للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي كتاب التَّعْبِير فِي: بَاب من لم ير الرُّؤْيَا الأول عَابِر. قَوْله: (فِي الرُّؤْيَا) أَي: فِي تَعْبِير الرُّؤْيَا. قَوْله: (لَا تقسم) نهي عَن الْقسم. فَإِن قلت: أَمر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإبرار الْمقسم، كَمَا يَجِيء الْآن، فَلم مَا أبره؟ .

قلت: ذَلِك مَنْدُوب عِنْد عدم الْمَانِع، فَكَانَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَانع مِنْهُ. وَقَالَ ابْن الْمُنْذر: أَمر الشَّارِع بإبرار الْمقسم أَمر دنب لَا وجوب لِأَن الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أقسم على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلم يبر قسمه وَلَو كَانَ وَاجِبا لَأَبَره. وَقَالَ الْمُهلب: إبرار الْمقسم إِنَّمَا يسْتَحبّ إِذا لم يكن فِي ذَلِك ضَرَر على الْمَحْلُوف عَلَيْهِ، أَو على جمَاعَة أهل الدّين، لِأَن الَّذِي سكت عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بَيَان مَوضِع الْخَطَأ فِي تَعْبِير الصّديق هُوَ عَائِد على الْمُسلمين، وَسَيَجِيءُ إِيضَاح ذَلِك فِي التَّعْبِير فِي الْبَاب الْمَذْكُور.

٤٥٦٦ - حدّثنا قَبيصَةُ حدّثنا سُفْيانُ عنْ أشْعَثَ عنْ مُعاوَيَةَ بنِ سُوَيْدِ بنِ مُقَرِّنٍ عنِ البَرَاءِ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

(ح) وحدّثني مُحَمَّد بنُ بَشَّار حدّثنا غُنْدَرٌ حدّثنا شُعْبَةُ عنْ أشْعَثَ عنْ مُعاوِيَةَ بنِ سُوَيْدِ بنِ مقَرَنٍ عنِ البَرَاءِ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: أمَرَنا النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بإبْرَارِ المقْسِمِ.

طابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ وجود الْمقسم فِيهَا. وَأما التَّعَارُض الظَّاهِر الَّذِي بَين حَدِيث ابْن عَبَّاس وَحَدِيث الْبَراء هَذَا فَجَوَابه يفهم مَا ذَكرْنَاهُ الْآن عَن ابْن الْمُنْذر والمهلب.

وَأخرج حَدِيث الْبَراء من طَرِيقين: الأول: عَن قبيصَة بن عقبَة العامري الْكُوفِي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أَشْعَث بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة وَفتح الْعين الْمُهْملَة وبالثاء الْمُثَلَّثَة ابْن أَب الشعْثَاء سليم بن الْأسود الْكُوفِي عَن مُعَاوِيَة بن سُوَيْد بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الوو ابْن مقرن بِضَم الْمِيم وَفتح الْقَاف وَتَشْديد الرَّاء الْمَكْسُورَة وبالنون الْكُوفِي عَن الْبَراء بن عَازِب الطَّرِيق الثَّانِي: عَن مُحَمَّد بن بشار عَن غنْدر بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون وَهُوَ لقب مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن أَشْعَث. . إِلَى آخِره.

والْحَدِيث الَّذِي فِيهِ إبرار الْمقسم مطولا ومختصراً قد مضى فِي مَوَاضِع كَثِيرَة: فِي الْجَنَائِز ولمظلم واللباس والطب وَالنُّذُور وَالْأَدب وَالنِّكَاح والاستئذان والأشربة.

قَوْله: (الْمقسم) رُوِيَ بِفَتْح السِّين، فوجهه أَن يكون مصدرا بِمَعْنى الإقسام، وَقد يَجِيء الْمصدر على لفظ الْمَفْعُول كَمَا فِي قَوْله: أدخلته مدخلًا. بِمَعْنى الإدخال، وأخرجته مخرجا بِمَعْنى إخراجاً.

٥٥٦٦ - حدّثنا حفْصُ بنُ عُمَرَ حَدثنَا شُعْبَةُ أخبرنَا عاصِمٌ الأحْوَلُ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمانَ يُحَدِّثُ عنْ أُسامَةَ أنَّ ابْنَةً لِرَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أرْسَلَتْ إلَيْهِ، ومَع رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أُسامَة بنُ زَيْدٍ وسَعْدٌ وأُبَيٌّ، أنَّ ابْنِي قَدِ احْتُضِرَ فاشْهَدْنا، فأرْسَلَ يَقْرَأ السّلامَ ويَقُولُ: (إنَّ لله مَا أخَذَ وَمَا أعْطَى وكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ وتَحْتَسِبْ) فأرْسَلَتْ إلَيْه تقْسِمُ عَلَيْهِ، فقامَ وقمْنا مَعَهُ، فَلَمَّا قَعَدَ رُفِعَ إلَيْهِ فأقْعَدَهُ فِي حَجْرِهِ ونَفْسُ الصَّبِيِّ تَقَعْقَعُ، فَفاضَتْ عَيْنا رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ سَعْدٌ: مَا هاذَا يَا رسولَ الله؟ قَالَ: (هاذَا رَحْمَةٌ يَضَعُها الله فِي قُلُوبِ مَنْ يشاءُ مِنْ عِباِهِ، وإنَّما يَرْحَمَ الله مِنْ عِبادِهِ الرُّحَماءَ) .

طابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: (تقسم عَلَيْهِ) وَهُوَ أَيْضا يُنَاسب الحَدِيث السَّابِق من حَيْثُ إِن فِي كل مِنْهُمَا إبرار الْمقسم. وَأَبُو عُثْمَان عبد الرَّحْمَن النَّهْدِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجَنَائِز عَن عَبْدَانِ، وَفِي الطِّبّ عَن حجاج، وَيَأْتِي فِي التَّوْحِيد عَن أبي النُّعْمَان وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

وَأُسَامَة هُوَ ابْن زيد بن حَارِثَة الْكَلْبِيّ، وَسعد هُوَ ابْن عبَادَة الخزرجي، وَأبي بِضَم الْهمزَة وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة هُوَ ابْن كَعْب الْأنْصَارِيّ ويروى: أَو أبي، بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْبَاء بِالْإِضَافَة إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم، يَعْنِي: مَعَه سعد وَأبي كِلَاهُمَا أَو أَحدهمَا، شكّ الرَّاوِي فِي قَول أُسَامَة، وَفِي أول كتاب الْقدر: أبي بن كَعْب جزما بِلَا شكّ.

قَوْله: (قد احْتضرَ) بِالضَّمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>