للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٠١٦٦ - حدّثني مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أبُو الحَسَنِ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا خالِدٌ الحَذَّاءُ عنْ أبي عثْمانَ النَّهْدِيِّ عنْ أبي مُوسَى قَالَ: كُنّا مَعَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزاةٍ، فَجَعَلْنا لَا نَصْعَدُ شَرَقاً وَلَا نَعْلُو شَرَقاً وَلَا نَهْبِطُ فِي وادٍ إلاّ رَفَعْنا أصْوَاتَنا بالتَّكْبِيرِ، قَالَ: فَدَنا مِنّا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (يَا أيُّها النّاس أرْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ، فإنَّكُم لَا تَدْعُونَ أصَمَّ وَلَا غائِباً، إنَّما تَدْعُونَ سَمِيعاً بَصِيراً) ثُمَّ قَالَ: (يَا عَبْدَ الله بنَ قَيْسٍ! ألَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِيَ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَاّ بِاللَّه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك. وَأَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ عبد الرَّحْمَن بن مل، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب الدَّعْوَات فِي: بَاب الدُّعَاء إِذا علا عقبَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن أبي عُثْمَان عَن أبي مُوسَى ... إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي الْجِهَاد فِي: بَاب مَا يكره من رفع الصَّوْت فِي التَّكْبِير، أخرجه عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن عَاصِم عَن أبي عُثْمَان عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.

قَوْله: (فِي غزَاة) هِيَ غَزْوَة خَيْبَر، والشرف الْموضع العالي. قَوْله: (أربعوا) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: أرفقوا بِأَنْفُسِكُمْ واخفضوا أَصْوَاتكُم، يُقَال: ربع الرجل إِذا توقف وانحبس. قَوْله: (أَصمّ) ويروى: أصماً. قَوْله: (يَا عبد الله بن قيس) هُوَ اسْم أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ. قَوْله: (هِيَ من كنوز الْجنَّة) يَعْنِي: أَن لَهُ ثَوابًا مدخراً نفيساً كالكنز فَإِنَّهُ من نفائس مدخراتكم، وَقَالَ النَّوَوِيّ: الْمَعْنى أَن قَوْلهَا يحصل ثَوابًا نفيساً مدخراً لصَاحبه فِي الْجنَّة.

٨ - (بابٌ المَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ الله)

أَي: هَذَا بَاب يذكر فِيهِ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الْمَعْصُوم من عصمَة الله بِأَن حماه عَن الْوُقُوع فِي الْهَلَاك، يُقَال: عصمه الله من الْمَكْرُوه وَقَاه وَحفظه، وَالْفرق بَين عصمَة الْمُؤمنِينَ وعصمة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام، أَن عصمَة الْأَنْبِيَاء بطرِيق الْوُجُوب، وَفِي حق غَيرهم بطرِيق الْجَوَاز.

عاصِمٌ: مانِعٌ

أَشَارَ بِهِ إِلَى تَفْسِير: {لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله} (هود: ٣٤) أَي لَا مَانع.

قَالَ مُجاهِدٌ: سُداً عنِ الحَقِّ يَتَرَدَّدُونَ فِي الضَّلَالَةِ

أَي: قَالَ مُجَاهِد فِي تَفْسِير سدًى فِي قَوْله عز وَجل: {أيحسب الْإِنْسَان أَن يتْرك سدى} (الْقِيَامَة: ٦٣) بقوله: يَتَرَدَّدُونَ فِي الضَّلَالَة، وَقَالَ بَعضهم: سداً بتَشْديد الدَّال بعْدهَا ألف، وَوَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق وَرْقَاء عَن ابْن أبي نجيح عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سداً} (يس: ٩) قَالَ: عَن الْحق، ثمَّ قَالَ: ورأيته فِي بعض نسخ البُخَارِيّ: سدى، بتَخْفِيف الدَّال مَقْصُور، وَعَلِيهِ شرح الْكرْمَانِي ثمَّ قَالَ: وَلم أر فِي شَيْء من نسخ البُخَارِيّ إلَاّ الَّذِي أوردته. انْتهى.

قلت: هَذَا كَلَام ينْقض آخِره أَوله، لِأَنَّهُ قَالَ أَولا، ورأيته فِي بعض نسخ البُخَارِيّ سدًى بتَخْفِيف الدَّال، ثمَّ قَالَ: وَلم أر فِي شَيْء من نسخ البُخَارِيّ إلَاّ الَّذِي أوردته، وَمَعَ هَذَا هُوَ لم يطلع على جَمِيع نسخ البُخَارِيّ، وَهَذَا لَا يتَصَوَّر إلَاّ بالتعسف فِي النّسخ الَّتِي فِي مدينته، وَأما النّسخ الَّتِي فِي بِلَاد كرمان وبلخ وخراسان فَمن أَيْن يتَصَوَّر لَهُ الِاطِّلَاع عَلَيْهِمَا؟

دَسَّاها أغْوَاها

أَشَارَ بِهَذَا إِلَى تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {وَقد خَابَ من دساها} (الشَّمْس: ٠١) بقوله: أغواها. وَأخرج الطَّبَرِيّ بِسَنَد صَحِيح عَن حبيب بن ثَابت عَن مُجَاهِد وَسَعِيد بن جُبَير فِي قَوْله: دساها، قَالَ أَحدهمَا: أغواها، وَقَالَ الآخر: أضلها. وَقَالَ الْكرْمَانِي: مُنَاسبَة الْآيَتَيْنِ بالترجمة بَيَان أنّ من لم يعصمه الله كَانَ سدًى ومغوًى.

<<  <  ج: ص:  >  >>