للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَليّ بن مسْهر: وَأَيْنَ يَقع هَذَا اللَّبن من أهل الصّفة؟ قَوْله: (فَإِذا جَاءَ) كَذَا فِيهِ بِالْإِفْرَادِ فِي بعض النّسخ، أَي: إِذا جَاءَ من أَمرنِي بِطَلَبِهِ وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: فَإِذا جاؤوا، بِصِيغَة الْجمع كَمَا فِي نسختنا. قَوْله: (أَمرنِي) أَي: رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (وَمَا عَسى أَن يبلغنِي من هَذَا اللَّبن) أَي: قَائِلا فِي نَفسِي: وَمَا عَسى ... قَالَ الْكرْمَانِي: وَالظَّاهِر أَن عَسى مقحم. قَوْله: (وَأخذُوا مجَالِسهمْ من الْبَيْت) يَعْنِي: قعد كل وَاحِد مِنْهُم فِي الْمجْلس الَّذِي يَلِيق بِهِ وَلم يذكر عَددهمْ وَقد تقدم فِي أَبْوَاب الْمَسَاجِد فِي كتاب الصَّلَاة من طَرِيق أبي حَازِم عَن أبي هُرَيْرَة: رَأَيْت سبعين من أَصْحَاب الصّفة ... الحَدِيث، وَذكر فِي (الْحِلْية) : أَن عدتهمْ تقرب من الْمِائَة، وَقَالَ أَبُو نعيم: كَانَ عدد أهل الصّفة يخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف الْحَال فَرُبمَا اجْتَمعُوا فكثروا، وَرُبمَا تفَرقُوا إِمَّا لغزو أَو سفر أَو اسْتغْنَاء، فَقَلُّوا، وَقيل هُنَا: كَانُوا أَكثر من سبعين. قَوْله: (خُذ) أَي: الْقدح الَّذِي فِيهِ اللَّبن فأعطهم، وَصرح هَكَذَا فِي رِوَايَة يُونُس. قَوْله: (حَتَّى يرْوى) بِفَتْح الْوَاو نَحْو رَضِي يرضى. قَوْله: (ثمَّ يرد على الْقدح فَأعْطِيه الرجل) قَالَ الْكرْمَانِي: الرجل الثَّانِي معرفَة معادة، فَيكون عين الأول على الْقَاعِدَة النحوية لَكِن المُرَاد غَيره: ثمَّ أجَاب بِأَن ذَلِك حَيْثُ لَا قرينَة، وَلَفظ: (حَتَّى انْتَهَيْت) قرينَة الْمُغَايرَة، كَمَا فِي قَوْله عز وَجل: {قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك تؤتي الْملك من تشَاء} (/ آل عمرَان: ٦٢) . قَوْله: (فَتَبَسَّمَ) كَانَ ذَلِك لأجل توهم أبي هُرَيْرَة أَن لَا يفضل لَهُ من اللَّبن شَيْء. قَوْله: (فَقَالَ: أَبَا هر) أَي: يَا أَبَا هر، وَفِي رِوَايَة عَليّ بن مسْهر: فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَة، أَي: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَبُو هُرَيْرَة، وَقد ذكرنَا وَجهه عَن قريب. قَوْله: (قَالَ: بقيت أَنا وَأَنت) هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى من حضر من أهل الصّفة. فَأَما من كَانَ فِي الْبَيْت من أهل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يتَعَرَّض لذكرهم، وَيحْتَمل أَن لَا يكون إِذْ ذَاك فِي الْبَيْت أحد أَو كَانُوا أخذُوا كفايتهم، وَكَانَ الَّذِي فِي الْقدح نصيب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فأرني) وَفِي رِوَايَة روح (ناولني الْقدح) . قَوْله: (فَحَمدَ الله وسمى) أما الْحَمد فلحصول الْبركَة فِيهِ، وَأما التَّسْمِيَة فلإقامة السّنة عِنْد الشّرْب. (وَشرب الفضلة) أَي: الْبَقِيَّة.

وَفِيه فَوَائِد: كَثِيرَة يستخرجها من لَهُ يَد فِي تَحْرِير النّظر، وتقريب المُرَاد.

٣٥٤٦ - حدّثنا مُسَدَّدٌ حدّثنا يَحْيَى اعنْ إسْماعِيلَ حَدثنَا قَيْسٌ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْداً يَقُولُ: إنِّي لأوَّلُ العَرَبِ رَماى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ الله، ورَأيْتُنَا نَغْزو وَمَا لَنا طَعامٌ إِلَّا وَرَقُ الحُبْلَةِ وهَذا السَّمُرُ، وإنَّ أحدَنا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ، ثُمَّ أصْبحَتْ بَنُو أسَدٍ تُعَزِّزُنِي على الإسْلامِ، خِبْتُ إذَا وضَلَّ سَعْيي. (انْظُر الحَدِيث ٨٢٧٣ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَن فِيهِ بَيَان عَيْش سعد وَغَيره على الْوَجْه الْمَذْكُور.

وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْقطَّان، وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي خَالِد، وَقيس هُوَ ابْن أبي حَازِم، وَسعد هُوَ ابْن أبي وَقاص رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

والْحَدِيث مضى فِي فضل سعد عَن عَمْرو بن عَوْف وَفِي الْأَطْعِمَة عَن عبد الله بن مُحَمَّد. وَأخرجه مُسلم فِي آخر الْكتاب عَن يحيى بن حبيب، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: (لأوّل الْعَرَب) اللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد، وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ: إِنِّي لأوّل رجل أهرق دَمًا فِي سَبِيل الله. قَوْله: (ورأيتنا) بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي: وَرَأَيْت أَنْفُسنَا. قَوْله: (نغزو) من الْغَزْو فِي سَبِيل الله. قَوْله: (الحبلة) بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة، وَقيل بِفَتْحِهَا أَيْضا، وَهِي: ثَمَر السّلم أَو ثَمَر عَامَّة العضاه وَهِي بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة شَجرا لَهُ شوك كالطلح والعوسج. قَوْله: (السمر) بِضَم الْمِيم شجر، وَفِي مُسلم: مَا تَأْكُل الأوراق الحبلة هَذَا السمر. قَوْله: (ليضع) كِنَايَة عَن التغوط أَي: ليضع الَّذِي يخرج مِنْهُ عِنْد التغوط. قَوْله: (مَاله خلط) بِكَسْر الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون اللَّام يَعْنِي لَا يخْتَلط بعضه بِبَعْض لجفافه وَشدَّة يبسه الناشىء عَن تقشف الْعَيْش. قَوْله: (بَنو أَسد) قَبيلَة وَهِي أَسد بن خُزَيْمَة. قَوْله: (تعزرني) أَي: تقومني بالتعليم على أَحْكَام الدّين وَهُوَ من التَّعْزِير وَهُوَ التَّوْقِيف على الْأَحْكَام والفرائض، وَمِنْه تَعْزِير السُّلْطَان وَهُوَ التَّقْوِيم بالتأديب. قَوْله: (على الْإِسْلَام) ويروى: على الدّين قَوْله: (خبت) من الخيبة وَهِي الحرمان والخسران. قَوْله: (وضل سعيي) ويروى: وضل عَمَلي ... قيل: كَيفَ جَازَ لسعد أَن يمدح نَفسه وَمن شَأْن الْمُؤمن ترك ذَلِك لوُرُود النَّهْي عَنهُ؟ وَأجِيب: بِأَن الْجُهَّال لما عيروه بِأَنَّهُ لَا يحسن الصَّلَاة فاضطر إِلَى ذكر فَضله والمدحة إِذا خلت عَن الْبَغي والاستطالة، وَكَانَ مَقْصُود قَائِلهَا إِظْهَار الْحق وشكر نعْمَة الله، لم يكره ذَلِك.

<<  <  ج: ص:  >  >>