للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنَّهُ كانَ مَعَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حائِطٍ مِنْ حيطانِ المَدِينَةِ، وَفِي يَدِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الماءِ والطِّينِ، فَجاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ، فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إفْتَحْ، وبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ، فَذَهَبْتُ فإِذَا أبُو بَكْرٍ فَفَتَحْتُ لَهُ وبَشَّرْتُهُ بالجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: إفْتَحْ لَهُ وبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ، فإِذَا عُمَرُ فَفَتَحْتُ لَهُ وبَشَّرْتُهُ بالجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ وكانَ مُتَّكِئاً فَجَلَسَ، فَقَالَ: إفْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بالجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ، أوْ تَكُونُ، فَذَهَبْتُ فإِذَا عُثْمَانُ، فَفَتَحْتُ لَهُ وبَشَّرْتُهُ بالجَنَّةِ فأخْبَرْتَهُ بالَّذِي قَالَ، قَالَ: الله المُسْتَعانُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (عود يضْرب بِهِ بَين المَاء والطين) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: فِي المَاء والطين.

وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَعُثْمَان بن غياث بن بِكَسْر الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالثاء الْمُثَلَّثَة الْبَصْرِيّ، قَالَ الْكرْمَانِي: وَفِي بعض النّسخ: يحيى بن عُثْمَان، وَهُوَ سَهْو فَاحش، وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن بن مل النَّهْدِيّ، وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ رَضِي الله عَنهُ واسْمه عبد الله بن قيس.

وَمضى الحَدِيث مطولا فِي مَنَاقِب أبي بكر رَضِي الله عَنهُ وَفِي مَنَاقِب عمر رَضِي الله عَنهُ وَفِي مَنَاقِب عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: (على بلوى) بِدُونِ التَّنْوِين البلية، والحائط هُوَ الْبُسْتَان وَفِيه بِئْر أريس بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الرَّاء وبإسكان الْيَاء آخر الْحُرُوف وبالسين الْمُهْملَة، وَكَانَت عَادَة الْعَرَب أَخذ المخصرة والعصا والاعتماد عَلَيْهَا عِنْد الْكَلَام والمحافل وَالْخطْبَة، وَهِي مَأْخُوذَة من أصل كريم ومعدن شرِيف وَلَا ينكرها إلَاّ جَاهِل، وَقد جمع الله لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي عَصَاهُ من البارهين الْعِظَام مَا آمن بِهِ السَّحَرَة المعاندون لَهُ، واتخذها سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام لخطبته وموعظته وَطول صلَاته، وَكَانَ ابْن مَسْعُود صَاحب عَصا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ يخْطب بالقضيب، وَكفى بذلك شرفاً للعصا، وعَلى ذَلِك كَانَت الْخُلَفَاء والخطباء، وَذكر أَن الشعوبية تنكر على خطباء الْعَرَب أَخذ المخصرة وَالْإِشَارَة بهَا إِلَى الْمعَانِي، وهم طَائِفَة تبغض الْعَرَب وتذكر مثالبها وتفضل عَلَيْهَا الْعَجم، وَفِي اسْتِعْمَال الشَّارِع المخصرة الْحجَّة الْبَالِغَة على من أنكرها.

١٢٠ - (بابُ الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ فِي الأرْضِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي ذكر الرجل ينكت بِيَدِهِ فِي الأَرْض.

٦٢١٧ - حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ بَشَّار حدّثنا ابنُ أبي عَدِيّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمانَ ومَنْصُورِ عَنْ سَعْدِ بنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمانِ السُّلَمِيّ عَنْ عَلِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي جَنازَةٍ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ فِي الأرْض بِعُودٍ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلَاّ وَقَدْ فُرِغَ مِنْ مَقْعَدِهِ مِنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، فقالُوا: أفَلَا نَتَّكِلُ؟ قَالَ: إعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرَةٌ { (٢٩) فَأَما من أعْطى وَاتَّقَى} (لِليْل: ٥) . الْآيَة.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَجعل ينكت فِي الأَرْض) . وَابْن أبي عدي هُوَ مُحَمَّد وَاسم أبي عدي إِبْرَاهِيم الْبَصْرِيّ، وَسليمَان قَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ التَّيْمِيّ، وَلَيْسَ هُوَ الْأَعْمَش، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَسعد بن عُبَيْدَة أَبُو حَمْزَة الْكُوفِي السّلمِيّ ختن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، واسْمه عبد الله الْمقري الْكُوفِي، وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز بأتم مِنْهُ، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (فرغ) بِلَفْظ الْمَجْهُول أَي: حكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ من أهل الْجنَّة وَالنَّار، وَقضى عَلَيْهِ بذلك فِي الْأَزَل. قَوْله: (أَفلا نَتَّكِل؟) أَي: أَفلا نعتمد عَلَيْهِ إِذا لمقدر كَائِن سَوَاء عَملنَا أم لَا؟ فَرد عَلَيْهِم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: (اعْمَلُوا فَكل ميسر) أَي: فَكل وَاحِد مِنْكُم ميسر لَهُ، فَإِن كَانَ الَّذِي قدر عَلَيْهِ بِأَنَّهُ من أهل الْجنَّة يسر الله عَلَيْهِ عمل أهل الْجنَّة، وَإِن كَانَ من الَّذِي قدر عَلَيْهِ بِأَنَّهُ من أهل النَّار يسر الله عَلَيْهِ عمل أهل النَّار. قَوْله: {فَأَما من أعْطى} ... الْآيَة. أَشَارَ بهَا إِلَى بَيَان الْفَرِيقَيْنِ الْمَذْكُورين فِي قَوْله: (فَكل ميسر) أَحدهمَا: هُوَ قَوْله: {فَأَما من أعْطى} أَي: مَاله فِي سَبِيل الله. {وَاتَّقَى} ربه واجتنب مَحَارمه {وَصدق بِالْحُسْنَى} يَعْنِي:

<<  <  ج: ص:  >  >>