للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨ - (بابٌ إِذا عَضَّ رَجُلاً فَوَقَعَتْ ثَناياهُ)

أَي: هَذَا بَاب فِيهِ إِذا عض رجل رجلا، والعض هُوَ الْقَبْض بالأسنان، يُقَال: عضه وعض بِهِ وعض عَلَيْهِ. قَوْله: فَوَقَعت ثناياه أَي: ثنايا العاض. وَهُوَ جمع ثنية وَهُوَ مقدم الْأَسْنَان، وَجَوَاب إِذا مَحْذُوف تَقْدِيره: هَل يلْزمه شَيْء أم لَا؟ وَاخْتلف الْعلمَاء فِيهِ فَقَالَت طَائِفَة: من عض يَد رجل فَانْتزع المعضوض يَده من فَم العاض فَقلع شَيْئا من أَسْنَان العاض فَلَا شَيْء عَلَيْهِ فِي السن، رُوِيَ هَذَا عَن أبي بكر الصّديق وَشُرَيْح، وَهُوَ قَول الْكُوفِيّين وَالشَّافِعِيّ، قَالُوا: وَلَو جرحه المعضوض فِي مَوضِع آخر فَعَلَيهِ ضَمَانه. وَقَالَ ابْن أبي ليلى وَمَالك: هُوَ ضَامِن لدية السن، وَقَالَ عُثْمَان البتي: إِن كَانَ انتزعها من ألم أَو وجع أَصَابَهُ فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَإِن انتزعها من غير ألم فَعَلَيهِ الدِّيَة، وَحَدِيث الْبَاب حجَّة الْأَوَّلين.

٦٨٩٢ - حدّثنا آدَمُ، حدّثنا شُعْبَةُ، حدّثنا قَتادَةُ قَالَ: سَمِعْتُ زُرارَةَ بن أوْفاى عنْ عِمْرانَ بنِ حَصَيْنٍ: أنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَنَزَعَ يَدَهُ مِن فَمِهِ فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتاهُ، فاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبيِّ فَقَالَ: يَعَضُّ أحَدُكُمْ أخاهُ كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ؟ لَا دِيَةَ لَكَ

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يُوضح مَا فِيهَا من الْإِبْهَام.

وزرارة بِضَم الزَّاي وَتَخْفِيف الرَّاء الأولى ابْن أوفى بِالْفَاءِ من الْوَفَاء أَبُو حَاجِب العامري قَاضِي الْبَصْرَة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْحُدُود عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الدِّيات عَن عَليّ بن حشرم. وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْقصاص عَن ابْن بشار وَابْن الْمثنى وَغَيرهمَا. وَأخرجه ابْن مَاجَه فِي الدِّيات عَن عَليّ بن مُحَمَّد.

قَوْله: أَن رجلا عض يَد رجل كِلَاهُمَا هُنَا مبهمان، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم بِهَذَا السَّنَد عَن عمرَان قَالَ: قَاتل يعلى بن أُميَّة رجلا فعض أَحدهمَا صَاحبه ... الحَدِيث وَيُسْتَفَاد مِنْهُ تعْيين أحد المبهمين، وَأَنه يعلى بن أُميَّة، وَلَكِن لم يُمَيّز العاض من المعضوض. وَوَقع فِي صَحِيح مُسلم فِي حَدِيث عمرَان قَالَ: قَاتل يعلى بن منية أَو ابْن أُميَّة رجلا فعض أَحدهمَا صَاحبه، وَوَقع أَيْضا فِيهِ وَفِي البُخَارِيّ من حَدِيث يعلى بن أُميَّة. قَالَ كَانَ لي أجِير فقاتل إنْسَانا فعض أَحدهمَا يَد الآخر، قَالَ: لقد أَخْبرنِي صَفْوَان أَيهمَا عض الآخر فَنسيته، وَلمُسلم من رِوَايَة صَفْوَان بن يعلى أَن أَجِيرا ليعلى بن أُميَّة عض رجل ذراعه فجذبها. انْتهى فَتعين من هَذَا أَن يعلى هُوَ العاض وَلَا يُنَافِيهِ قَوْله فِي الصَّحِيحَيْنِ كَانَ لي أجِير فقاتل إنْسَانا، لِأَنَّهُ يجوز أَن يكنى عَن نَفسه وَلَا يبين للسامعين أَنه العاض، كَمَا قَالَت عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: قبَّل النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، امْرَأَة من نِسَائِهِ، فَقَالَ لَهَا الرَّاوِي: وَمن هِيَ إلَاّ أَنْت؟ فَضَحكت. وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم قَالَ الْحفاظ: الصَّحِيح الْمَعْرُوف أَن المعضوض هُوَ أجِير يعلى لَا يعلى، قَالَ: وَيحْتَمل أَنَّهُمَا قضيتان جرتا ليعلى وأجيره فِي وَقت أَو وَقْتَيْنِ، وَقَالَ شَيخنَا زين الدّين فِي شرح التِّرْمِذِيّ لَيْسَ فِي شَيْء من طرق مُسلم أَن يعلى هُوَ المعضوض، بل وَلَا فِي شَيْء من الْكتب السِّتَّة، وَالَّذِي عِنْد مُسلم: أَن أجِير يعلى هُوَ المعضوض وَيتَعَيَّن أَن يعلى هُوَ العاض، وَالله أعلم. قَوْله: فَنزع يَده من فَمه هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني: من فَمه، وَفِي رِوَايَة غَيره: من فِيهِ. قَوْله: فَوَقَعت ثنيتاه كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، ثنيتاه، بالتثنية وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ثناياه بِصِيغَة الْجمع وَوَقع فِي رِوَايَة هِشَام عَن قَتَادَة: فَسَقَطت ثنيته، بِالْإِفْرَادِ، وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ: فندرت ثنيته، والتوفيق بَين هَذِه الرِّوَايَات أَن الِاثْنَيْنِ يُطلق عَلَيْهِمَا صِيغَة الْجمع وَأَن رِوَايَة الْإِفْرَاد على إِرَادَة الْجِنْس، كَذَا قيل، وَلَكِن يُعَكر عَلَيْهِ رِوَايَة مُحَمَّد بن عَليّ: فَانْتزع إِحْدَى ثنيتيه، فعلى هَذَا يحمل على التَّعَدُّد. قَوْله: كَمَا يعَض الْفَحْل هُوَ الذّكر من الْحَيَوَان. قَوْله: لَا دِيَة لَك هَكَذَا رِوَايَة الْكشميهني: لَا دِيَة لَك وَفِي رِوَايَة غَيره: لَا دِيَة لَهُ، وَفِي رِوَايَة هِشَام: فأبطله، وَقَالَ: أردْت أَن تَأْكُل لَحْمه؟ .

٦٨٩٣ - حدّثنا أبُو عَاصِمِ، عنِ ابنِ جُرَيْجٍ، عنْ عَطاءٍ، عنْ صَفْوانَ بنِ يَعْلَى، عنْ أبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ فِي غَزْوَةٍ فَعَضَّ رَجُلٌ فانْتَزَعَ ثَنِيَّتَهُ، فأبْطَلَها النبيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>