للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَحرم على نَفسه بِظَنّ، صدقهما. قَالَ الْكرْمَانِي: كَيفَ جَازَ على أَزوَاجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمْثَال ذَلِك؟ ثمَّ أجَاب بقوله: هُوَ من مقتضيات الْغيرَة الطبيعية للنِّسَاء، وَهُوَ صَغِيرَة مَعْفُو عَنْهَا، ثمَّ قَالَ: فَإِن قلت: تقدم فِي كتاب الطَّلَاق أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، شرب فِي بَيت حَفْصَة، والمتظاهرات هِيَ عَائِشَة وَسَوْدَة وَزَيْنَب.

قلت: لَعَلَّ الشّرْب كَانَ مرَّتَيْنِ. قَوْله: (وَلنْ أَعُود لَهُ) أَي: قَالَ: وَالله لَا أَعُود لَهُ، فَلذَلِك كفره. قَوْله: (لعَائِشَة) أَي: الْخطاب لعَائِشَة وَحَفْصَة. قَوْله: (وَإِذ أسر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا) لقَوْله: (بل شربت عسلاً) أَي: الحَدِيث المسر كَانَ ذَلِك القَوْل.

قَوْله: وَقَالَ لي إِبْرَاهِيم بن مُوسَى، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر: وَقَالَ إِبْرَاهِيم، بِغَيْر لفظ: لي، وَقد تقدم فِي التَّفْسِير بِلَفْظ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُوسَى وَهُوَ أَبُو إِسْحَاق الرَّازِيّ يعرف بالصغير يروي عَن هِشَام بن يُوسُف وَصرح بِهِ فِي التَّفْسِير، وَقد اختصر هُنَا بِغَيْر السَّنَد وَمرَاده أَن هشاماً رَوَاهُ عَن ابْن جريج بالسند الْمَذْكُور والمتن إِلَى قَوْله: قَوْله: (وَلنْ أَعُود) فَزَاد: (وَقد حَلَفت فَلَا تُخْبِرِي بذلك أحدا) .

٦٢ - (بابُ الوَفَاء بالنَّذْرِ)

أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم وَفَاء النَّاذِر بنذره، وَفِي بَيَان فضل الْوَفَاء بِالنذرِ.

وقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوفونَ بِالنذرِ} (الْإِنْسَان: ٧)

أورد هَذِه الْآيَة إِشَارَة إِلَى أَن الْوَفَاء بِالنذرِ مِمَّا يجلب الثَّنَاء على فَاعله، وَلَكِن المُرَاد هُوَ نذر الطَّاعَة لَا نذر الْمعْصِيَة، وَقَامَ الْإِجْمَاع على وجوب الْوَفَاء إِذا كَانَ النّذر بِالطَّاعَةِ، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {أَوْفوا بِالْعُقُودِ} (الْمَائِدَة: ١) وَقَالَ {يُوفونَ بِالنذرِ} فمدحهم بذلك، وَاخْتلف فِي ابْتِدَاء النّذر فَقيل: إِنَّه مُسْتَحبّ، وَقيل: مَكْرُوه وَبِه جزم النَّوَوِيّ، وَنَصّ الشَّافِعِي على أَنه خلاف الأولى، وَحمل بعض الْمُتَأَخِّرين النَّهْي على نذر اللجاج، وَاسْتحبَّ نذر التبرر.

٢٩٦٦ - حدّثنا يَحْيَاى بنُ صالحٍ حدّثنا فُلَيْحُ بنُ سُلَيْمانَ حدّثنا سَعِيد بنُ الحارِثِ أنّه سَمِعَ ابنَ عُمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا، يَقُولُ: أوَ لَمْ يُنْهَوْا عَن النَّذْرِ؟ إنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (إنَّ النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئاً وَلَا يؤخِّرُ، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ بالنَّذْرِ مِنَ البَخِيلِ) . (انْظُر الحَدِيث ٨٠٦٦ وطرفه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة. وَيحيى بن صَالح الوحاظي بِضَم الْوَاو وَتَخْفِيف الْحَاء الْمُهْملَة وَبعد الْألف ظاء مُعْجمَة، وفليح مصغر فلح وَسَعِيد بن الْحَارِث الْأنْصَارِيّ الْمدنِي قَاضِي الْمَدِينَة. والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: (أَو لم ينهوا عَن النّذر) على صِيغَة الْمَجْهُول. وَقَالَ الْكرْمَانِي بِلَفْظ الْمَعْرُوف والمجهول، وَفِيه حذف بَينه الْحَاكِم فِي (الْمُسْتَدْرك) : والإسماعيلي عَن سعيد بن الْحَارِث قَالَ: كنت عِنْد ابْن عمر فَأَتَاهُ مَسْعُود بن عَمْرو أحد بني عَمْرو بن كَعْب فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن {إِن ابْني كَانَ مَعَ عمر بن عبيد الله بن معمر بِأَرْض فَارس، فَوَقع فِيهَا وباء وطاعون شَدِيد، فَجعلت على نَفسِي لَئِن الله سلم ابْني ليمشين إِلَى بَيت الله تَعَالَى، فَقدم علينا وَهُوَ مَرِيض ثمَّ مَاتَ، فَمَا تَقول؟ فَقَالَ ابْن عمر: أَو لم ينهوا عَن النّذر؟ إِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... فَذكر الحَدِيث الْمَرْفُوع، وَزَاد: أوف بِنَذْرِك، وَقَالَ أَبُو عَامر. فَقَالَ: يَا أَبَا عبد الله} إِنَّمَا نذرت أَن يمشي ابْني. فَقَالَ: أوف بِنَذْرِك، قَالَ سعيد بن الْحَارِث: فَقلت لَهُ: أتعرف سعيد بن الْمسيب؟ قَالَ: نعم. قلت لَهُ: إذهب إِلَيْهِ ثمَّ أَخْبرنِي مَا قَالَ لَك. قَالَ: فَأَخْبرنِي أَنه قَالَ لَهُ: امش عَن ابْنك.

قلت: يَا أَبَا مُحَمَّد! وَترى ذَلِك مَقْبُولًا؟ قَالَ: نعم. أَرَأَيْت لَو كَانَ على ابْنك دين لَا قَضَاء لَهُ فقضيته أَكَانَ ذَلِك مَقْبُولًا؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَهَذَا مثل هَذَا. انْتهى. وَأَبُو عبد الرَّحْمَن كنية عبد الله بن عمر، وَأَبُو مُحَمَّد كنية سعيد بن الْمسيب. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: لَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل على كَونهم منهيين.

قلت: يفهم من السِّيَاق أَو لما كَانَ مَشْهُور بَينهم لم يذكرهُ هَهُنَا وَجَاء صَرِيحًا فِي الحَدِيث بعده. قَوْله: (لَا يقدم شَيْئا وَلَا يُؤَخر) ويروى: وَلَا يُؤَخِّرهُ، بضمير الْمَنْصُوب وَمَعْنَاهُ: لَا يقدم شَيْئا من قدر الله ومشيئته، وَلَا يُؤَخِّرهُ، وَفِي رِوَايَة عبد الله بن مرّة: لَا يرد شَيْئا، وَهِي أَعم على مَا يَأْتِي الْآن. وَكَذَلِكَ يَأْتِي فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: لَا يَأْتِي ابْن آدم النّذر بِشَيْء لم يكن قدر لَهُ، وَفِي رِوَايَة: لَا يقرب من ابْن آدم شَيْئا لم يكن الله قدره لَهُ. قَوْله: (وَإِنَّمَا يسْتَخْرج بِالنذرِ من الْبَخِيل) يَعْنِي: أَن من النَّاس من لَا يسمح

<<  <  ج: ص:  >  >>