للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقيل: هِيَ الْعظم والقبر. قَالَ ابْن بطال: وجدت الحَدِيث من رِوَايَة عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس عَن أَبِيه، فَذكر الحَدِيث مطولا وَفِيه: أللهم اجْعَل فِي عِظَامِي نورا وَفِي قَبْرِي نورا، وَقيل: هما اللِّسَان وَالنَّفس، لِأَن عقيلاً زادهما فِي رِوَايَته عِنْد مُسلم وهما من جملَة الْجَسَد، وَجزم الدمياطي فِي (حَاشِيَته) بِأَن المُرَاد بالتابوت الصَّدْر الَّذِي هُوَ وعَاء الْقلب، وَكَذَا قَالَ ابْن بطال، ثمَّ قَالَ: كَمَا يُقَال لمن لم يحفظ الْعلم: علمه فِي التابوت مستودع، وَقَالَ النَّوَوِيّ تبعا لغيره: المُرَاد بالتابوت الأضلاع وَمَا تحويه من الْقلب وَغَيره تَشْبِيها بالتابوت الَّذِي يحرز فِيهِ الْمَتَاع، يَعْنِي: سبع كَلِمَات فِي قلبِي وَلَكِن نسيتهَا، قَالَ: وفيل: المُرَاد سَبْعَة أنوار كَانَت مَكْتُوبَة فِي التابوت الَّذِي كَانَ لبني إِسْرَائِيل فِيهِ السكينَة، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: يُرِيد بالتابوت الصندوق، أَي: سبع مَكْتُوبَة فِي الصندوق عِنْده وَلم يحفظها فِي ذَلِك الْوَقْت. قَوْله: (فَلَقِيت رجلا من ولد الْعَبَّاس) الْقَائِل بقوله: لقِيت، هُوَ سَلمَة بن كهيل، وَالرجل من ولد الْعَبَّاس هُوَ عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس قَالَه أَبُو ذَر. قَوْله: (فَذكر: عصبى) قَالَ ابْن التِّين أَي: أطناب المفاصل. قَوْله: (وبشري) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة والشين الْمُعْجَمَة هُوَ ظَاهر الْجَسَد. قَوْله: (فَذكر خَصْلَتَيْنِ) أَي: تَكْمِلَة السَّبْعَة، فَإِن قلت: مَا المُرَاد بِالنورِ هُنَا؟ قلت: بَيَان الْحق والتوفيق فِي جَمِيع حالاته. وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: معنى طلب النُّور للأعضاء عضوا عضوا أَن تتحلى بأنوار الْمعرفَة وَالطَّاعَة وتتعرى عَمَّا عداهما، فَإِن الشَّيَاطِين تحيط بالجهات السِّت بالوساوس، فَكَانَ التَّخَلُّص مِنْهَا بالأنوار السَّادة لتِلْك الْجِهَات.

٦٣١٧ - حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ حَدثنَا سُفْيانُ قَالَ: سَمِعْتُ سلَيْمانَ بن أبي مُسْلِمٍ عَن طاوُوس عنِ ابنِ عَبَّاسٍ: كَانَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، إِذا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ تَهَجَّدَ، قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الحمْدُ أنْتَ نُورُ السَّماواتِ والأرْضِ ومَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّماواتِ والأرْضِ ومَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ حَقٌّ وَقَوْلُكَ حَقٌّ ولقاؤُكَ حَقٌّ والجَنَّةُ حَقٌّ والنَّارُ حَقٌّ والسَّاعَةُ حَقٌّ والنَّبِيُّونَ حَقٌّ ومُحَمَّدٌ حَقٌّ. أللَّهُمَّ لَكَ أسْلَمْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وإلَيْكَ أنَبْتُ وبِكَ خاصَمْتُ وإلَيْكَ حاكَمْتُ فاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ وَمَا أعْلَنْتُ أنْتَ المُقَدِّمُ وأنتَ المُؤَخِّرُ لَا إلاهَ إلاّ أنْتَ أوْ: لَا إلاهَ غَيْرُكَ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله بن مُحَمَّد الْجعْفِيّ الْمَعْرُوف بالمسندي، وسُفْيَان هُوَ ابْن عُيَيْنَة، وَسليمَان بن أبي مُسلم الْأَحول خَال عبد الله بن أبي نجيح سمع طَاوُوس بن كيسَان، مَاتَ بِمَكَّة سنة خمس أَو سِتّ وَمِائَة.

والْحَدِيث مضى فِي أول: بَاب التَّهَجُّد بِاللَّيْلِ فِي آخر الصَّلَاة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن عَليّ بن عبد الله عَن سُفْيَان عَن سُلَيْمَان بن أبي مُسلم عَن طَاوُوس، وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله تهجد: أَي صلى، وَقَالَ ابْن التِّين، أَي سهر، وَهُوَ من الأضداد يُقَال: هجد وتهجد إِذا نَام، وهجد وتهجد إِذا سهر، قَالَه الْجَوْهَرِي، وَقَالَ الْهَرَوِيّ: تهجد إِذا سهر وَألقى الهجود وَهُوَ النّوم عَن نَفسه، وهجد نَام. وَقَالَ النّحاس: التَّهَجُّد عِنْد أهل اللُّغَة السهر، والهجود النّوم. وَقَالَ ابْن فَارس: الهاجد النَّائِم، والمتهجد الْمُصَلِّي لَيْلًا. قَوْله: (قيم السَّمَوَات وَالْأَرْض) الْقيم وَالْقِيَام والقيوم مَعْنَاهَا وَاحِد، وَهُوَ الْقَائِم بتدبير الْخلق الْمُعْطِي لَهُ مَا بِهِ قوامه. قَوْله: (أنبت) أَي: رجعت إِلَيْك مُقبلا بِالْقَلْبِ عَلَيْك. قَوْله: (وَبِك خَاصَمت) أَي: بِمَا أَعْطَيْتنِي من الْبُرْهَان والسنان خَاصَمت المعاند. قَوْله: (وَإِلَيْك حاكمت) . من المحاكمة وَهِي رفع الْقَضِيَّة إِلَى الْحَاكِم أَي: كل من جحد الْحق جعلتك الْحَاكِم بيني وَبَينه لَا غَيْرك مِمَّا كَانَت الْجَاهِلِيَّة تحاكم إِلَيْهِ من صنم أَو كَاهِن. قَوْله: (أَو: لَا إِلَه غَيْرك) شكّ من الرَّاوِي.

١١ - (بابُ التَّكْبِيرِ والتَّسْبِيحِ عِنْدَ المَنامِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ثَوَاب التَّكْبِير، وَهُوَ أَن يَقُول: الله أكبر، وَالتَّسْبِيح أَن يَقُول: سُبْحَانَ الله، عِنْد إِرَادَته النّوم، وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يَقُول: والتحميد أَيْضا لِأَن حَدِيث الْبَاب يَشْمَل هَذِه الثَّلَاثَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>