للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (فَكفر عَن يَمِينك) وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة بن حبيب وَهُوَ من مسلمة الْفَتْح وَقد شهد فتوح الْعرَاق وَكَانَ فتح سجستان على يَدَيْهِ، أرْسلهُ عبد الله بن عَامر أَمِير الْبَصْرَة وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ إلَاّ هَذَا الحَدِيث.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام عَن حجاج بن منهال وَفِي الْكَفَّارَات عَن مُحَمَّد بن عبد الله. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَيْمَان عَن شَيبَان بن فروخ وَغَيره، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْخراج عَن مُحَمَّد بن الصَّباح وَغَيره. وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الْأَيْمَان عَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى. وَأخرج النَّسَائِيّ قصَّة الْإِمَارَة فِي الْقَضَاء وَفِي السّير عَن مُجَاهِد بن مُوسَى، وقصة الْيَمين فِي الْأَيْمَان عَن جمَاعَة آخَرين.

قَوْله: (الْإِمَارَة) بِكَسْر الْهمزَة أَي: لَا تسْأَل أَن تعْمل أَمِيرا أَي: حَاكما. قَوْله: (أوتيتها) على صِيغَة الْمَجْهُول بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف. قَوْله: (أعنت) ، على صِيغَة الْمَجْهُول أَيْضا.

وَفِيه: كَرَاهَة سُؤال مَا يتَعَلَّق بالحكومة نَحْو الْقَضَاء والحسبة وَنَحْوهمَا، وَإِن من سَأَلَ لَا يكون مَعَه إِعَانَة من الله تَعَالَى، فَلَا يكون لَهُ كِفَايَة لذَلِك الْعَمَل فَيَنْبَغِي أَن لَا يولي.

قلت: إِذا كَانَ عَن مُجَرّد السُّؤَال، فَمَا يكون حَال من يسْأَل بالرشوة ويجتهد فِيهِ؟ خُصُوصا فِي غَالب قُضَاة مصر فَلَا يتولون إلَاّ بالبراطيل والرشى؟ وَلَا يخَاف من اسْتِحْقَاق اللَّعْنَة من الله تَعَالَى فِي ذَلِك، وَقد روى عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: لعن الله الراشي والمرتشي والرائش. وَفِيه: إِن من حلف على فعل أَو ترك وَكَانَ الْحِنْث خيرا من التَّمَادِي عَلَيْهِ اسْتحبَّ لَهُ الْحِنْث، بل يجب، نظرا لظَاهِر الْأَمر. وَفِيه: جَوَاز التَّكْفِير قبل الْحِنْث، وَبِه أَخذ الشَّافِعِي وَمَالك فِي رِوَايَة، وَلَا يجوز عِنْد الْحَنَفِيَّة لِأَن الْكَفَّارَة لستر الْجِنَايَة وَلَا جِنَايَة قبل الْحِنْث، فَلَا يجوز.

وَحكم الحَدِيث أَنه تعارضه رِوَايَة مُسلم أخرجه عَن أبي هُرَيْرَة: من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير وليكفر عَن يَمِينه، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة، غير أَن البُخَارِيّ انْفَرد بِتَقْدِيم الْحِنْث قبل الْكَفَّارَة، وَكَذَلِكَ فِي رِوَايَة أبي دَاوُد فِي (سنَنه) تَقْدِيم الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث، وَجَاء تَقْدِيم الْحِنْث على الْكَفَّارَة فِي حَدِيث أبي مُوسَى الَّذِي أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم، وَفِي لفظ لَهما تَقْدِيم الْكَفَّارَة فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فالأخذ بِرِوَايَة تَقْدِيم الْحِنْث على الْكَفَّارَة أولى لما ذكرنَا.

٣٣٦٦ - حدّثنا أبُو النُّعْمانِ حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلانَ بنِ جَرِيرٍ عنْ أبي بُرْدَةَ عنْ أبِيهِ قَالَ: أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَهْطٍ مِنَ الأشْعَرِيِّينَ أسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ: (وَالله لَا أحْمِلُكمْ، وَمَا عِنْدِي مَا أحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) . قَالَ: ثُمَّ لَبِثْنا مَا شاءَ الله أنْ نَلْبَثَ، ثُمَّ أُتِيَ بِثَلاثِ ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرى فَحَمَلَنا عَلَيْها، فَلَمَّا انْطَلَقْنَا قُلْنا أوْ قالَ بَعْضُنا: وَالله لَا يُبارَكَ لَنا، أتَيْنا النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَسْتَحْمِلُهُ فَحَلَفَ أنْ لَا يَحْمِلَنا ثُمَّ حَمَلَنَا، فارْجِعُوا بِنا إِلَى النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَنُذَكِّرَهُ، فأتَيْناهُ فَقَالَ: (مَا أَنا حَمَلْتُكُمْ، بَلِ الله حَمَلَكمْ وإنِّي وَالله إِن شاءَ الله لَا أحْلِفُ عَلى يَمِينٍ فَأرى غَيْرَهَا خَيْراً مِنْها إلاّ كَفَّرْتُ عنْ يَمِينِي وأتَيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ، أوْ أتَيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ وكَفَّرْتُ عنْ يَمِينِي) .

مطابقته للتَّرْجَمَة تفهم من معنى الحَدِيث. وَأَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد كَمَا مر، وغيلان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن جرير بِفَتْح الْجِيم الْأَزْدِيّ الْبَصْرِيّ، وَأَبُو بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء، قيل: اسْمه الْحَارِث وَقيل: عَامر يروي عَن أَبِيه أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي كَفَّارَات الْأَيْمَان عَن قُتَيْبَة، وَأخرجه أَيْضا مطولا فِي كتاب الْخمس فِي: بَاب وَمن الدَّلِيل على أَن الْخمس لنوائب الْمُسلمين، فَلْينْظر فِيهِ. وَأخرجه مُسلم فِي الْأَيْمَان عَن خلف بن هِشَام وَغَيره. وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَيْمَان عَن سُلَيْمَان بن حَرْب. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْأَيْمَان عَن قُتَيْبَة. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الْكَفَّارَات عَن أَحْمد بن عَبدة.

قَوْله: (فِي رَهْط) قد ذكرنَا غير مرّة أَن الرَّهْط مَا دون الْعشْرَة من الرِّجَال لَا يكون فيهم امْرَأَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه. قَوْله: (من الْأَشْعَرِيين) جمع أشعري نِسْبَة

<<  <  ج: ص:  >  >>