للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ودواعيه كل ذَلِك مَكْتُوب مُقَدّر على العَبْد غير خَارج من سَابق قدره.

ومحمود بن غيلَان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَعبد الرَّزَّاق بن همام، وَمعمر هُوَ ابْن رَاشد، وَابْن طَاوس هُوَ عبد الله يروي عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا.

قَوْله: (مَا رَأَيْت شَيْئا أشبه باللمم) بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ صغَار الذُّنُوب، وَأَصله: مَا يلم بِهِ الشَّخْص من شهوات النَّفس، وَالْمَفْهُوم من كَلَام ابْن عَبَّاس أَنه النّظر، والنطق. وَقَالَ الْخطابِيّ: يُرِيد بِهِ المعفو عَنهُ الْمُسْتَثْنى فِي كتاب الله: {الَّذين يجتنبون كَبَائِر الْإِثْم وَالْفَوَاحِش إِلَّا اللمم} (النَّجْم: ٢٣) وسمى الْمنطق وَالنَّظَر زنا لِأَنَّهُمَا من مقدماته، وَحَقِيقَته، إِنَّمَا يَقع بالفرج، وَعَن ابْن عَبَّاس: اللمم أَن يَتُوب من الذُّنُوب وَلَا يعاودها، وروى عَنهُ: كل مَا دون الزِّنَا فَهُوَ اللمم. قَوْله: (فزنا الْعين النّظر) أَي: النّظر إِلَى الْأَجْنَبِيَّة. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: العينان تزنيان بِالنّظرِ، والشفتان تزنيان وزناهما التَّقْبِيل، وَالْيَدَانِ تزنيان وزناهما اللَّمْس، وَالرجلَانِ تزنيان وزناهما الْمَشْي، وَقيل: إِنَّمَا سميت هَذِه الْأَشْيَاء زنا لِأَنَّهَا دواعي إِلَيْهِ. قَوْله: (لَا محَالة) بِفَتْح الْمِيم أَي: لَا بُد لَهُ من ذَلِك وَلَا تحول لَهُ عَنهُ. قَوْله: (تمنى) أَصله: تتمني، فحذفت مِنْهُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ. قَوْله: (والفرج يصدق ذَلِك ويكذبه) يَعْنِي: إِذا قدر على الزِّنَا فِيمَا كَانَ فِيهِ النّظر، وَالتَّمَنِّي كَانَ زنا صدق ذَلِك فرجه، وَإِن امْتنع وَخَافَ ربه كذب ذَلِك فرجه، وتكتب لَهُ حسنه. قيل: التَّصْدِيق والتكذيب من صِفَات الْإِخْبَار. وَأجِيب بِأَن إطلاقهما هُنَا على سَبِيل التَّشْبِيه.

وَقَالَ شَبابَةُ: حدّثنا ورْقاءُ عنِ ابنِ طاوُوسٍ عنْ أبِيهِ عنْ أبي هُرَيرَةَ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

شَبابَة بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة. وَتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى ابْن سوار بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْوَاو وبالراء الْفَزارِيّ روى عَنهُ مَحْمُود، وورقاء مؤنث الأورق بِالْوَاو وبالراء وَالْقَاف ابْن عمر الْخَوَارِزْمِيّ سكن الْمَدِينَة، وَأَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذَا التَّعْلِيق إِلَى أَن طاووساً سمع الْقِصَّة من ابْن عَبَّاس عَن أبي هُرَيْرَة أَيْضا. وَالظَّاهِر أَنه سَمعه من أبي هُرَيْرَة بعد أَن سَمعه من ابْن عَبَّاس، وَوصل هَذَا التَّعْلِيق صَاحب (التَّلْوِيح) فَقَالَ: روينَاهُ فِي (مُعْجم الطَّبَرَانِيّ الْأَوْسَط) فَقَالَ: حَدثنَا عمر بن عُثْمَان حَدثنَا ابْن الْمُنَادِي عَنهُ، فَذكره وَتَبعهُ فِي ذَلِك صَاحب (التَّوْضِيح) : وَقَالَ بَعضهم: راجعت (المعجم الْأَوْسَط) : فَلم أجد هَذَا فِيهِ.

قلت: صَاحب (التَّلْوِيح) : يُصَرح بِأَنَّهُ رَوَاهُ، وَتَبعهُ أَيْضا صَاحب (التَّوْضِيح) : الَّذِي هُوَ شيخ هَذَا الْقَائِل مَعَ علمه بِأَن الْمُثبت مقدم على النَّافِي، وَلَكِن عرق العصبية ينبض فَيُؤَدِّي صَاحبهَا إِلَى حط من هُوَ أكبر مِنْهُ فِي الْعلم وَالسّن والقدم.

٠١ - (بابُ {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس} (الْإِسْرَاء: ٠٦)

أَي: هَذَا بَاب فِي قَول الله تَعَالَى: {وَمَا جعلنَا} ... إِلَى آخِره. قَالَ الثَّعْلَبِيّ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَمَا جعلنَا} الْآيَة قَالَ قوم: هِيَ رُؤْيا عين مَا رأى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لَيْلَة الْمِعْرَاج من الْعَجَائِب والآيات فَكَانَ ذَلِك فتْنَة للنَّاس، فقوم أَنْكَرُوا وكذبوا وَقوم ارْتَدُّوا وَقوم حدثوا. قَوْله: (إلَاّ فتْنَة) أَي: بلَاء للنَّاس، وَقيل: رأى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بني أُميَّة ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذَلِك، فَمَا استجمع ضَاحِكا حَتَّى مَاتَ. فَأنْزل الله تَعَالَى: {وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك} ... الْآيَة، وَقيل: إِنَّمَا فتن النَّاس بالرؤيا والشجرة لِأَن جمَاعَة ارْتَدُّوا، وَقَالُوا: كَيفَ سرى بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس فِي لَيْلَة وَاحِدَة، وَقَالُوا: لما أنزل الله تَعَالَى شَجَرَة الزقوم كَيفَ تكون فِي النَّار شَجَرَة لَا تأكلها؟ فَكَانَت فتْنَة لقوم واستبصاراً لقوم مِنْهُم أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَيُقَال: إِنَّه سمي صديقا ذَلِك الْيَوْم، وأصل الْفِتْنَة فِي الأَصْل الاختبار، ثمَّ اسْتعْملت فِي الْكفْر كَقَوْلِه تَعَالَى: {والفتنة أَشد من الْقَتْل} (الْبَقَرَة: ١٩١) وَفِي الْإِثْم كَقَوْلِه تَعَالَى: {أَلا فِي الْفِتْنَة سقطوا} (التَّوْبَة: ٩٤) ، وَفِي الإحراق كَقَوْلِه: {إِن الَّذين فتنُوا الْمُؤمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} (البروج: ٠١) وَفِي الْإِزَالَة عَن الشَّيْء كَقَوْلِه: {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَك} (الْإِسْرَاء: ٣٧) وَغير ذَلِك، وَالْمرَاد بهَا فِي هَذَا الْموضع: الاختبار.

٢٠ - (حَدثنَا الْحميدِي حَدثنَا سُفْيَان حَدثنَا عَمْرو عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَمَا جعلنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أريناك إِلَّا فتْنَة للنَّاس قَالَ هِيَ رُؤْيا عين أريها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة أسرِي بِهِ إِلَى بَيت الْمُقَدّس قَالَ والشجرة الملعونة فِي الْقُرْآن قَالَ هِيَ شَجَرَة الزقوم)

<<  <  ج: ص:  >  >>