للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطرف، وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار.

والْحَدِيث قد مضى فِي كتاب الْجَنَائِز فِي: بَاب من استعد الْكَفَن فِي زمن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَفِيه ذكر الْبردَة والشملة، فالبردة كسَاء أسود مربع تلبسه الْأَعْرَاب، والشملة الكساء الَّذِي يشْتَمل بِهِ، وَقد فسر فِي الحَدِيث الْبردَة بالشملة المنسوجة فِيهَا حاشيتها يَعْنِي أَنَّهَا لم تقلع من برد وَلَكِن فِيهَا حاشيتها. وَقَالَ الدَّاودِيّ: الْبردَة تكون من صوف وكتان وقطن وَتَكون صَغِيرَة كالمئزر وكبيرة كالرداء.

قَوْله: (سَأَلته إِيَّاهَا) فِيهِ اسْتِعْمَال ثَانِي الضميرين مُنْفَصِلا وَهُوَ الْمُتَعَيّن هُنَا فِرَارًا عَن الاستثقال. إِذْ لَو كَانَ مُتَّصِلا لصار هَكَذَا: سألتهها، وَقَالَ ابْن مَالك: وَالْأَصْل أَن لَا يسْتَعْمل الْمُنْفَصِل إلَاّ عِنْد الضَّرُورَة وَهُوَ تعذر الْمُتَّصِل لِأَن الِاتِّصَال أخص وَأبين، لَكِن إِذا اخْتلف الضَّمِير إِن تَفَاوتا فَالْأَحْسَن الِانْفِصَال نَحْو هَذَا، فَإِن اخْتلفَا بالرتبة جَازَ الِاتِّصَال والانفصال مثل: اعطيتكه، وأعطيتك إِيَّاه.

٦٠٣٧ - حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أخْبَرَنِي حُمَيْدُ بن عَبْدِ الرَّحْمانِ أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسولُ لله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَتَقارَبُ الزَّمانُ ويَنْقُصُ العَمَلُ ويُلْقَى الشُّحُّ ويَكْثُرُ الهَرْجُ قَالُوا: وَمَا الهَرْجُ؟ قَالَ: القَتْلُ القَتْلُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: (ويلقى الشُّح) . وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع وَقد تكَرر هَذَا الْإِسْنَاد فِيمَا مضى.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْفِتَن. وَأخرجه مُسلم فِي الْقدر عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْفِتَن عَن أَحْمد بن صَالح.

قَوْله: (يتقارب الزَّمَان) قَالَ الْخطابِيّ: أَرَادَ بِهِ دنو مَجِيء السَّاعَة، أَي: إِذا أدنا كَانَ من أشراطها نقص الْعَمَل وَالشح والهرج أَو قصر مُدَّة الْأَزْمِنَة عَمَّا جرت بِهِ الْعَادة فِيهَا، وَذَلِكَ من عَلَامَات السَّاعَة إِذا طلعت الشَّمْس من مغْرِبهَا أَو قصر أزمنة الْأَعْمَار أَو تقَارب أَحْوَال النَّاس فِي غَلَبَة الْفساد عَلَيْهِم، وَقَالَ: لفظ الْعَمَل إِن كَانَ مَحْفُوظًا وَلم يكن مَنْقُولًا عَن الْعلم إِلَيْهِ فَمَعْنَاه عمل الطَّاعَات لاشتغال النَّاس بالدنيا، وَقد يكون معنى ذَلِك ظُهُور الْخِيَانَة فِي الْأَمَانَات، وَقَالَ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ: يحْتَمل أَن يُرَاد بتقارب الزَّمَان تسارع الدول إِلَى الِانْقِضَاء والقرون إِلَى الانقراض. قَوْله: (وَينْقص الْعَمَل) وَقع فِي رِوَايَة الْكشميهني وَينْقص الْعلم وَهُوَ الْمَعْرُوف. قَوْله: (ويلقى) على صِيغَة الْمَجْهُول (وَالشح) بِضَم الشين الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْحَاء الْمُهْملَة وَهُوَ الْبُخْل، وَقيل: بَينهمَا فرق، وَهُوَ أَن الشُّح بخل مَعَ حرص فَهُوَ أخص من الْبُخْل. قَوْله: (الْهَرج) بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الرَّاء وبالجيم وَقد فسره فِي الحَدِيث بقوله: (الْقَتْل) ذكره مكرراً، قَالَ الْخطابِيّ: هُوَ بِلِسَان الحبشية، وَقَالَ ابْن فَارس: هُوَ الْفِتْنَة والاختلاط وَقد هرج النَّاس يهرجون بِالْكَسْرِ هرجاً، وَكَذَا ذكره الْهَرَوِيّ.

٦٠٣٨ - حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْماعِيلَ سَمِعَ سَلَاّمَ بنَ مِسْكِينِ قَالَ: سَمِعْتُ ثابِتاً يَقُولُ: حَدثنَا أنَسٌ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: خَدَمْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَشْرَ سِنِينَ فَما قَالَ لي: أفٍّ، وَلَا: لِمَ صَنَعْتَ، وَلَا: ألَاّ صَنَعْتَ؟

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يدل على حسن خلق النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ مُطَابق للجزء الأول للتَّرْجَمَة.

وَسَلام بتَشْديد اللَّام ابْن مِسْكين النمري، وثابت هُوَ الْبنانِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن شَيبَان ابْن فروخ.

قَوْله: (عشر سِنِين) فَإِن قلت: فِي حَدِيث مُسلم من طَرِيق إِسْحَاق بن أبي طَلْحَة عَن أنس: وَالله لقد خدمته تسع سِنِين. قلت: إِنَّمَا خدم أنس رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد قدوم الْمَدِينَة بأشهر فَيكون تسع سِنِين وَأشهر، فَفِي رِوَايَة تسع سِنِين ألغى الْكسر، وَفِي رِوَايَة عشر سِنِين جبره، قَوْله: (فَمَا قَالَ لي: أُفٍّ) هُوَ صَوت إِذا صَوت بِهِ الْإِنْسَان علم أَنه متضجر متكره. وَفِيه سِتّ لُغَات: بالحركات الثَّلَاث بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمه، وَذكر أَبُو الْحسن الرماني فِيهَا لُغَات كَثِيرَة فَبلغ تسعا وَثَلَاثِينَ، ونقلها ابْن عَطِيَّة، وَزَاد وَاحِدَة لتكملة أَرْبَعِينَ، وَقد سردها أَبُو حَيَّان فِي تَفْسِيره الممى (بالبحر) وَلم نذكرها طلبا للاختصار. وَقَالَ الرَّاغِب: أصل الأف كل مستقذر من وسخ كقلامة الظفر وَنَحْوهَا، وَيسْتَعْمل مِنْهُ الْفِعْل يُقَال: أففت لفُلَان تأفيفاً وأففت بِهِ إِذا قلت لَهُ: أُفٍّ لَك، وَفِي رِوَايَة مُسلم: وَقع بِالتَّنْوِينِ. قَوْله: (وَلَا: لم صنعت؟) أَي: وَلَا قَالَ لي: لم صنعت كَذَا لشَيْء من

<<  <  ج: ص:  >  >>