُحَمَّد بن يُوسُف الْفرْيَابِيّ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَفِي تركيبه قلق، وَلَعَلَّه كَانَ فِي الأَصْل: كَانَ إِذا كَانَ جَالِسا إِذْ جَاءَهُ رجل ... إِلَى آخِره فَحذف اختصاراً، أَو سقط على الرَّاوِي لفظ: إِذا كَانَ، وَقد أخرجه أَبُو نعيم من رِوَايَة إِسْحَاق بن زُرَيْق عَن الْفرْيَابِيّ بِلَفْظ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا جَاءَهُ السَّائِل أَو طَالب الْحَاجة أقبل علينا بِوَجْهِهِ ... الحَدِيث، وَهَذَا السِّيَاق لَا إِشْكَال فِيهِ. قلت: لَا قلق فِي التَّرْكِيب أصلا، وَآفَة هَذَا الْكَلَام من ظن هَذَا الْقَائِل أَن: جَالِسا، خبر كَانَ وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا خبر كَانَ هُوَ قَوْله: (أقبل علينا) و: (جَالِسا) نصب على الْحَال من النَّبِي فَافْهَم. قَوْله: (تؤجروا) رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: فلتؤجروا، وَالْفَاء على هَذِه الرِّوَايَة هِيَ الْفَاء السبية الَّتِي ينْتَصب بعْدهَا الْفِعْل الْمُضَارع، وَاللَّام بِالْكَسْرِ بِمَعْنى: كي، وَجَاز اجْتِمَاعهمَا لأَنهم لأمر وَاحِد وَتَكون الْفَاء الجزائية لِكَوْنِهِمَا جَوَابا لِلْأَمْرِ وزائدة على مَذْهَب الْأَخْفَش هِيَ عاطفة على: اشفعوا، وَاللَّام لِلْأَمْرِ أَو على مُقَدّر أَي: إشفعوا لتؤجروا فلتؤجروا. نَحْو: { (٢) إيَّايَ فارهبون} (الْبَقَرَة: ٢٤٠، والنحل: ٥١) . وَقَالَ الْكرْمَانِي: مَا فَائِدَة اللَّام؟ قلت: اشفعوا تؤجروا، وَالشّرط مُتَضَمّن للسَّبَبِيَّة، فَإِذا ذكرت اللَّام فقد صرحت بالسببية. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: اللَّام وَالْفَاء مقحمان للتَّأْكِيد لِأَنَّهُ لَو قيل: اشفعوا تؤجروا، صَحَّ أَي: إِذا عرض الْمُحْتَاج حَاجَة عَليّ فاشفعوا لَهُ إِلَيّ فَإِنَّكُم إِذا شفعتم حصل لكم الْأجر سَوَاء قبلت شفاعتكم أَو لَا، وَيجْرِي الله على لساني مَا يَشَاء من مُوجبَات قَضَاء الْحَاجة أَو عدمهَا، أَي: إِن قضيتها أَو لم أقضها فَهُوَ بِتَقْدِير الله وقضائه. قَوْله: (وليقض الله) كَذَا ثَبت فِي هَذِه الرِّوَايَة. وليقض بِاللَّامِ وَكَذَا فِي رِوَايَة أبي أُسَامَة الَّتِي بعْدهَا للكشميهني فَقَط، وللباقين بِغَيْر لَام، وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق عَليّ بن مسْهر وَحَفْص بن غياث: فليقض أَيْضا.

٣٧ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مَّنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ مُّقِيتاً} (النِّسَاء: ٨٥) كِفْلٌ: نَصِيبٌ. قَالَ أبُو مُوسَى: كِفْلَيْنِ أجْرَيْنِ، بالحَبَشِيَّةِ.)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله تَعَالَى ... إِلَى آخِره، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين الْآيَة بِتَمَامِهَا، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: {من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة يكن لَهُ نصيب مِنْهَا} وَقَالَ مُجَاهِد وَغَيره: نزلت هَذِه الْآيَة فِي شَفَاعَة النَّاس بَعضهم لبَعض. قَوْله: {من يشفع شَفَاعَة حَسَنَة} يَعْنِي فِي الدُّنْيَا. {يكن لَهُ نصيب مِنْهَا} فِي الْآخِرَة. وَقيل: الشَّفَاعَة الْحَسَنَة الدُّعَاء للْمُؤْمِنين، والسيئة الدُّعَاء عَلَيْهِم، وَالْأَجْر على الشَّفَاعَة لَيْسَ على الْعُمُوم بل مَخْصُوص بِمَا تجوز فِيهِ الشَّفَاعَة، والشفاعة الْحَسَنَة ضابطها مَا أذن فِيهِ الشَّرْع دون مَا لم يَأْذَن فِيهِ، فالآية تدل عَلَيْهِ قَوْله: كفل، أَي: نصيب، وَكَذَا فسره البُخَارِيّ بقوله: (كفل: نصيب) وَهُوَ تَفْسِير أبي عُبَيْدَة، وَقَالَ الْحسن وَقَتَادَة: الكفل الْوزر وَالْإِثْم، وَقَالَ ابْن فَارس: الكفل الضعْف. قَوْله: {مقيتاً} أَي: شَاهدا ومطلعاً على كل شَيْء، من أقات الشَّيْء إِذا شهد عَلَيْهِ، وَيُقَال: المقيت خَالق الأفوات الْبَدَنِيَّة والروحانية وموصلها إِلَى الأشباح والأرواح. وَقيل: المقيت المقتدر بلغَة قُرَيْش. قَوْله: (قَالَ أَبُو مُوسَى) هُوَ الْأَشْعَرِيّ، واسْمه: عبد الله بن قيس، وَوصل تَعْلِيقه ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي إِسْحَاق عَن أبي الْأَحْوَص عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: { (٧٥) يُؤْتكُم كِفْلَيْنِ من رَحمته} (الْحَدِيد: ٢٨) قَالَ: ضعفين، بالحبشية. يَعْنِي: لغتهم فِي ذَلِك وَافَقت لُغَة الْعَرَب.

٥٦ - (حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن بريد عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ إِذا أَتَاهُ السَّائِل أَو صَاحب الْحَاجة قَالَ اشفعوا فلتؤجروا وليقض الله على لِسَان رَسُوله مَا شَاءَ) اعاد الحَدِيث الَّذِي ذكره فِي الْبَاب السَّابِق عَن أبي مُوسَى عقيب الْآيَة الْمَذْكُورَة تَنْبِيها على أَن الشَّفَاعَة على نَوْعَيْنِ فِي الْآيَة الْمَذْكُورَة كَمَا صرح بذلك وَمضى الْكَلَام فِي رِجَاله وَمَعْنَاهُ قَوْله أوصاحب الْحَاجة فِي رِوَايَة الكشمينى صَاحب حَاجَة بِدُونِ الالف وَاللَّام

<<  <  ج: ص:  >  >>