للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عبدِ الله أنَّ عَبْدَ الله بنَ كَعْب قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ وَنَهاى رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَنْ كَلَامَنا، وآتِي رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فأسَلِّمُ عَلَيْهِ فأقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ أمْ؟ لَا حَتَّى كَملَتْ خَمْسُونَ لَيْلَةَ، وآذَنَ النبِيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِتَوْبَةِ الله عَلَيْنا حِينَ صَلَّى الفَجْرَ.

هَذَا حَدِيث طَوِيل فِي قصَّة تَوْبَة كَعْب بن مَالك سَاقهَا فِي غَزْوَة تَبُوك وَاخْتَصَرَهُ البُخَارِيّ هُنَا، وَذكر الْقدر الْمَذْكُور لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ هُنَا، وَفِيه مَا ترْجم بِهِ من ترك السَّلَام تأديباً وَترك الرَّد أَيْضا. فَإِن قلت: قد أَمر بإفشاء السَّلَام وَهُوَ عَام. قلت: قد خص بِهِ هَذَا الْعُمُوم عِنْد الْجُمْهُور.

وَابْن بكير هُوَ يحيى بن عبد الله بن بكير، وَعقيل بِضَم الْعين ابْن خَالِد، وَعبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ الْمدنِي يروي عَن أَبِيه عبد الله بن كَعْب، وَعبد الله يروي عَن أَبِيه كَعْب بن مَالك الْأنْصَارِيّ.

قَوْله: (وَآتِي) بِمد الْهمزَة فعل الْمُتَكَلّم من الْمُضَارع من الْإِتْيَان وَبَين قَوْله: (وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) وَبَين قَوْله: (وَآتِي) جمل كَثِيرَة، فَإِذا رجعت إِلَى هَذِه فِي الْمَغَازِي وقفت عَلَيْهَا، وآذن، بِالْمدِّ أَي: أعلم.

٢٢ - (بابُ كَيْفَ يُرَدُّ عَلى أهْلِ الذِّمَّةِ السَّلَامُ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان كَيْفيَّة رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة، وَفِيه إِشْعَار بِأَن رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة لَا يمْنَع، فَلذَلِك ترْجم بالكيفية. وَقَالَ ابْن بطال: قَالَ قوم: رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة فرض لعُمُوم قَوْله تَعَالَى: { (٤) وَإِذا حييتُمْ بِتَحِيَّة} (النِّسَاء: ٨٦)

الْآيَة، وَثَبت عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: من سلم عَلَيْك فَرده وَلَو كَانَ مجوسياً، وَبِه قَالَ الشّعبِيّ وَقَتَادَة، وَمنع من ذَلِك مَالك وَالْجُمْهُور، وَقَالَ عَطاء: الْآيَة مَخْصُوصَة بِالْمُسْلِمين فَلَا يرد السَّلَام على الْكَافرين مُطلقًا.

٦٢٥٦ - حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبرنِي عُرْوَةُ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ عَلى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا: السامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُها فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ واللَّعْنَة، فَقَالَ فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: مَهْلاً يَا عائِشَةُ {فإِنَّ الله يُحِبُّ الرّفْقَ فِي الأمْرِ كُلّه. فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله} أوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قالُوا؟ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: فَقَدْ قُلْتُ. وعَلَيْكُمْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ كَيْفيَّة رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة. وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع، وَقد مضى الحَدِيث فِي كتاب الْأَدَب فِي: بَاب لم يكن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاحِشا.

قَوْله: (السام) الْمَوْت وَقيل: الْمَوْت العاجل. قَوْله: (فَقلت: وَعَلَيْكُم السام واللعنة) وَفِي رِوَايَة ابْن أبي مليكَة عَنْهَا، فَقَالَت: عَلَيْكُم ولعنكم الله وَغَضب عَلَيْكُم، وَقد تقدم فِي أَوَائِل الْأَدَب. وَفِي رِوَايَة مُسلم من طَرِيق آخر: بل عَلَيْكُم السام والذام بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَهُوَ لُغَة فِي الذَّم خلاف الْمَدْح.

٦٢٥٧ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ يُوسُفَ أخبرنَا مالِكٌ عَنْ عَبْدِ الله بنِ دِينارٍ عَنْ عَبْدِ الله بن عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ اليَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أحَدُهُمُ: السَّامُ عَلَيْكَ. فَقُلْ: وَعَلَيْكَ. (انْظُر الحَدِيث ٦٢٥٧ طرفه فِي: ٦٩٢٨) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن فِيهِ كَيْفيَّة رد السَّلَام على أهل الذِّمَّة.

قَوْله: (فَقل: وَعَلَيْك) ، ذكر هُنَا بِالْوَاو وَفِي (الْمُوَطَّأ) بِلَا وَاو، وَقَالَ النَّوَوِيّ: بِالْوَاو على ظَاهره أَي: وَعَلَيْك الْمَوْت أَيْضا أَي: نَحن وَأَنْتُم فِيهِ سَوَاء كلنا نموت، وَكَذَا الْكَلَام فِي: (وَعَلَيْكُم) فِي الحَدِيث السَّابِق، وَقيل: الْوَاو فِيهِ للاستئناف لَا للْعَطْف، وَتَقْدِيره: عَلَيْكُم مَا تستحقونه من الذَّم، وَقَالَ القَاضِي الْبَيْضَاوِيّ: مَعْنَاهُ وَأَقُول: عَلَيْكُم مَا تُرِيدُونَ بِنَا أَو مَا تستحقونه. وَلَا يكون، وَعَلَيْكُم عطفا على: عَلَيْكُم فِي كَلَامهم، وإلَاّ لتضمن ذَلِك تَقْرِير دُعَائِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>