للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمُطَابقَة للجزء الأول للتَّرْجَمَة. وَقيل: فِي بعض طرق حَدِيث الْبَاب: فقدمنا الْمَدِينَة وَهِي أوبأ أَرض الله.

قلت: فِيهِ بعد لِأَن الْمُطَابقَة لَا تكون إلَاّ بَين التَّرْجَمَة وَحَدِيث الْبَاب بِعَيْنِه وسُفْيَان هُوَ: الثَّوْريّ.

والْحَدِيث مُخْتَصر من حَدِيث أَوله: لما قدم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة وعك أَبُو بكر وبلال رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَتقدم فِي آخر كتاب الْحَج وَتقدم الْكَلَام فِيهِ: والجحفة بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْحَاء الْمُهْملَة وبالفاء مِيقَات أهل مصر وَالشَّام فِي الْقَدِيم، والآن أهل الشَّام يحرمُونَ من مِيقَات أهل الْمَدِينَة، وَكَانَ سكانها فِي ذَلِك الْوَقْت يهود. وَفِيه: الدُّعَاء على الْكفَّار بالأمراض والبليات.

قَوْله: (فِي مدنا) أَي: فِيمَا نقدر بِهِ إِذْ بركته مستلزمة لبركته وَالْمرَاد كَثْرَة الأقوات من الثِّمَار والغلات.

٣٧٣٦ - حدّثنا مُوسَى بنُ إسْمَاعِيلَ حدّثنا إبراهيمُ بنُ سعَدٍ أخبرنَا ابنُ شِهابٍ عنْ عامرِ بن سَعْدٍ أنَّ أباهُ قَالَ: عادَنِي رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فِي حَجةِ الوَداعِ مِنْ شَكْوى أشْفَيْتُ مِنْهُ على المَوْت، فَقُلْتُ: يَا رسولَ الله {بَلَغَ بِي مَا تَراى مِنَ الوَجَعِ وَأَنا ذُو مالٍ وَلَا يَرِثُنِي إلَاّ ابْنَةٌ لِي واحدَةٌ، أفأتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مالِي؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: فَبِشَطْرِهِ؟ قَالَ: الثُّلُثُ كَثِيرٌ، إنكَ أنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أغْنياءَ خَيْرٌ مِنْ أنْ تَذَرَهُمْ عَالَةَ يَتَكَفَّفُونَ النَّاس، وإنَّكَ لَنْ تُنفِقَ نَفَقَةَ تَبْتَغِي بهَا وَجْهَ الله إلَاّ أجِرْتَ حتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأتِكَ. قُلْتُ: يَا رسولَ الله} أُخَلَّفُ بَعْدَ أصْحابي؟ قَالَ: إنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَملاً تَبْتَغِي بِهِ وجْهَ الله إلَاّ ازْدَدْتَ دَرجةَ وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلْفُ حتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أقْوامٌ ويُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ اللَّهُم أمْضِ لأصْحابي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أعَقابِهِمْ، لاكِنِ البائِسُ سَعْدُ بنُ خَوْلَةَ.

قَالَ سَعْدٌ: رَثَي لهُ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنْ أنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ.

قَالَ بَعضهم: هَذَا يتَعَلَّق بالركن الثَّانِي من التَّرْجَمَة وَهُوَ الوجع.

قلت: التَّرْجَمَة الدُّعَاء بِرَفْع الوجع وَلَيْسَ فِي الحَدِيث هَذَا، والمطابقة لَيست مُتَعَلقَة بِمُجَرَّد ذكر الوجع حَتَّى يَقُول هَذَا الْقَائِل مَا قَالَه، وَيُمكن أَن يُؤْخَذ وَجه الْمُطَابقَة هُنَا من قَوْله: (اللَّهُمَّ أمض لِأَصْحَابِي هجرتهم وَلَا تردهم على أَعْقَابهم) ، فَإِن فِيهِ إِشَارَة لسعد بالعافية ليرْجع إِلَى دَار هجرته وَهِي الْمَدِينَة.

وَذكر هَذَا الحَدِيث فِي مَوَاضِع: فِي الْجَنَائِز عَن عبد الله بن يُوسُف، وَفِي الْوَصَايَا عَن أبي نعيم عَن سُفْيَان، وَفِي الْمَغَازِي عَن أَحْمد بن يُونُس، وَفِي الْهِجْرَة عَن يحيى بن قزعة، وَفِي الطِّبّ عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، وَفِي الْفَرَائِض عَن أبي الْيَمَان، وَهنا أخرجه أَيْضا عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن إِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه سعد.

قَوْله: (عادني) أَي: زارني لأجل مرض حصل لي. قَوْله: (من شكوى) أَي: من مرض وَهُوَ غير منصرف. قَوْله: (أشفيت مِنْهُ) أَي: أشرفت مِنْهُ على الْمَوْت ودنوت مِنْهُ وَمرَاده بِهِ الْمُبَالغَة فِي شدَّة مَرضه، ويروى: أشفيت مِنْهَا أَي من الشكوى وَهُوَ الظَّاهِر، وَرِوَايَة: مِنْهُ، بِاعْتِبَار الْمَرَض. قَوْله: (إلَاّ ابْنة لي وَاحِدَة) وَاسْمهَا عَائِشَة. قَوْله: (ذُو مَال) أَي: صَاحب مَال وَكَانَ حصل لَهُ من الفتوحات شَيْء كثير. قَوْله: (فبشطره) أَي: نصفه، وَكثير بالثاء الْمُثَلَّثَة. قَوْله: قَوْله: (أَن تذر) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة أَي أَن تتْرك، وَقيل: لِأَن تذر. قَوْله: (عَالَة) هُوَ جمع العائل وَهُوَ الْفَقِير. قَوْله: (يَتَكَفَّفُونَ النَّاس) أَي: يمدون أكفهم إِلَى النَّاس بالسؤال. قَوْله: (فِي فِي امْرَأَتك) أَي: فِي فَم امْرَأَتك. قَوْله: (أخلف) يَعْنِي: فِي مَكَّة أبقى بعدهمْ. قَوْله: (لن تخلف) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (فتعمل) بِالنّصب عطف عَلَيْهِ. قَوْله: (ولعلك تخلف حَتَّى ينْتَفع بك أَقوام) فِيهِ إِشَارَة إِلَى طول عمره، وَهُوَ من المعجزات، فَإِنَّهُ عَاشَ حَتَّى فتح الْعرَاق وانتفع بِهِ أَقوام وَأَرَادَ بهم الْمُسلمين. وَقَوله: (ويضر بك) على صِيغَة الْمَجْهُول آخَرُونَ أَي: أَقوام آخَرُونَ، وَأَرَادَ بهم الْمُشْركين، وَقيل: إِن عبيد الله أَمر عمر بن سعد وَلَده على الْجَيْش الَّذين لقوا الْحُسَيْن رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَتَلُوهُ بِأَرْض كربلا وقصته مَشْهُورَة. قَوْله: (أمض) بِفَتْح الْهمزَة يُقَال: أمضيت الْأَمر أَي: أنفذته أَي: تمم الْهِجْرَة لَهُم وَلَا تنقصها عَلَيْهِم، وَقَالَ الدَّاودِيّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>