للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

: ذكر مَا هُوَ الْمَقْصُود، أَي: ذكر البُخَارِيّ مَا هُوَ الْمَقْصُود، وَهُوَ الَّذِي ترْجم لَهُ الْبَاب. قلت: كَانَ يَنْبَغِي أَن يقْتَصر على المضمضمة وَالِاسْتِنْشَاق فَقَط، كَمَا هُوَ عَادَته فِي تقطيع الحَدِيث لأجل التراجم، فَيتْرك اختصاراً ذكر فرض من الْفُرُوض القطعية، وَيذكر زَوَائِد لَا تطابق التَّرْجَمَة. وَقَالَ الْكرْمَانِي: وَقد يُجَاب أَيْضا بِأَن الْمَفْعُول الْمَحْذُوف الْوَجْه، أَي: ثمَّ غسل وَجهه، وَحذف لظُهُوره، فأو، بِمَعْنى: الْوَاو، فِي قَوْله: (أَو مضمض) ، وَمن كفة وَاحِدَة يتَعَلَّق: بمضمض واستنشق فَقَط. قلت: هَذَا أقرب إِلَى الصَّوَاب لِأَنَّهُ لَا يُقَال فِي الْفَم فِي الْوضُوء إلَاّ مضمض، وَإِن كَانَ يُطلق عَلَيْهِ الْغسْل.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام قد تقدم، وَإِنَّمَا مُرَاد البُخَارِيّ هَهُنَا بَيَان أَن الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق من غرفَة وَاحِدَة، وَهَذَا أحد الْوُجُوه الْخَمْسَة الْمُتَقَدّمَة، وَلَيْسَ هَذَا حجَّة على من يرى خلاف هَذَا الْوَجْه، لِأَن الْكل نقل عَنهُ، عَلَيْهِ السَّلَام، بَيَانا للْجُوَاز.

٤٢ - (بابُ مَسْحِ الرَّأْسِ مَرَّةً)

أَي هَذَا بَاب فِي بَيَان مسح الرَّأْس مرّة وَاحِدَة. والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ ظَاهِرَة.

١٩٢ - حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ قالَ حدّثنا وُهَيْبٌ قَالَ حدّثنا عَمْرُو بنُ يَحْيىَ عنْ أَبِيه قَالَ شَهدْتُ عَمْرَو بنَ أبي حَسَنِ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بنَ زَيْدٍ عنْ وُضُوءِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَدَعا بِتَوْرٍ مِنْ ماءٍ فَتَوَضَّأَ لهُمْ (فَكَفَأَهُ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسلَهُمَا ثَلاثاً ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ فِي الاِناءِ) فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ واسْتَنْثَرَ ثَلاثاً بِثَلاثِ غَرَفاتٍ مِنْ ماءٍ ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ فِي الاناءِ فَغَسَلَ وَجْههُ ثَلَاثًا ثُمَّ اَدْخَلَ يَدَهُ فِي الاِناءِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ الى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ اَدْخَلَ يَدَهُ فِي الاناءِ فمَسَح بِرَأْسِهِ فَأَقْبَل بِيَدَيْهِ وَادْبَرَ بِهِمَا ثُمَّ اَدْخَلَ يَدَهُ فِي الاِناءِ فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ..

قَوْله: (بَاب مسح الرَّأْس مرّة) ، هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (بَاب مسح الرَّأْس مسحة) .

ومطابقة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي فِي قَوْله: (فَمسح بِرَأْسِهِ) ، أَي: مرّة وَاحِدَة، وَالدَّلِيل عَلَيْهِ شَيْئَانِ. أَحدهمَا: أَنه نَص على الثَّلَاث وعَلى مرَّتَيْنِ فِي غَيره. وَالثَّانِي: أَنه صرح بالمرة فِي حَدِيث مُوسَى عَن وهيب، كَمَا يذكرهُ الْآن، وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ فِيمَا مضى. قَوْله: (وهيب) هُوَ ابْن خَالِد. قَوْله: (فَدَعَا بتور من مَاء) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (فَدَعَا بِمَاء) ، لم يذكر: التور. قَوْله: (فكفأه) أَي: أماله، وَفِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: (فاكفأه) ، بِزِيَادَة همزَة فِي أَوله، وَهَذِه كلهَا مَضَت فِي بَاب غسل الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ، والتفاوت بَينهمَا أَنه كرر لفظ: مرَّتَيْنِ، هَهُنَا وَزَاد: الْبَاء، فِي: مسح بِرَأْسِهِ. وَلَفظ: (ثمَّ ادخل يَده فِي الاناء) ، وَنقص لفظ: مرّة وَاحِدَة، مِنْهُ وَلَفظ: إِلَى الْكَعْبَيْنِ. وَقَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هَل فرق بَين تكْرَار لفظ: مرَّتَيْنِ، وَعَدَمه غير التَّأْكِيد؟ قلت: هَذَا نَص فِي غسل كل يَد مرَّتَيْنِ، وَذَلِكَ ظَاهر فِيهِ.

وحدّثنا مُوسَى قَالَ حدّثنا وُهَيْبٌ قَالَ مَسَحَ رَأسَهُ مَرَّةً.

مُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي؛ ووهب هُوَ ابْن خَالِد، وَتَقَدَّمت طَرِيق مُوسَى هَذَا فِي بَاب غسل الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَذكر فِيهَا أَنه مسح الراس مرّة وَاحِدَة. وَقَالَ ابْن بطال: قَالَ الشَّافِعِي: الْمسنون ثَلَاث مسحات، وَالْحجّة عَلَيْهِ أَن الْمسنون يحْتَاج إِلَى شرع، وَحَدِيث عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، وَإِن كَانَ فِيهِ: أَنه مسح بِرَأْسِهِ مرّة، وَهُوَ قَول الشَّافِعِي. وَقَالَ الْكرْمَانِي: الشَّرْع الَّذِي قَالَ الشَّافِعِي فِي مسنونية الثَّلَاث مَا روى أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) : أَنه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، مسح ثَلَاثًا، وَالْقِيَاس على سَائِر الْأَعْضَاء. قلت: روى أَبُو دَاوُد: حَدثنَا هَارُون بن عبد الله، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن آدم، قَالَ: حَدثنَا اسرائيل عَن عَامر عَن شَقِيق بن حَمْزَة عَن شَقِيق بن سَلمَة، قَالَ: (رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، غسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا، وَمسح رَأسه ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فعل هَذَا) . قلت: الْمَذْكُور من حَدِيث الْجَمَاعَة هُوَ مسح الراس مرّة وَاحِدَة، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد فِي (سنَنه) : أَحَادِيث عُثْمَان الصِّحَاح تدل على أَن مسح الرَّأْس مرّة، فَإِنَّهُم ذكرُوا الْوضُوء ثَلَاثًا

<<  <  ج: ص:  >  >>