للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابْن عَبَّاس أَيْضا: إِن آخر آيَة نزلت {لقد جَاءَكُم رَسُول من أَنفسكُم} (التَّوْبَة: ٨٢١) وَجَاء عَنهُ أَيْضا: إِن آخر آيَة نزلت {وَاتَّقوا يَوْمًا ترجعون فِيهِ إِلَى الله} (الْبَقَرَة: ١٨٢) وَهَذِه ثَلَاث رِوَايَات عَن ابْن عَبَّاس، فَهَل قَالَهَا كُله بِالظَّنِّ؟ فَلَا يُقَال ذَلِك.

٥١ - (بَاب ابْنَيْ عَمٍّ أحَدُهُما أخٌ لِلأمِّ والآخَرُ زَوْجٌ)

أَي: هَذَا بَاب فِي شَأْن امْرَأَة مَاتَت عَن ابْني عَم: أَحدهمَا أَخُوهَا لأمها وَالْآخر زَوجهَا، وَهَذِه التَّرْجَمَة مثل اللغز لَيْسَ فِيهَا بَيَان صورتهَا وَلَا بَيَان حكمهَا وَلَكِن حكمهَا يظْهر من قَول عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَصورتهَا: رجل تزوج بِامْرَأَة فَجَاءَت مِنْهُ بِابْن ثمَّ تزوج بِأُخْرَى فَجَاءَت مِنْهُ بِابْن، ثمَّ فَارق الْمَرْأَة الثَّانِيَة فَتَزَوجهَا أَخُوهُ فَجَاءَت مِنْهُ ببنت فَهِيَ أُخْت الإبن الثَّانِي لأمه وَابْنَة عَمه، فَتزوّجت هَذِه الْبِنْت الابْن الأول وَهُوَ ابْن عَمها ثمَّ مَاتَت عَن ابْني عَم أَحدهمَا أَخُوهَا لأمها وَالْآخر زَوجهَا.

وَقَالَ عَلِيٌّ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ولِلأخِ منَ الأُمِّ السُّدْسُ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُما نِصْفانِ

أَي: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب فِي الصُّورَة الْمَذْكُورَة: للزَّوْج النّصْف لِأَنَّهُ زوج وفرضه النّصْف، وللأخ من الْأُم السُّدس لكَونه أَخا من أم وفرضه السُّدس، وَمَا بَقِي وَهُوَ الثُّلُث بَينهمَا أَي: بَين ابْني عَمها أَحدهمَا الزَّوْج وَالْآخر أَخُوهَا من أمهَا نِصْفَانِ بطرِيق الْعُصُوبَة فَيصح للْأولِ الَّذِي هُوَ الزَّوْج الثُّلُثَانِ النّصْف بطرِيق الْفَرْض وَالسُّدُس بطرِيق التَّعْصِيب، وَيصِح للثَّانِي وَهُوَ ابْن عَمها الآخر الثُّلُث بطرِيق الْفَرْض والتعصيب. قَالَ ابْن بطال: وَبقول عَليّ قَالَ المدنيون وَالثَّوْري وَمَالك وَأَبُو حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق. وَقَالَ عَمْرو بن مَسْعُود: جَمِيع المَال للَّذي جمع القرابتين لِأَنَّهُمَا قَالَا فِي ابْني الْعم أَحدهمَا أَخ لَام أَن الْأَخ للْأُم أَحَق بِالْمَالِ لَهُ السُّدس بِالْفَرْضِ وَبَاقِي المَال بِالتَّعْصِيبِ، وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ وَعَطَاء وَالنَّخَعِيّ وَابْن سِيرِين وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو ثَوْر وَأهل الظَّاهِر، وَتَعْلِيق عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، رَوَاهُ يزِيد بن هَارُون عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَوْس بن ثَابت عَن حَكِيم بن عقال قَالَ: أفتى شُرَيْح فِي امْرَأَة تركت ابْني عَمها أَحدهمَا زَوجهَا وَالْآخر أَخُوهَا لأمها، فَأعْطِي الزَّوْج النّصْف وَأعْطِي الْأَخ من الْأُم مَا بَقِي فَبلغ ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ، فَقَالَ: ادْع لي العَبْد لأنظر، فَدَعَا شُرَيْح فَقَالَ: مَا قضيت أبكتاب الله أَو بِسنة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ شُرَيْح: بِكِتَاب الله. قَالَ: أَيْن؟ قَالَ: {وَأولُوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} (الْأَحْزَاب: ٣٣) فَقَالَ عَليّ، فَهَل قَالَ للزَّوْج النّصْف وَله مَا بَقِي؟ ثمَّ أعْطى الزَّوْج النّصْف وَالْأَخ من الْأُم السُّدس ثمَّ قسم مَا بَقِي بَينهمَا.

٥٤٧٦ - حدّثنا مَحْمُودٌ أخبرنَا عُبَيْدُ الله عنْ إسْرائِيلَ عنْ أبي حَصِينٍ عنْ أبي صالحٍ عنْ أبي هُرَّيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَنا أوْلَى بالمُؤْمِنِينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ، فَمَنْ ماتَ وتَرَكَ مَالا فَمالُهُ لِمَوالِي العَصَبَةِ، ومَنْ تَرَك كَلاًّ أوْ ضَياعاً فَأَنا وَلِيُّهُ فَلأُدْعى لهُ) .

مطابقته للتَّرْجَمَة بالتعسف تُؤْخَذ من قَوْله: (فَمَاله لموَالِي الْعصبَة) لِأَن التَّرْجَمَة الَّتِي صورتهَا مَا ذكرنَا فِيهَا الْفَرْض والتعصيب فيطابق قَوْله: (لموَالِي الْعصبَة) ، وَالْإِضَافَة فِيهِ للْبَيَان نَحْو: شجر الْأَرَاك أَي: الموَالِي الَّذين هم الْعصبَة. قيل: قد يكون لأَصْحَاب الْفُرُوض، قيل لَهُ: أَصْحَاب الْفُرُوض مقدمون على الْعصبَة فَإِذا كَانَ للأبعد فبالطريق الأولى يكون للأقرب.

ومحمود شيخ البُخَارِيّ هُوَ ابْن غيلَان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة يروي عَن عبيد الله بن مُوسَى وَهُوَ أَيْضا شيخ البُخَارِيّ يروي عَنهُ كثيرا بِلَا وَاسِطَة، وَإِسْرَائِيل هُوَ ابْن يُونُس بن أبي إِسْحَاق السبيعِي، وَأَبُو حُصَيْن بِفَتْح الْحَاء وَكسر الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ واسْمه عُثْمَان بن عِصَام، وَأَبُو صَالح هُوَ ذكْوَان السمان.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الْفَرَائِض عَن أَحْمد بن سُلَيْمَان.

قَوْله: (أَنا أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم) يَعْنِي: الأولولية النُّصْرَة أَي: أَنا أتولى أُمُورهم بعد وفاتهم فأنصرهم فَوق مَا كَانَ مِنْهُم لَو عاشوا، فَإِن تركُوا شَيْئا من المَال فأذب المستأكل من الظلمَة أَن يحوم حوله فيخلص لورثتهم، وَإِن لم يتْركُوا وَتركُوا ضيَاعًا وكلاًّ من الْأَوْلَاد

<<  <  ج: ص:  >  >>