للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجل وَاحِد، وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ: قَوْله: (من يَأْجُوج وَمَأْجُوج ألف) أَي: مِنْهُم وَمِمَّنْ كَانَ على الشّرك مثلهم. قَوْله: (أَو الرَّقْمَة) بِفَتْح الْقَاف وسكونها. الْخط، والرقمتان فِي الْحمار هما الأثران اللَّذَان فِي بَاطِن عضديه، وَقيل: الدائرة فِي ذراعه، وَقَالَ الْكرْمَانِي: الْفرق كثير بَين الْمُشبه والمشبه بِهِ الأول وَالثَّانِي، فَكيف يَصح التَّشْبِيه فِي الْمِقْدَار بشيئين مختلفي الْقدر؟ وَأجَاب: بِأَن الْغَرَض من التشبيهين أَمر وَاحِد وَهُوَ بَيَان قلَّة عدد الْمُؤمنِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَافرين غَايَة الْقلَّة، وَهُوَ حَاصِل مِنْهُمَا سَوَاء.

٧٤ - (بابُ قَوْلِ الله تَعَالَى: {أَلا يَظُنُّ أُوْلَائِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (المطففين: ٤ ٦)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله تَعَالَى إِلَى آخِره. قَوْله: {أَلا يظنّ} أَي: أَلا يستيقن، وَالظَّن هُنَا بِمَعْنى الْيَقِين {أَنهم مبعوثون} فَيسْأَلُونَ عَمَّا فعلوا فِي الدُّنْيَا. قَوْله: {ليَوْم عَظِيم} يَعْنِي: يَوْم الْقِيَامَة {يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين} لفصل الْقَضَاء بَين يَدي رَبهم، وَقَالَ كَعْب: يقفون ثَلَاثمِائَة عَام، وَقَالَ مقَاتل: وَذَلِكَ إِذا خَرجُوا من قُبُورهم.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} (الْبَقَرَة: ٩٦١) قَالَ: الوُصُلاتُ فِي الدُّنيا.

أَي: قَالَ ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وتقطعت بهم الْأَسْبَاب} الوصلات فِي الدُّنْيَا، بِضَم الْوَاو وَالصَّاد الْمُهْملَة، وَقَالَ ابْن التِّين: ضبطناه بِضَم الصَّاد وَفتحهَا وسكونها، وَقَالَ الْكرْمَانِي: هُوَ جمع الوصلة، وَهِي الِاتِّصَال، وكل مَا اتَّصل بشي فَمَا بَينهمَا وصلَة، وَقَالَ أَبُو عبيد: الْأَسْبَاب هِيَ الوصلات الَّتِي كَانُوا يتواصلون بهَا فِي الدُّنْيَا، وَعَن ابْن عَبَّاس: الْأَسْبَاب الْأَرْحَام، رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من طَرِيق ابْن جريج عَنهُ، هُوَ مُنْقَطع. وَأخرج عبد بن حميد من طَرِيق شَيبَان عَن قَتَادَة: الْأَسْبَاب الوصلات الَّتِي كَانَت بَينهم فِي الدُّنْيَا يتواصلون بهَا ويتحابون، فَصَارَت عَدَاوَة يَوْم الْقِيَامَة.

١٣٥٦ - حدّثنا إسْمَاعِيلُ بنُ أبانَ حدّثنا عِيسى بنُ يُونُسَ حدّثنا ابنُ عَوْن عنْ نافِعٍ عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: {يَوْم يقوم النَّاس لرب الْعَالمين} (المطففين: ٦) قَالَ: (يَقُومُ أحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أنْصافِ أُذُنَيْهِ) . (انْظُر الحَدِيث ٨٣٩٤) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَإِسْمَاعِيل بن أبان بِفَتْح الْهمزَة وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة منصرفاً الْوراق الْوزان الْكُوفِي، وَعِيسَى بن يُونُس بن إِسْحَاق بن أبي إِسْحَاق السبيعِي الْكُوفِي، سكن نَاحيَة الشَّام موضعا يُقَال لَهُ الْحَدث، وَمَات بهَا أول سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَة، وَابْن عون هُوَ عبد الله بن عون بن أرطبان الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي صفة النَّار عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الزّهْد وَالتَّفْسِير عَن هناد عَن عِيسَى بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن هناد بِهِ. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الزّهْد عَن أبي بكر بِهِ.

قَوْله: (فِي رشحه) الرشح الْعرق. قَوْله: (أَنْصَاف أُذُنَيْهِ) كَقَوْلِه: { (٦٦) فقد صغت قُلُوبكُمَا} (التَّحْرِيم: ٤) وَيُمكن الْفرق بِأَنَّهُ لما كَانَ لكل شخص أذنان فَهُوَ من بَاب إِضَافَة الْجمع إِلَى مثله بِنَاء على أَن أقل الْجمع اثْنَان.

قلت: رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب أَحَادِيث مُخْتَلفَة، فروى الْبَيْهَقِيّ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا: أَن الشَّمْس لَتَدْنُو حَتَّى يبلغ الْعرق نصف الْأذن، وروى الطَّبَرَانِيّ وَأَبُو يعلى وَصَححهُ ابْن حبَان من حَدِيث أبي الْأَحْوَص عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِن الْكَافِر ليلجم بعرقه يَوْم الْقِيَامَة من طول ذَلِك الْيَوْم، حَتَّى يَقُول: يَا رب أرحني، وَلَو إِلَى النَّار. وروى مُسلم من حَدِيث سليم بن عَامر عَن الْمِقْدَاد: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أدنيت الشَّمْس من الْعباد حَتَّى تكون قيد ميل أَو ميلين قَالَ سليم: لَا أَدْرِي أَرَادَ أَي الميلين أمسافة الأَرْض أَو الَّذِي يكتحل بِهِ قَالَ: فتصهرهم الشَّمْس فيكونون فِي الْعرق بِقدر أَعْمَالهم، فَمنهمْ من يَأْخُذهُ إِلَى حقْوَيْهِ وَمِنْهُم من يلجمه إلجاماً. قَالَ: فَرَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَهُوَ يُشِير بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ. وروى الْحَاكِم عَن عقبَة بن عَامر: سَمِعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: تَدْنُو الشَّمْس من الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة فيعرق النَّاس، فَمن النَّاس من يبلغ عرقه عقبه، وَمِنْهُم من يبلغ نصف سَاقه، وَمِنْهُم من يبلغ رُكْبَتَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>